59
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

الحديث الخامس‏

۰.روى في الكافي عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ العُبَيْدِي‏۱، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا عليهما السلام، قَالَ: قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَدَعِ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ، وَ لَوْ لَا ذلِكَ لَمْ يُعْرَفِ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ».

هديّة:

أي بغير عالِم بجميع ما يحتاج إليه الناس في دين اللَّه تعالى. وبعبارة اُخرى بغير إمام عاقل عن اللَّه بعصمته .
(لم يعرف الحقّ من الباطل) أي فيما اختلفت فيه العقول؛ فبرهان على امتناع خلوّ الأرض من عالم كذا، إذ الخلّو يستلزم انتفاء المعرفة المقصودة من الخلق والإيجاد. وإذا قصد ب «الحقّ» المعبود بالحقّ وب «الباطل» المطاع بالباطل ، فناظرٌ إلى قوله تعالى في سورة الحجّ: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ»۲.
والخبر ردّ - كنظائره - على القائلين باستقلال العقل في المعرفة والحكم بالحسن والقبح ، وحصول المعرفة بمجرّد الرياضة كالبراهمة والقدريّة.

الحديث السادس‏

۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ الْأَرْضَ بِغَيْرِ إِمَامٍ عَادِلٍ».

هديّة:

يعني من أن يُعذِّب أهلَ الأرض من دون‏۳ أن تقوم له حجّة عليهم فيما اختلفت فيه عقولُهم. وفي الخبر دلالة على أنّ هذا اللطف إنّما هو مقتضى تلك العظمة

1.في الكافي المطبوع: «عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى».

2.الحج (۲۲): ۶۲.

3.في «الف» : «غير» .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
58

وقال برهان الفضلاء هنا على خلاف ما قال في سابقه :
الاستثناء مفرّغ، والواو للحال، وتعريف الحجّة للعهد الذهني، فالجملة بعدها نعتها ، والإخبار عن المستقبل بلفظ الماضي للدلالة على تحقّق الوقوع.
ثمّ قال:
يعني لا تزول الأرض عن استقرارها على حال إلّا على حالٍ يكون فيها إمامٌ مفترض الطاعة ، يعرّف جميع الحلال والحرام، ويدعو الناس في قيامه على الأمر.
قال:
«وما زالت» إشارة إلى قوله تعالى في سورة الفاطر: «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً»۱.
و(يَعْرِف) على المعلوم من المجرّد، ويحتمل المعلوم من التفعيل. والأوّل أولى؛ لما لا يخفى من التعريض.

الحديث الرابع‏

۰.روى في الكافي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟ قَالَ:«لَا».

هديّة:

يعني هل تبقى مقرّاً للناس؟ فأجاب عليه السلام بقوله: (لا) لمكان زلزلة الساعة عند ذلك ؛ أو «الأرض» عبارة عن الدنيا، ولا خلاف في ذلك عندنا، فلما صحّ بقاء الدنيا وطائفة من الناس بعد القائم عليه السلام أربعين يوماً كما هو المشهور بين الناس أيضاً . فوجه عدم المنافاة أنّ معنى الحديث الآتي في الباب التالي أنّ آخر من يموت قبل قيام الساعة بمقدّماتها من الصيحة والزلزلة وغيرهما من العلامات هو الإمام، أو أنّ آخر من يموت بغير غضب من اللَّه، أو أنّ آخر من يموت من حجج اللَّه تعالى هو القائم عليه السلام.

1.فاطر (۳۵): ۴۱.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 148088
صفحه از 592
پرینت  ارسال به