71
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

(ومُوالاة عليّ عليه السلام) أي التصديق والرِّضا بإمامته وولايته بعد ولاية اللَّه وولاية رسوله صلى اللَّه عليه وآله كما في آية الولاية۱، وكذا موالاة الأئمّة من ولده وعترة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله «ذُرِّيَّةَ بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ»۲ .
(والبراءة إلى اللَّه من عدوّهم) أي المفارقة منهم قلباً ولساناً وإطاعةً ، تقرّباً إلى اللَّه ، ميلاً من باطلهم إلى الحقّ الذي أقامه اللَّه تعالى بلطفه وحججه المعصومين المعروفين حسباً ونسباً .
واعتبار معرفة الإمامة فيما لا يتمّ العبادة إلّا به، فلأنّ عدم المعرفة باستناد الحكم إلى اللَّه تعالى يستلزم أن لا يكون العبادةُ عبادةً له تعالى، ولا يصحّ طريق العبادة إلّا بالأخذ عن الحجّة ، لما ثبت بالبراهين القاطعة مفصّلاً.
فسَلْ القدريّ القائل بأنّ دعوى مثل الحلّاج والبسطامي والبغدادي حقٌّ ، هل أنت - كما تدّعي - من أهل المعرفة بتصديق اللَّه والنبيّ صلى اللَّه عليه وآله في كلّ ما جاء به وكذا الأئمّة عليهم السلام والتبرّي من أعدائهم، أو من الضالّين والمغضوب عليهم بالتصديق لأعداء اللَّه كما تُصرّ فيه؟ فما أسخفَ تصديقَ القائل بمقالة فرعون مع تصديق الشارع العاقل عن العدل الحكيم المدبّر لمثل هذا النظام العظيم .
هل يليق بعظمته سبحانه الأمر بذكره بقول «سبحان اللَّه» ثمّ الأمر بارتداد من هو وليّه والحكمُ بقتله والنصّ بلعنه والإخبار بكونه مخلّداً في النار؟! أم يجوز في حكمته المتقنة إرسالُ الحجج للأنام بذلك الشأن والاهتمام بتلك الآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة، ثمّ الأمر ظاهراً في دينه المبين وشرعه المتين بالتبرّي عمّن هو وليّه سرّاً؟! لا واللَّه، لا يليق ، لا يجوز ، سخيفٌ سخيفٌ، وأسخف من أن يُقال سخيف . ألا لعنة اللَّه على القوم الظالمين، وصلّى اللَّه على محمّد وآله المعصومين، والحمد للَّه ربّ العالمين «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى»۳.

1.المائدة (۵) : ۵۵ .

2.آل عمران (۳): ۳۴.

3.البقرة (۲): ۲۵۶.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
70

من الناسخ والمنسوخ والعامّ والخاصّ والتفسير والتأويل والمحكم والمتشابه والنصّ والظاهر وغير ذلك، وهو خاصّ بالإمام عليه السلام.
قلنا: يكفي دفعاً للحرج ولئلّا يكون للناس على اللَّه حجّة أن يعمل في زمن الغيبة أو تعذّر الوصول إلى العلم بوجه من الحكم ، حيث لا يكون خلافه معلوماً، فالعلم بمحكم - مثلاً - ظنّاً مع عدم العلم بأنّه متشابه يلزمه في زمن الغيبة، لما عرفت أن يكون مناطَ العمل كما هو المشهور وهو المتداول في فقهائنا الإماميّة رضوان اللَّه عليهم، لكن بعد بذل الجُهْد بقدر الوسع مع الفضل الممتاز وخلوص الإيمان .
والحديث المشهور - في رخصة بعض الشيعة أن يكون حكماً بينهم بما علّم الإمام عليه السلام من وجوه علاج الاختلاف في زمن عدم إمكان الوصول إليه عليه السلام من دلائل جواز العمل بالظنّ المتآخم من الموصوف بما هو المعتبر في الحكم بالظنّ من الإيمان والفضل الممتاز. وسيجي‏ء تمام الكلام في بيان الحديث السابع من هذا الباب إن شاء اللَّه تعالى.
نعم، يشكل على القول ببطلان العمل بالظنّ.
وبرهان الفضلاء كالفاضل الاسترآبادي - صاحب الفوائد المدنية - مصرّ مبالغ في هذا القول حتّى أنّهما التزما في شرح الأحاديث ذِكْرَه ولو بتمحّلات بعيدة للتناسب في المقام.
(هكذا ضلالاً) إشارة إلى عبادات المخالفين وبِدَعِهم ، والقدريّة وسيرهم برسومهم المبتدعة ، وطرقهم المخترعة ، وغيرهما من الاثنين والسبعين من هذه الاُمّة.
وقال السيّد الأجلّ النائيني ميرزا رفيعا: أي إنّما يعبده عبادةً من غير معرفة ضلالاً ؛ لأنّ العبادة لا لمعرفةٍ۱ باللَّه ، لم يكن عبادةً له حقيقةً، ويكون التعبّد به ضلالاً.۲
وقال برهان الفضلاء : «هكذا» إشارة بتغميض العينين إلى العمى. واحتمل «ضُلّالاً» بالضمّ والتشديد، جمع الضّالّ، فالتعدّد باعتبار المعنى، ثمّ احتمل «صَلاَلاً» بالمهملة كسحاب، وهو الماء الآجن.

1.في المصدر: «لا بمعرفة».

2.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۵۴۹ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 152547
صفحه از 592
پرینت  ارسال به