وقال برهان الفضلاء: «كيف يعرف» ردٌّ على من يدّعي معرفة إمام الزمان مع عدم عرضه المختلف فيه عليه ، وعدم توقّفه في العمل بظنّه فيه، وحمل «الآخر» على إمام الزمان، و«الأوّل» على ربوبيّة اللَّه سبحانه. قال: يعني كيف يعرف العامل بظنّه - وهو شَرِكَ غير اللَّه معه في الحكم - إمام زمانه وهو جاهل بربوبيّة ربّ العالمين؟
أقول: ما حرّرناه آنفاً في المقام يكفيك لتحقيق المرام، فحمل الظنّ الممنوع في بياناته بتمام الاهتمام على الرأي والقياس في الأحكام ، كما هو دأب عامّة العوام أولى، وقوله تعالى في سورة الحجرات: «إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ»۱ ظاهر في عدم كلّية المنع ، والظنّ بما هو الأحوط حسن.
الحديث الثالث
۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ، عَنْ السرّاد۲، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ: لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أَخْبِرْنِي عَنْ مَعْرِفَةِ الْإِمَامِ مِنْكُمْ وَاجِبَةٌ عَلى جَمِيعِ الْخَلْقِ؟
فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ تَعَالى۳ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى اللَّه عليه وآله إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ رَسُولًا وَ حُجَّةً لِلَّهِ عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ، فَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، وَ اتَّبَعَهُ، وَ صَدَّقَهُ، فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ مِنَّا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ؛ وَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ۴، وَ لَمْ يَتَّبِعْهُ وَ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَ يَعْرِفْ۵حَقَّهُمَا، فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْإِمَامِ وَ هُوَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ يَعْرِفُ۶حَقَّهُمَا؟!»
قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ يُصَدِّقُ رَسُولَهُ فِي جَمِيعِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ؟ أَيَجِبُ عَلىأُولئِكَ حَقُّ مَعْرِفَتِكُمْ؟
1.الحجرات (۴۹): ۱۲.
2.في الكافي المطبوع: «عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب».
3.في الكافي المطبوع : «عزّوجلّ» .
4.في الكافي المطبوع : «وبرسوله» .
5.في حاشية «الف» : «ولم يعرف» .