73
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

وقال برهان الفضلاء: «كيف يعرف» ردٌّ على من يدّعي معرفة إمام الزمان مع عدم عرضه المختلف فيه عليه ، وعدم توقّفه في العمل بظنّه فيه، وحمل «الآخر» على إمام الزمان، و«الأوّل» على ربوبيّة اللَّه سبحانه. قال: يعني كيف يعرف العامل بظنّه - وهو شَرِكَ غير اللَّه معه في الحكم - إمام زمانه وهو جاهل بربوبيّة ربّ العالمين؟
أقول: ما حرّرناه آنفاً في المقام يكفيك لتحقيق المرام، فحمل الظنّ الممنوع في بياناته بتمام الاهتمام على الرأي والقياس في الأحكام ، كما هو دأب عامّة العوام أولى، وقوله تعالى في سورة الحجرات: «إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ»۱ ظاهر في عدم كلّية المنع ، والظنّ بما هو الأحوط حسن.

الحديث الثالث‏

۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ، عَنْ السرّاد۲، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ: لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أَخْبِرْنِي عَنْ مَعْرِفَةِ الْإِمَامِ مِنْكُمْ وَاجِبَةٌ عَلى‏ جَمِيعِ الْخَلْقِ؟
فَقَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ تَعَالى‏۳ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى اللَّه عليه وآله إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ رَسُولًا وَ حُجَّةً لِلَّهِ عَلى‏ جَمِيعِ خَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ، فَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، وَ اتَّبَعَهُ، وَ صَدَّقَهُ، فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ مِنَّا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ؛ وَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ‏۴، وَ لَمْ يَتَّبِعْهُ وَ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَ يَعْرِفْ‏۵حَقَّهُمَا، فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْإِمَامِ وَ هُوَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ يَعْرِفُ‏۶حَقَّهُمَا؟!»
قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ يُصَدِّقُ رَسُولَهُ فِي جَمِيعِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ؟ أَيَجِبُ عَلى‏أُولئِكَ حَقُّ مَعْرِفَتِكُمْ؟

1.الحجرات (۴۹): ۱۲.

2.في الكافي المطبوع: «عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب».

3.في الكافي المطبوع : «عزّوجلّ» .

4.في الكافي المطبوع : «وبرسوله» .

5.في حاشية «الف» : «ولم يعرف» .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
72

الحديث الثاني‏

۰.روى في الكافي عَنْ الاثنين، عَنْ الوشّاء۱، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عليهما السلام أَنَّهُ قَالَ:«لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِناً حَتّى‏ يَعْرِفَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الْأَئِمَّةَ كُلَّهُمْ وَ إِمَامَ زَمَانِهِ، وَ يَرُدَّ إِلَيْهِ، وَ يُسَلِّمَ لَهُ». ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ يَعْرِفُ الْآخِرَ وَ هُوَ يَجْهَلُ الْأَوَّلَ؟!».

هديّة:

(مؤمناً) أي متّصفاً بالإيمان الذي هو مناط النجاة من النار والخلود في الجنّة .
(حتّى يَعرِفَ اللَّه) يعني بما عرّفه اللَّه حججه .
(ورسولَه والأئمّةَ) أي بما عرّفوا عليهم السلام أنفسهم. وهذا مراد من قال : يعني يعرف اللَّه بالربوبيّة ، والرسول والأئمّة بالرسالة والإمامة.
(ويَرُدَّ إليه) بيان لوجه الاحتياج إلى معرفة إمام زمانه التي لا تحصل إلّا بمعرفة النصّ من الإمام السابق عليه، فدلالةٌ على وجوب معرفة كلّهم بوجوب معرفة إمام زمانه. وأمّا وجوب معرفة إمام الزمان لتحقّق الإيمان فبقوله صلى اللَّه عليه وآله: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة».۲(كيف يَعرِف) استئناف بياني لبيان وجوب معرفة الجميع ، ووجهه أيضاً لأنّ معرفة كلّ لاحقٍ موقوفة على معرفة السابق ونصّه عليه؛ أو تعريض بالقائل بإمامة بعض الأئمّة عليهم السلام دون بعضٍ بالإيماء إلى علّة كفره، فالمعنى كيف يَعرِف إمام زمانه وهو يجهل أمير المؤمنين عليه السلام ، مع قوله بإمامته بعدم تصديقه بأنّه وليّ اللَّه بالنصّ، ووصيّ رسوله بغير الفصل، وأنّه لابدّ للدِّين من مثله في العلم والحكمة والعدل والعصمة إلى يوم القيامة؟

1.في الكافي المطبوع: «الحسين، عن معلّى، عن الحسن بن عليّ».

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۳۷۶ ، باب من مات و ليس له إمام من أئمّة الهدى ، ح ۲ و ۳، و في الطبعة الجديدة، ج ۲ ، ص ۲۶۴ - ۲۶۵، ح ۹۷۹ و ۹۸۰ ؛ تفسير العيّاشي ، ج ۲ ، ص ۲۵۲ ، ح ۱۷۵ ؛ و ج ۲ ، ص ۳۰۳ ، ح ۱۱۹ ؛ ثواب الأعمال ، ص ۲۰۵ ، ح ۱ ؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۵۸ ، ح ۲۱۴ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 152505
صفحه از 592
پرینت  ارسال به