قَالَ: «نَعَمْ، أَ لَيْسَ هؤُلَاءِ يَعْرِفُونَ فُلَاناً وَ فُلَاناً؟» قُلْتُ: بَلى، قَالَ: «أَ تَرى أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ مَعْرِفَةَ هؤُلَاءِ؟ وَ اللَّهِ، مَا أَوْقَعَ ذلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا الشَّيْطَانُ ، لَا وَاللَّهِ، مَا أَلْهَمَ الْمُؤْمِنِينَ حَقَّنَا إِلَّا اللَّهُ۱».
هديّة:
(ويَعرِف حقَّهما) في الموضعين على النفي بتقدير «لم» و«لا» عطفاً على المنفي، وفي بعض النسخ - كما ضبط برهان الفضلاء - بإثبات أداة النفي فيهما.
والغرض في السؤال الأوّل الاستفسار عن حال المخالف بأنّه هل هو مؤمن بتصديق اللَّه ورسوله صلى اللَّه عليه وآله، أم كافر بترك الولاية ، لتركه ضروريّاً من ضروريّات الدِّين؟
وحاصل الجواب: أنّه كافر ؛ لأنّ الإيمان إنّما هو تصديق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في كلّ ما جاء به، ومنه الولاية، فيجب لتحقّق الإيمان تحقّق الإيمان بالولاية أيضاً، ومن لم يؤمن بجميع ما جاء من عند اللَّه تعالى فهو كافر ، والكافر لا يجب عليه معرفة الإمام قبل معرفة الرسول ، وبأمره ونصّه بإذن اللَّه بوجوب ولايته تجب معرفته.
وقال بعض المعاصرين:
في هذا الحديث دلالة على أنّ الكفّار ليسوا مكلّفين بشرائع الإسلام - كما هو الحقّ - خلافاً لما اشتهر بين متأخّري أصحابنا.۲
أقول: ليس معنى قول المتقدّمين : «إلّا أنّ الكفّار ليسوا مكلّفين بشرائع الإسلام» قبل الإسلام، بل هم مكلّفون بالإسلام وشرائعه وإن كان وجوب العمل بعد وجوب الإيمان ، كالإيمان بالرسالة والولاية، وقد عرفت نصّه عليه السلام بوجوب التصديق بكلّ ما جاء من عند اللَّه ومنه الولاية، مع أنّ وجوب معرفة الإمام بعد وجوب معرفة الرسول صلى اللَّه عليه وآله، فنقل المُجمَع عليه بصورة المختَلَف فيه من سوء فهم الناقل.
وقال برهان الفضلاء:
حاصل الجواب الأوّل أنّ عموم وجوب المعرفة لا يتفاوت في معرفة الإمام والرسالة،