75
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

ولعلّ هذا الإجمال يفصّله ما حرّرناه في بيان الجواب والسؤال.
وقال السيّد الأجلّ النائيني ميرزا رفيعا:
هذا الجواب استدلالٌ على وجوب معرفة الإمام على المسلمين دون غيرهم ، بأنّ من لم يؤمن باللَّه ورسوله ولم يصدّق باللَّه ورسوله، لم يكن معرفة الإمام مطلوبة منه؛ لأنّ معرفة الإمام للتعريف وتبيين ما جاء به الرسول لمصدّقه وردّه إليه ، والتسليم والانقياد له ، واجتماعِ كلمة المسلمين وكونهم جماعةً ليظهروا باجتماعهم واتّفاق كلمتهم على غيرهم، فلم تكن مطلوبةً من غيرهم. فلعلّ المراد أنّ معرفة الإمام مطلوبة لا لذاتها ، بل لحفظ الشريعة والاقتداء به فيها، فوجوبها بالحقيقة على المؤمن باللَّه ورسوله؛ فإنّ المطلوب من غير المؤمن أن يؤمن باللَّه ورسوله ، ثمّ إذا أسلم فعليه أن يعرف الإمام ويطيعه. انتهى.۱
فلا يذهب عليك التفاوت في الأقوال بتفاوت تحرير المقال.
والغرض في السؤال الثاني تكرار الأوّل ؛ لجمعيّة الخاطر باتّصاف المخالف بالكفر كالكافر، وإن كان مقرّاً بجميع ما أنزل سوى الولاية.
وحاصل الجواب : زيادة التثبيت بزيادة التفصيل وبيان سرّ ذلك؛ يعني كما أنّ الإيمان بجميع ما أنزل اللَّه لا يتمّ إلّا بالإيمان بالولاية ، كذلك لا يتمّ إلّا بالتبرّي عن منكرها، وهو جزء الإيمان بالولاية، كما أنّه جزء الإيمان بجميع ما أنزل اللَّه. والسرّ في أنّ المؤمن بجميع ما أنزل اللَّه سوى الموالاة والتبرّي ليس بمؤمن البتّة ، بل كافر قطعاً، «أنّ السعيد سعيد في بطن اُمّه، والشقيّ شقيّ في بطن اُمّه»۲فالإيمان الذي لا يطابق الإيمان يوم أخذ الميثاق بالولاية والتبرّي إنّما هو من الشيطان ، فكفر وضلالة ، لا إسلام ولا إيمان، والإيمان موهبة أزليّة لا يتغيّر أبداً كما يتغيّر المستودع، مع أنّه جامع لأجزائه

1.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۵۵۱ .

2.تفسير القمّي ، ج‏۱، ص ۲۲۷ ؛ التوحيد ، ص ۳۵۶ ، باب السعادة والشقاوة ، ح ۳ ؛ الزهد ، ص ۱۴ ، باب الأدب والحثّ على الخير ، ح ۲۸ .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
74

قَالَ: «نَعَمْ، أَ لَيْسَ هؤُلَاءِ يَعْرِفُونَ فُلَاناً وَ فُلَاناً؟» قُلْتُ: بَلى‏، قَالَ: «أَ تَرى‏ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ مَعْرِفَةَ هؤُلَاءِ؟ وَ اللَّهِ، مَا أَوْقَعَ ذلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا الشَّيْطَانُ ، لَا وَاللَّهِ، مَا أَلْهَمَ الْمُؤْمِنِينَ حَقَّنَا إِلَّا اللَّهُ‏۱».

هديّة:

(ويَعرِف حقَّهما) في الموضعين على النفي بتقدير «لم» و«لا» عطفاً على المنفي، وفي بعض النسخ - كما ضبط برهان الفضلاء - بإثبات أداة النفي فيهما.
والغرض في السؤال الأوّل الاستفسار عن حال المخالف بأنّه هل هو مؤمن بتصديق اللَّه ورسوله صلى اللَّه عليه وآله، أم كافر بترك الولاية ، لتركه ضروريّاً من ضروريّات الدِّين؟
وحاصل الجواب: أنّه كافر ؛ لأنّ الإيمان إنّما هو تصديق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في كلّ ما جاء به، ومنه الولاية، فيجب لتحقّق الإيمان تحقّق الإيمان بالولاية أيضاً، ومن لم يؤمن بجميع ما جاء من عند اللَّه تعالى فهو كافر ، والكافر لا يجب عليه معرفة الإمام قبل معرفة الرسول ، وبأمره ونصّه بإذن اللَّه بوجوب ولايته تجب معرفته.
وقال بعض المعاصرين:
في هذا الحديث دلالة على أنّ الكفّار ليسوا مكلّفين بشرائع الإسلام - كما هو الحقّ - خلافاً لما اشتهر بين متأخّري أصحابنا.۲
أقول: ليس معنى قول المتقدّمين : «إلّا أنّ الكفّار ليسوا مكلّفين بشرائع الإسلام» قبل الإسلام، بل هم مكلّفون بالإسلام وشرائعه وإن كان وجوب العمل بعد وجوب الإيمان ، كالإيمان بالرسالة والولاية، وقد عرفت نصّه عليه السلام بوجوب التصديق بكلّ ما جاء من عند اللَّه ومنه الولاية، مع أنّ وجوب معرفة الإمام بعد وجوب معرفة الرسول صلى اللَّه عليه وآله، فنقل المُجمَع عليه بصورة المختَلَف فيه من سوء فهم الناقل.
وقال برهان الفضلاء:
حاصل الجواب الأوّل أنّ عموم وجوب المعرفة لا يتفاوت في معرفة الإمام والرسالة،

1.في الكافي المطبوع : + «عزّوجلّ» .

2.الوافي ، ج ۲ ، ص ۸۲ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 152493
صفحه از 592
پرینت  ارسال به