87
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

فَإنّك‏۱ تَائِهَةٌ مُتَحَيِّرَةٌ عَنْ رَاعِيكِ وَ قَطِيعِكِ، فَهَجَمَتْ ذَعِرَةً مُتَحَيِّرَةً نَادَّةً۲ لَا رَاعِيَ لَهَا يُرْشِدُهَا إِلى‏ مَرْعَاهَا أَوْ يَرُدُّهَا، فَبَيْنَا هِيَ كَذلِكَ إِذَا اغْتَنَمَ الذِّئْبُ ضَيْعَتَهَا، فَأَكَلَهَا .
وَ كَذلِكَ وَ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَصْبَحَ مِنْ هذِهِ الْأُمَّةِ لَا إِمَامَ لَهُ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَ جَلَّ - ظَاهِرٌ عَادِلٌ، أَصْبَحَ ضَالًّا تَائِهاً، وَ إِنْ مَاتَ عَلى‏ هذِهِ الْحَالَةِ، مَاتَ مِيتَةَ كُفْرٍ وَ نِفَاقٍ.
وَ اعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ أَئِمَّةَ الْجَوْرِ وَ أَتْبَاعَهُمْ لَمَعْزُولُونَ عَنْ دِينِ اللَّهِ، قَدْ ضَلُّوا وَ أَضَلُّوا؛ فَأَعْمَالُهُمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا «كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِى يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى‏ شَىْ‏ءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ»۳» .

هديّة:

«جهد نفسه» كمنع: أتعبها ، كأجهدها.
«شانئ المرء» : عدوّه ومبغضه.
«هجمت» كنصر : اضطربت ، من الهجوم ، وهو الدخول على الشي‏ء بغتةً، والانهدام دفعة. ضبطه برهان الفضلاء على البناء للفاعل ، بمعنى اضطربت، وقيل: الأنسب على المعنى الأوّل بنائه للمفعول بمعنى المهجوم عليها من جهة الاضطراب ، ولم يُسمع .
«جَنَّه» كمدّ : ستره ، كأجنّه، وكذا جنّ عليه وأجنّ عليه ، بمعنى دخل عليه وستره .
(مع راعيها) في أكثر النسخ ، وفي بعضها : «مع غير راعيها» أي مع راعٍ غير راعيها.
(فلمّا أَنْ ساق) بفتح الهمزة وسكون النون ، زيدت لتأكيد اتّصال الإنكار بالسوق.
(حنّت) بتشديد النون كفرّ : اشتاقت. و«الربض» بالتحريك وكمجلس بمعنى.
و«الذَّعْر» بفتح الذال المعجمة وسكون العين المهملة : الخوف ، وهو ذَعِر كصعق.
(نادّة) : شاردة نافرة .
(إذا اغتنم) للمفاجأة ، ويجوز بدون الألف أيضاً للمفاجأة ، كما هو الأكثر بعد «بينا» و«بينما».

1.في الكافي المطبوع : «فأنت» .

2.في الكافي المطبوع : «تائهة» .

3.إبراهيم (۱۴): ۱۸.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
86

فالعلم الحاصل في زمن الغيبة من وجوه التعليم مع ثبوت الاختلاف فيها ليس إلّا ظنّاً متآخماً من العلم ، شبيهاً به جدّاً ، كأنّه هو كعلم غير المعصوم بمحكمات الكتاب والسنّة - على ما عرفت في أوّل الباب - فلا يرد أنّ علاج الاختلاف بوجوه التعليم شاملٌ للاختلاف فيها أيضاً، ولا أنّ محكمات الكتاب والسنّة تكفي للحكم بالعلم.
نعم، لا شكّ أنّ التوقّف في المختلف فيه إن أمكن ولم يلزم منه حرجٌ أولى وأسلم ، وكون عدمِ التوقّف في الحكم مع عدم تقاعد الحكّام عنه موجباً لعدم ظهور الإمام عليه السلام لا يمنع لزومَ الحرج ، وهو منفيّ بالنصّ عموماً ، من غير فرق بين أن يكون لزومه من جانبهم أو من جانب اللَّه، والمخاطب كلّ أحد بخصوصه، «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»۱، مع أنّ حكمة الغيبة كحكمة تعيين وقت الظهور في علمه تعالى ليست مجرّدَ خوف الإمام وعدمَ إطاعة الرعيّة له عليه السلام، فعموم نفي الحرج باقٍ إلى يوم القيام، كهذه المباحثة إلى ظهور الإمام عليه السلام.

الحديث الثامن‏

۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ۲، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ:«كُلُّ مَنْ دَانَ اللَّه بِعِبَادَةٍ يُجْهِدُ فِيهَا نَفْسَهُ وَ لَا إِمَامَ لَهُ مِنَ اللَّهِ، فَسَعْيُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ ، وَ هُوَ ضَالٌّ مُتَحَيِّرٌ، وَ اللَّهُ شَانِئٌ لِأَعْمَالِهِ، وَ مَثَلُهُ كَمَثَلِ شَاةٍ ضَلَّتْ عَنْ رَاعِيهَا وَ قَطِيعِهَا، فَهَجَمَتْ ذَاهِبَةً وَ جَائِيَةً يَوْمَهَا، فَلَمَّا جَنَّهَا اللَّيْلُ، بَصُرَتْ بِقَطِيعِ غَنَمٍ مَعَ غير۳ رَاعِيهَا ، فَحَنَّتْ إِلَيْهَا وَ اغْتَرَّتْ بِهَا، وَبَاتَتْ‏۴ مَعَهَا فِي مَرْبِضِهَا، فَلَمَّا أَنْ سَاقَ الرَّاعِي قَطِيعَهُ ، أَنْكَرَتْ رَاعِيَهَا وَ قَطِيعَهَا، فَهَجَمَتْ مُتَحَيِّرَةً تَطْلُبُ رَاعِيَهَا وَ قَطِيعَهَا، فَبَصُرَتْ بِغَنَمٍ مَعَ رَاعِيهَا ، فَحَنَّتْ إِلَيْهَا وَ اغْتَرَّتْ بِهَا، فَصَاحَ بِهَا الرَّاعِي: الْحَقِي بِرَاعِيكِ وَ قَطِيعِكِ؛

1.الأنعام (۶): ۱۶۴.

2.في الكافي المطبوع: «محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين».

3.في الكافي المطبوع : - «غير» .

4.في الكافي المطبوع : «فباتت» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 122703
صفحه از 592
پرینت  ارسال به