ومَنارِ مَحَجَّتِكُم .
ألا ساءَ ما قَدَّمَت لَكُم أنفُسُكُم ، وساءَ ما تَزِرونَ لِيَومِ بَعثِكُم . فَتَعساً تَعساً ! ونُكساً نُكساً ! لَقَد خابَ السَّعيُ ، وتَبَّتِ الأَيدي ، وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ ، وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ، وضُرِبَت عَلَيكُم الذِّلَّةُ وَالمَسكَنَةُ .
أتَدرونَ وَيلَكُم أيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله فَرَثتُم۱ ؟ ! وأيَّ عَهدٍ نَكَثتُم ؟ ! وأيَّ كَريمَةٍ لَهُ أبرَزتُم ؟ ! وأيَّ حُرمَةٍ لَهُ هَتَكتُم ؟ ! وأيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكتُم ؟ ! «لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَ تُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا» .۲!
لَقَد جِئتُم بِها شَوهاءَ صَلعاءَ۳ ، عَنقاءَ۴ ، سَوداءَ ، فَقماءَ۵ ، خَرقاءَ ، طِلاعَ الأَرضِ وَالسَّماءِ . أفَعَجِبتُم أن تَمطُرَ السَّماءُ دَماً ، «وَ لَعَذَابُ الْأَخِرَةِ أَخْزَى وَ هُمْ لَا يُنصَرُونَ»۶ فَلا يَستَخِفَّنَّكُمُ المَهَلُ ، فَإِنَّهُ عَزَّ وجَلَّ لا يُخفِرُهُ البِدارُ ولا يُخشى عَلَيهِ فَوتُ الثّارِ ، كَلّا إنَّ رَبَّكَ لَنا ولَهُم لَبِالمِرصادِ .
ثُمَّ أنشَأَت تَقولُ عليها السلام :
ماذا تَقولونَ إذ قالَ النَّبِيُّ لَكُمماذا صَنَعتُم وأنتُم آخِرُ الاُمَمِ
بِأَهلِ بَيتي وأولادي وتَكرِمَتيمِنهُم اُسارى ومِنهُم ضُرِّجوا بِدَمِ
ماكانَ ذاكَ جَزائي إذ نَصَحتُ لَكُمأن تَخلُفوني بِسوءٍ في ذَوي رَحِمي
إنِّي لَأَخشى عَلَيكُم أن يَحِلَّ بِكُممِثلُ العَذابِ الَّذي أودى عَلى إرَمِ
ثُمَّ وَلَّت عَنهُم .
قالَ حِذيَمٌ : فَرَأَيتُ النّاسَ حَيارى قَد رَدّوا أيدِيَهُم في أفواهِهِم ، فَالتَفَتُّ إلى شَيخٍ إلى جانِبي يَبكي وقَدِ اخضَلَّتِ لِحيَتُهُ بِالبُكاءِ ، ويَدُهُ مَرفوعَةٌ إلَى السَّماءِ ، وهُوَ يَقولُ : بِأَبي واُمّي كُهولُكُم
1.الفرث : تفتيت الكبد بالغمّ والأذى (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۷۶ «فرث») .
2.مريم : ۸۹ - ۹۰ .
3.الصلعاء عند العرب: كلّ خطّة مشهورة (تاج العروس : ج ۱۱ ص ۲۷۸ «صلع») .
4.العنقاء : الداهية (العين : ص ۵۸۴ «عنق») .
5.الفقماء : المائلة الحنك ، وقيل : تقدّم الثنايا حتّى لا تقع عليها العليا (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۴۵۷ «فقم») .
6.فصّلت : ۱۶ .