1043
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

أصابَنا مِنَ المَصائِبِ الجَليلَةِ وَالرَّزايَا العَظيمَةِ «فِى كِتَبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَ لِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلَا تَأْسَوْاْ عَلَى‏ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُواْ بِمَا ءَاتَاكُمْ وَ اللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ» .۱
تَبّاً لَكُم ، فَانتَظِرُوا اللَّعنَةَ وَالعَذابَ ، فَكَأَن قَد حَلَّ بِكُم ، وتَواتَرَت مِنَ السَّماءِ نَقِماتٌ ، فَيُسحِتُكُم بِعَذابٍ ويُذيقُ بَعضَكُم بَأسَ بَعضٍ ، ثُمَّ تُخَلَّدونَ فِي العَذابِ الأَليمِ يَومَ القِيامَةِ بِما ظَلَمتُمونا ، «أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّلِمِينَ»۲ .
وَيلَكُم ، أتَدرونَ أيَّةَ يَدٍ طاعَنَتنا مِنكُم ؟ ! وأيَّةَ نَفسٍ نَزَعَت إلى‏ قِتالنا ؟ ! أم بِأَيَّةِ رِجلٍ مَشَيتُم إلَينا تَبغونَ مُحارَبَتَنا ؟ !
قَسَت وَاللَّهِ قُلوبُكُم ، وغَلُظَت أكبادُكُم ، وطُبِعَ عَلى‏ أفئِدَتِكُم ، وخُتِمَ عَلى‏ أسماعِكُم وأبصارِكُم ، وسَوَّلَ لَكُمُ الشَّيطانُ وأملى‏ لَكُم ، وجَعَلَ عَلى‏ بَصَرِكُم غِشاوَةً فَأَنتُم لا تَهتَدونَ .
فَتَبّاً لَكُم يا أهلَ الكوفَةِ ، أيُّ تِراتٍ لِرَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قِبَلَكُم ، وذُحولٍ لَهُ لَدَيكُم ، بِما عَنِدتُم بِأَخيهِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام جَدّي ، وبَنيهِ وعِترَةِ النَّبِيِّ الأَخيارِ صَلَواتُ اللَّهِ وسَلامُهُ عَلَيهِم ، وَافتَخَرَ بِذلِكَ مُفتَخِرُكُم فَقالَ :


نَحنُ قَتَلنا عَلِيّاً وبَني عَلِيّ‏بِسُيوفٍ هِندِيَّةِ ورِماحِ‏
وسَبَينا نِساءَهُم سَبيَ تُركٍ‏ونَطَحناهُم فَأَيَّ نِطاحِ‏
بِفيكَ أيُّهَا القائِلُ الكَثكَثُ‏۳ وَالأَثلَبُ ، افتَخَرتَ بِقَتلِ قَومٍ زَكّاهُمُ اللَّهُ وأذهَبَ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهيراً ! فَاكظِم وأقعِ كَما أقعى‏۴ أبوكَ ، فَإِنَّما لِكُلِّ امرِئٍ مَا اكتَسَبَ وما قَدَّمَت يَداهُ .
أحَسَدتُمونا - وَيلاً لَكُم - عَلى‏ ما فَضَّلَنَا اللَّهُ ؟


فَما ذَنبُنا أن جاشَ دَهراً بُحورُناوبَحرُكَ ساجٍ‏۵لا يُواري الدَّعامِصا۶

1.الحديد: ۲۲ - ۲۳ .

2.هود : ۱۸ .

3.الكَثْكَثُ والكِثْكِثُ : فُتات الحجارة والتراب ، مثل الأثْلَبُ والإثْلِبُ (الصحاح : ج ۱ ص ۲۹۰ «كثث») .

4.أقْعى‏ : ألْصَقَ إلْيَتَيْهِ بالأرض ، ونصب ساقيه ، ووضع يديه على الأرض (المصباح المنير : ص ۵۱۰ «قعي») .

5.سَاجٍ : أي ساكن (النهاية : ج ۲ ص ۳۴۵ «سجا») .

6.الدَّعاميصُ : جمع دعموص ؛ وهي دويبّة تكون في مستنقع الماء (النهاية : ج ۲ ص ۱۲۰ «دعمص») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1042

اللَّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن أفتَرِيَ عَلَيكَ الكَذِبَ ، وأن أقولَ عَلَيكَ خِلافَ ما أنزَلتَ مِن أخذِ العُهودِ لِوَصِيَّةِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، المَسلوبِ حَقُّهُ ، المَقتولِ بِغَيرِ ذَنبٍ - كَما قُتِلَ وَلَدُهُ بِالأَمسِ - في بَيتٍ مِن بُيوتِ اللَّهِ ، فيهِ مَعشَرٌ مُسلِمَةٌ بِأَلسِنَتِهِم . تَعساً لِرُؤوسِهِم ، ما دَفَعَت عَنهُ ضَيماً۱في حَياتِهِ ولا عِندَ مَماتِهِ ، حَتّى‏ قَبَضتَهُ إلَيكَ مَحمودَ النَّقيبَةِ۲ ، طَيِّبَ العَريكَةِ۳ ، مَعروفَ المَناقِبِ ، مَشهورَ المَذاهِبِ ، لَم تَأخُذهُ اللَّهُمَّ فيكَ لَومَةُ لائِمٍ ولا عَذلُ عَاذِلٍ .
هَدَيتَهُ يا رَبِّ لِلإِسلامِ صَغيراً ، وحَمِدتَ مَناقِبَهُ كَبيراً ، ولَم يَزَل ناصِحاً لَكَ ولِرَسولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ حَتّى‏ قَبَضتَهُ إلَيكَ ، زاهِداً فِي الدُّنيا ، غَيرَ حَريصٍ عَلَيها ، راغِباً فِي الآخِرَةِ ، مُجاهِداً لَكَ في سَبيلِكَ ، رَضيتَهُ فَاختَرتَهُ وهَدَيتَهُ إلى‏ صِراطٍ مُستَقيمٍ .
أمّا بَعدُ ، يا أهلَ الكوفَةِ ! يا أهلَ المَكرِ وَالغَدرِ وَالخُيَلاءِ۴ ! فَإِنّا أهلُ بَيتٍ ابتَلانَا اللَّهُ بِكُم وَابتَلاكُم بِنا ، فَجَعَلَ بَلاءَنا حَسَناً ، وجَعَلَ عِلمَهُ عِندَنا وفَهمَهُ لَدَينا ، فَنَحنُ عَيبَةُ۵ عِلمِهِ ، ووِعاءُ فَهمِهِ وحِكمَتِهِ ، وحُجَّتُهُ عَلى‏ أهلِ الأَرضِ في بِلادِهِ لِعِبادِهِ ، أكرَمَنَا اللَّهُ بِكَرامَتِهِ ، وفَضَّلَنا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله عَلى‏ كَثيرٍ مِمَّن خَلَقَ تَفضيلاً بَيِّناً .
فَكَذَّبتُمونا وكَفَّرتُمونا ، ورَأَيتُم قِتالَنا حَلالاً وأموالَنا نَهباً ! كَأَنَّنا أولادُ تُركٍ أو كابُلٍ‏۶ ، كَما قَتَلتُم جَدَّنا بِالأَمسِ ، وسُيوفُكُم تَقَطَّرُ مِن دِمائِنا أهلَ البَيتِ ، لِحِقدٍ مُتَقَدِّمٍ ، قَرَّت لِذلِكَ عُيونُكُم ، وفَرِحَت قُلوبُكُم ، افتِراءً عَلَى اللَّهِ ومَكراً مَكَرتُم ، «وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَكِرِينَ» .۷
فَلا تَدعُوَنَّكُم أنفُسُكُم إلَى الجَذَلِ‏۸بِما أصَبتُم مِن دِمائِنا ، ونالَت أيديكُم مِن أموالِنا ، فَإِنَّ ما

1.ضامَهُ حَقَّهُ ضَيماً : نَقَصهُ إيّاه (لسان العرب : ج‏۱۲ ص‏۳۵۲ «ضيم») .

2.النَّقِيْبَةُ : النّفْسُ ، وقيل : الطبيعة والخليقة (النهاية : ج ۵ ص ۱۰۲ «نقب») .

3.العَرِيْكَةُ : الطبيعة (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۹۹ «عرك») .

4.الخيلاء - بالضمّ والكسر - : الكبر والعجب (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۲۲۸ «خول») .

5.العيبة : الوعاء (راجع : لسان العرب : ج ۱ ص ۶۳۴ «عيب») .

6.لم يكن التُّرك والأفاغنة عندئذٍ من المسلمين ، بل كانوا أعداءَ الحكومة الإسلامية .

7.آل عمران : ۵۴ .

8.الجذل - بالتحريك - : الفرح (الصحاح : ج ۴ ص ۶۵۴ «جذل») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970153
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به