1047
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

وكانَ إلى‏ جانِبِهِ زَيدُ بنُ أرقَمَ صاحِبُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وهُوَ شَيخٌ كَبيرٌ ، فَلَمّا رَآهُ يَضرِبُ بِالقَضيبِ ثَناياهُ قالَ لَهُ :
اِرفَع قَضيبَكَ عَن هاتَينِ الشَّفَتَينِ ، فَوَاللَّهِ الَّذي لا إلهَ غَيرُهُ لَقَد رَأَيتُ شَفَتَي رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله عَلَيهِما ما لا اُحصيهِ كَثرَةً تُقَبِّلُهُما .۱ثُمَّ انتَحَبَ باكِياً .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : أبكَى اللَّهُ عَينَيكَ ، أتَبكي لِفَتحِ اللَّهِ ؟ وَاللَّهِ لَولا أنَّكَ شَيخٌ قَد خَرِفتَ وذَهَبَ عَقلُكَ لَضَرَبتُ عُنُقَكَ . فَنَهَضَ زَيدُ بنُ أرقَمَ مِن بَينِ يَدَيهِ وصارَ إلى‏ مَنزِلِهِ .۲

۱۵۱۱.تاريخ الطبري عن حميد بن مسلم : دَعاني عُمَرُ بنُ سَعدٍ فَسَرَّحَني إلى‏ أهلِهِ لِاُبَشِّرَهُم بِفَتحِ اللَّهِ عَلَيهِ وبِعافِيَتِهِ ، فَأَقبَلتُ حَتّى‏ أتَيتُ أهلَهُ فَأَعلَمتُهُم ذلِكَ ، ثُمَّ أقبَلتُ حَتّى‏ أدخُلَ فَأَجِدَ ابنَ زِيادٍ قَد جَلَسَ لِلنّاسِ ، وأجِدَ الوَفَد قَد قَدِموا عَلَيهِ ، فَأَدخَلَهُم وأذِنَ لِلنّاسِ ، فَدَخَلتُ فيمَن دَخَلَ ، فَإِذا رَأسُ الحُسَينِ عليه السلام مَوضوعٌ بَينَ يَدَيهِ ، وإذا هُوَ يَنكُتُ بِقَضيبٍ بَينَ ثَنِيَّتَيهِ ساعَةً .
فَلَمّا رَآهُ زَيدُ بنُ أرقَمَ لا يُنجِمُ عَن نَكتِهِ بِالقَضيبِ ، قالَ لَهُ : اُعلُ بِهذَا القَضيبِ عَن هاتَينِ الثَّنِيَّتَينِ ، فَوَالَّذي لا إلهَ غَيرُهُ ، لَقَد رَأَيتُ شَفَتَي رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله عَلى‏ هاتَينِ الشَّفَتَينِ يُقَبِّلُهُما ، ثُمَّ انفَضَخَ‏۳الشَّيخُ يَبكي ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : أبكَى اللَّهُ عَينَيكَ ، فَوَاللَّهِ لَولا أنَّكَ شَيخٌ قَد خَرِفتَ وذَهَبَ عَقلُكَ لَضَرَبتُ عُنُقَكَ .
قالَ : فَنَهَضَ فَخَرَجَ ، فَلَمّا خَرَجَ سَمِعتُ النّاسَ يَقولونَ : وَاللَّهِ لَقَد قالَ زَيدُ بنُ أرقَمَ قَولاً لَو سَمِعَهُ ابنُ زِيادٍ لَقَتَلَهُ .
قالَ : فَقُلتُ : ما قالَ ؟ قالوا : مَرَّ بِنا وهُوَ يَقولُ : مَلَّكَ عَبدٌ عَبداً فَاتَّخَذَهُم تُلداً۴ ، أنتُم يا مَعشَرَ العَرَبِ العَبيدُ بَعدَ اليَومِ ، قَتَلتُمُ ابنَ فاطِمَةَ وأمَّرتُمُ ابنَ مَرجانَةَ ، فَهُوَ يَقتُلُ خِيارَكُم ويَستَعبِدُ شِرارَكُم ، فَرَضيتُم بِالذُّلِّ ، فَبُعداً لِمَن رَضِيَ بِالذُّلِّ .۵

1.كذا في المصدر والصواب «يُقَبِّلُهُما» كما في بحار الأنوار وكما في النصّ الآتي.

2.الإرشاد : ج ۲ ص ۱۱۴ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۷۱ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۷۵ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۱۶ وراجع : جواهر المطالب : ج ۲ ص ۲۹۱ .

3.انْفَضَخَ : بكى شديداً (تاج العروس : ج ۴ ص ۳۰۲ «فضخ») .

4.التليد : ما وُلِدَ عند غيرك ثمّ اشتريته صغيراً فثبت عندك (تاج العروس : ج ۴ ص ۳۶۹ «تلد») .

5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۵۶ ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۱۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۷۴ ، اُسد الغابة : ج ۲ ص ۲۸ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۴۵ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۹۰ كلّها نحوه وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۵۹ وسير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۱۰ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1046

فَقالَ عليه السلام : رَحِمَ اللَّهُ امرَأً قَبِلَ نَصيحَتي وحَفِظَ وَصِيَّتي فِي اللَّهِ وفي رَسولِهِ وأهلِ بَيتِهِ ، فَإِنَّ لَنا في رَسولِ اللَّهِ اُسوَةً حَسَنَةً .
فَقالوا بِأَجمَعِهِم : نَحنُ كُلُّنا يَابنَ رَسولِ اللَّهِ سامِعونَ مُطيعونَ ، حافِظونَ لِذِمامِكَ‏۱ غَيرَ زاهِدينَ فيكَ ولا راغِبينَ عَنكَ ، فَأمُرنا بِأَمرِكَ يَرحَمُكَ اللَّهُ ، فَإِنّا حَربٌ لِحَربِكَ وسِلمٌ لِسِلمِكَ ، لَنَأخُذَنَّ يَزيدَ ونَبرَأُ مِمَّن ظَلَمَكَ وظَلَمَنا .
فَقالَ عليه السلام : هَيهاتَ هَيهاتَ ! أيُّهَا الغَدَرَةُ المَكَرَةُ ، حيلَ بَينَكُم وبَينَ شَهَواتِ أنفُسِكُم ، أتُريدونَ أن تَأتوا إلَيَّ كَما أتَيتُم إلى‏ أبي مِن قَبلُ ؟ ! كَلّا ورَبِّ الرّاقِصاتِ ، فَإِنَّ الجُرحَ لَمّا يَندَمِل ، قُتِلَ أبي صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ بِالأَمسِ وأهلُ بَيتِهِ مَعَهُ ، ولَم يُنسِني ثُكلَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وثُكلَ أبي وبَني أبي ، ووَجدُهُ بَينَ لَهَواتي ، ومَرارَتُهُ بَينَ حَناجِري وحَلقي ، وغُصَصُهُ تَجري في فِراشِ صَدري ، ومَسأَلَتي أن لا تَكونوا لَنا ولا عَلَينا .
ثُمَّ قالَ :




لا غَروَ إن قُتِلَ الحُسَينُ وشَيخُهُ‏قَد كانَ خَيراً مِن حُسَينٍ وأكرَما
فَلا تَفرَحوا يا أهلَ كوفانَ بِالَّذي‏أصابَ حُسَيناً كانَ ذلِكَ أعظَما
قَتيلٌ بِشَطِّ النَّهرِ روحي فِداؤُهُ‏جَزاءُ الَّذي أرداهُ نارُ جَهَنَّما
ثُمَّ قالَ عليه السلام : رَضينا مِنكُم رَأساً بِرَأسٍ ، فَلا يَومَ لَنا ولا عَلَينا .۲

6 / 8

اِحتِجاجُ زَيدِ بنِ أرقَمَ عَلَى ابنِ زِيادٍ

۱۵۱۰.الإرشاد : لَمّا وَصَلَ رَأسُ الحُسَينِ عليه السلام ، ووَصَلَ ابنُ سَعدٍ - لَعَنَهُ اللَّهُ - مِن غَدِ يَومِ وُصولِهِ ومَعَهُ بَناتُ الحُسَينِ عليه السلام وأهلُهُ ، جَلَسَ ابنُ زِيادٍ لِلنّاسِ في قَصرِ الإِمارَةِ وأذِنَ لِلنّاسِ إذناً عامّاً ، وأمَرَ بِإِحضارِ الرَّأسِ فَوُضِعَ بَينَ يَدَيهِ ، فَجَعَلَ يَنظُرُ إلَيهِ ويَتَبَسَّمُ وفي يَدِهِ قَضيبٌ يَضرِبُ بِهِ ثَناياهُ ،

1.الذِّمَّةُ والذِّمامُ : وهما بمعنى العهد ، والأمانُ ، والضمانُ ، والحُرمة والحقّ (النهاية : ج ۲ ص ۱۶۸ «ذمم») .

2.الملهوف : ص ۱۹۹ ، الاحتجاج : ج ۲ ص ۱۱۷ ح ۱۷۱ عن حذيم بن شريك الأسدي ، مثير الأحزان : ص ۸۹ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۱۲ وراجع : المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۱۵ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1979023
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به