فَقُتِلَ مِنَ الأَزدِ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ حَوزَةَ الوالِبِيُّ ومُحَمَّدُ بنُ حَبيبٍ البَكرِيُّ ، وكَثُرَتِ القَتلى بَينَهُم ، وقَوِيَتِ اليَمانِيَّةُ عَلَى الأَزدِ ، وصاروا إلى خُصٍ۱في ظَهرِ دارِ ابنِ عَفيفٍ فَكَسَروهُ وَاقتَحَموا ، فَناوَلَتهُ ابنَتُهُ سَيفَهُ فَجَعَلَ يَذُبُّ بِهِ ، وشَدّوا عَلَيهِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ وهُوَ يَقولُ :
اُقسِمُ لَو يُفسَحُ لي مِن بَصَريشَقَّ عَلَيكُم مَورِدي وصَدَري
وخَرَجَ سُفيانُ بنُ يَزيدُ بنِ المُغَفَّلِ لِيَدفَعَ عَنِ ابنِ عَفيفٍ ، فَأَخَذوهُ مَعَهُ ، فَقُتِلَ ابنُ عَفيفٍ وصُلِبَ بِالسَّبَخَةِ .
واُتِيَ بِجُندَبِ بنِ عَبدِ اللَّهِ ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : وَاللَّهِ لَأَتَقَرَبَنَّ إلَى اللَّهِ بِدَمِكَ . فَقالَ : إنَّما تَتَباعَدُ مِنَ اللَّهِ بِدَمي .۲
۱۵۳۵.الفتوح : صَعِدَ ابنُ زِيادٍ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وقالَ في بَعضِ كَلامِهِ : الحَمدُ للَّهِِ الَّذي أظهَرَ الحَقَّ وأهلَهُ ، ونَصَرَ أميرَ المُؤمِنينَ وأشياعَهُ ، وقَتَلَ الكَذّابَ ابنَ الكَذّابِ .
قالَ : فَما زادَ عَلى هذَا الكَلامِشَيئاً ووَقَفَ ، فَقامَ إلَيهِ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَفيفٍ الأَزدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وكانَ مِن خِيارِ الشّيعَةِ وكانَ أفضَلَهُم ، وكانَ قَد ذَهَبَت عَينُهُ اليُسرى في يَومِ الجَمَلِ وَالاُخرى في يَومِ صِفّينَ ، وكانَ لا يُفارِقُ المَسجِدَ الأَعظَمَ يُصَلّي فيهِ إلَى اللَّيلِ ، ثُمَّ يَنصَرِفُ إلى مَنزِلِهِ .
فَلَمّا سَمِعَ مَقالَةَ ابنِ زِيادٍ ، وَثَبَ قائِماً ثُمَّ قالَ : يَابنَ مَرجانَةَ ، الكَذّابُ ابنُ الكَذّابِ أنتَ وأبوكَ ومَنِ استَعمَلَكَ وأبوهُ ، يا عَدُوَّ اللَّهِ أتَقتُلونَ أبناءَ النَّبِيّينَ وتَتَكَلَّمونَ بِهذَا الكَلامِ عَلى مَنابِرِ المُؤمِنينَ ؟!
قالَ : فَغَضِبَ ابنُ زِيادٍ ، ثُمَّ قالَ : مَنِ المُتَكَلِّمُ ؟ فَقالَ : أنَا المُتَكَلِّمُ يا عَدُوَّ اللَّهِ ، أتَقتُلُ الذُّرِّيَّةَ الطّاهِرَةَ الَّتي قَد أذهَبَ اللَّهُ عَنهَا الرِّجسَ في كِتابِهِ ، وتَزعُمُ أنَّكَ عَلى دينِ الإِسلامِ ؟ وا عَوناه ، أينَ أولادُ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، لِيَنتَقِموا مِن طاغِيَتِكَ۳ اللَّعينِ ابنِ اللَّعينِ عَلى لِسانِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَبِّ العالَمينَ ؟