1061
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ : فَازدادَ غَضَباً عَدُوُّ اللَّهِ حَتَّى انتَفَخَت أوداجُهُ ، ثُمَّ قالَ : عَلَيَّ بِهِ ، قالَ : فَتَبادَرَت إلَيهِ الجَلاوِزَةُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ لِيَأخُذوهُ ، فَقامَتِ الأَشرافُ مِنَ الأَزدِ مِن بَني عَمِّهِ فَخَلَّصوهُ مِن أيدِي الجَلاوِزَةِ ، وأخرَجوهُ مِن بابِ المَسجِدِ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلى‏ مَنزِلِهِ .
ونَزَلَ ابنُ زِيادٍ عَنِ المِنبَرِ ودَخَلَ القَصرَ ، ودَخَلَ عَلَيهِ أشرافُ النّاسِ ، فَقالَ : أرَأَيتُم ما صَنَعَ هؤُلاءِ القَومُ ؟ فَقالوا : قَد رَأَينا أصلَحَ اللَّهُ الأَميرَ ، إنَّمَا الأَزدُ فَعَلَت ذلِكَ فَشُدَّ يَدَيكَ بِساداتِهِم ، فَهُمُ الَّذينَ استَنقَذوهُ مِن يَدِكَ حَتّى‏ صارَ إلى‏ مَنزِلِهِ .
قالَ : فَأَرسَلَ ابنُ زِيادٍ إلى‏ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ مِخنَفٍ الأَزدِيِّ ، فَأَخَذَهُ وأخَذَ مَعَهُ جَماعَةً مِنَ الأَزدِ فَحَبَسَهُم ، وقالَ : وَاللَّهِ لا خَرَجتُم مِن يَدي أو تَأتُوني بِعَبدِ اللَّهِ بنِ عَفيفٍ .
قالَ : ثُمَّ دَعَا ابنُ زِيادٍ لِعَمرِو بنِ الحَجّاجِ الزُّبَيدِيِّ ومُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وشَبَثِ بنِ الرِّبعِيِّ وجَماعَةٍ مِن أصحابِهِ ، وقالَ لَهُم : اِذهَبوا إلى‏ هذَا الأَعمى‏ ، أعمَى الأَزدِ الَّذي قَد أعمَى اللَّهُ قَلبَهُ كَما أعمى‏ عَينَيهِ ، ائتوني بِهِ .
قالَ : فَانطَلَقَت رُسُلُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ إلى‏ عَبدِ اللَّهِ بنِ عَفيفٍ ، وبَلَغَ ذلِكَ الأَزدَ فَاجتَمَعوا ، وَاجتَمَعَ مَعَهُم أيضاً قَبائِلُ اليَمَنِ لِيَمنَعوا عَن صاحِبِهِم عَبدِ اللَّهِ بنِ عَفيفٍ . وبَلَغَ ذلِكَ ابنَ زِيادٍ ، فَجَمَعَ قَبائِلَ مُضَرَ وضَمَّهُم إلى‏ مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وأمَرَهُ بِقِتالِ القَومِ .
قالَ : فَأَقبَلَت قَبائِلُ مُضَرَ نَحوَ اليَمَنِ ودَنَت مِنهُمُ اليَمَنُ ، فَاقتَتَلوا قِتالاً شَديداً ، فَبَلَغَ ذلِكَ ابنَ زِيادٍ ، فَأَرسَلَ إلى‏ أصحابِهِ يُؤَنِّبُهُم ، فَأَرسَلَ إلَيهِ عَمرُو بنُ الحَجّاجِ يُخبِرُهُ بِاجتِماعِ اليَمَنِ عَلَيهِم . قالَ : وبَعَثَ إلَيهِ شَبَثُ بنُ الرِّبعِيِّ : أيُّهَا الأَميرُ ، إنَّكَ قَد بَعَثتَنا إلى‏ اُسودِ الآجامِ فَلا تَعجَل ، قالَ : وَاشتَدَّ قِتالُ القَومِ حَتّى‏ قُتِلَ جَماعَةٌ مِنهُم مِنَ العَرَبِ .
قالَ : ودَخَلَ أصحابُ ابنِ زِيادٍ إلى‏ دارِ ابنِ عَفيفٍ ، فَكَسَرُوا البابَ وَاقتَحَموا عَلَيهِ ، فَصاحَت بِهِ ابنَتُهُ : يا أبَتِ! أتاكَ القَومُ مِن حَيثُ لا تَحتَسِبُ ، فَقالَ : لا عَلَيكِ يَا ابنَتي ، ناوِلينِي السَّيفَ : قالَ : فَناوَلَتهُ فَأَخَذَهُ وجَعَلَ يَذُبُّ عَن نَفسِهِ ، وهُوَ يَقولُ :


أنَا ابنُ ذِي الفَضلِ العَفيفِ الطّاهِرِعَفيفٌ شَيخي وَابنُ اُمِّ عامِرِ
كَم دارِعٍ مِن جَمعِهِم وحاسِرِوبَطَلٍ جَندَلتُهُ مُغادِرِ


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1060

فَقُتِلَ مِنَ الأَزدِ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ حَوزَةَ الوالِبِيُّ ومُحَمَّدُ بنُ حَبيبٍ البَكرِيُّ ، وكَثُرَتِ القَتلى‏ بَينَهُم ، وقَوِيَتِ اليَمانِيَّةُ عَلَى الأَزدِ ، وصاروا إلى خُصٍ‏۱في ظَهرِ دارِ ابنِ عَفيفٍ فَكَسَروهُ وَاقتَحَموا ، فَناوَلَتهُ ابنَتُهُ سَيفَهُ فَجَعَلَ يَذُبُّ بِهِ ، وشَدّوا عَلَيهِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ وهُوَ يَقولُ :


اُقسِمُ لَو يُفسَحُ لي مِن بَصَري‏شَقَّ عَلَيكُم مَورِدي وصَدَري‏
وخَرَجَ سُفيانُ بنُ يَزيدُ بنِ المُغَفَّلِ لِيَدفَعَ عَنِ ابنِ عَفيفٍ ، فَأَخَذوهُ مَعَهُ ، فَقُتِلَ ابنُ عَفيفٍ وصُلِبَ بِالسَّبَخَةِ .
واُتِيَ بِجُندَبِ بنِ عَبدِ اللَّهِ ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : وَاللَّهِ لَأَتَقَرَبَنَّ إلَى اللَّهِ بِدَمِكَ . فَقالَ : إنَّما تَتَباعَدُ مِنَ اللَّهِ بِدَمي .۲

۱۵۳۵.الفتوح : صَعِدَ ابنُ زِيادٍ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، وقالَ في بَعضِ كَلامِهِ : الحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي أظهَرَ الحَقَّ وأهلَهُ ، ونَصَرَ أميرَ المُؤمِنينَ وأشياعَهُ ، وقَتَلَ الكَذّابَ ابنَ الكَذّابِ .
قالَ : فَما زادَ عَلى‏ هذَا الكَلامِشَيئاً ووَقَفَ ، فَقامَ إلَيهِ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَفيفٍ الأَزدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وكانَ مِن خِيارِ الشّيعَةِ وكانَ أفضَلَهُم ، وكانَ قَد ذَهَبَت عَينُهُ اليُسرى‏ في يَومِ الجَمَلِ وَالاُخرى‏ في يَومِ صِفّينَ ، وكانَ لا يُفارِقُ المَسجِدَ الأَعظَمَ يُصَلّي فيهِ إلَى اللَّيلِ ، ثُمَّ يَنصَرِفُ إلى‏ مَنزِلِهِ .
فَلَمّا سَمِعَ مَقالَةَ ابنِ زِيادٍ ، وَثَبَ قائِماً ثُمَّ قالَ : يَابنَ مَرجانَةَ ، الكَذّابُ ابنُ الكَذّابِ أنتَ وأبوكَ ومَنِ استَعمَلَكَ وأبوهُ ، يا عَدُوَّ اللَّهِ أتَقتُلونَ أبناءَ النَّبِيّينَ وتَتَكَلَّمونَ بِهذَا الكَلامِ عَلى‏ مَنابِرِ المُؤمِنينَ ؟!
قالَ : فَغَضِبَ ابنُ زِيادٍ ، ثُمَّ قالَ : مَنِ المُتَكَلِّمُ ؟ فَقالَ : أنَا المُتَكَلِّمُ يا عَدُوَّ اللَّهِ ، أتَقتُلُ الذُّرِّيَّةَ الطّاهِرَةَ الَّتي قَد أذهَبَ اللَّهُ عَنهَا الرِّجسَ في كِتابِهِ ، وتَزعُمُ أنَّكَ عَلى‏ دينِ الإِسلامِ ؟ وا عَوناه ، أينَ أولادُ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، لِيَنتَقِموا مِن طاغِيَتِكَ‏۳ اللَّعينِ ابنِ اللَّعينِ عَلى‏ لِسانِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَبِّ العالَمينَ ؟

1.الخُصُّ : بيت يعمل من الخَشَبِ والقَصَبِ (النهاية : ج ۲ ص ۳۷ «خصص») .

2.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۱۳ .

3.في الملهوف : «منك ومن طاغيتك...».

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970707
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به