1075
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

وبتلك الكلمات القصيرة الدامغة ذكّرته بماضي أهله حيث كانوا عبيد حرب، ثمّ اُطلقوا بعد أن أسلموا خائفين من القتل ، فدلّت على عدم جدارته للحكم من جهة ، وعلى جوره ونشره للظلم من جهة اُخرى . واستَشهدت أخيراً بآيات قرآنيّة لتعلن بصراحة أنّ موقعه ليس كرامة إلهيّة - كما زعم أو حاول أن يلقّن الناس به - بل هو انغماس ملوّث بالكفر في أعماق الجحود ، وزيادة في الكفر ، وأمّا الشهادة فهي كرامة لآل اللَّه ... .
كانت خطب زينب الكبرى في ذروة الفصاحة والبلاغة والتأثير ، كما كانت حكيمة في تشخيص الموقف المناسب .
واستناداً إلى ما ورد في بعض المصادر۱ أنها لمّا ردّت إلى المدينة لم تتوقّف لحظة عن الاضطلاع برسالة الشهداء ، وتنوير الرأي العام ، وتوعية الناس واطّلاعهم على ظلم بني اُميّة ، فاضطرّ حاكم المدينة إلى نفيها بعد أن استشار يزيد في ذلك .۲
يجدر ذكره أنّنا لم نجد تاريخ ولادتها ووفاتها في المصادر المعتبرة، وقد ذُكرت أقوال عديدة في المصادر المتأخّرة بشأن ولادتها، نظير: 5 جمادى الاُولى سنة 5 للهجرة، شعبان سنة 6 للهجرة ، محرّم الحرام عام 5 للهجرة .۳وقيل : إنّ تاريخ وفاتها هو الخامس عشر من رجب عام 62 للهجرة .۴
2 . اُمّ كلثوم عليها السلام بنت أمير المؤمنين عليه السلام .۵
وتُسمّى زينب الصغرى أيضاً۶، فأبوها أمير المؤمنين عليه السلام، ولكن يبدو أنّ اُمّها ليست فاطمة الزهراء عليها السلام ؛ ذلك لأنّ اُمّ كلثوم التي هي ابنة الزهراء توفّيت في حياة الإمام الحسن عليه السلام على المشهور .۷

1.مصدر هذا الخبر أخبار الزينبات - المنسوب للعبيدلي - : (ص ۱۱۸) ، إلا أنّ اعتبار هذا الكتاب وانتسابه للعبيدلي معرض للشكّ ، وراجع : ميراث حديث الشيعة : ج ۱۶ ص ۷ .

2.راجع : أخبار الزينبات : ص ۱۱۸ .

3.راجع: رياحين الشريعة: ج ۳ ص ۳۳.

4.أخبار الزينبات : ص ۱۲۲ وراجع : ميراث حديث الشيعة: ج ۱۶ ص ۲۱.

5.شرح الأخبار: ج ۳ ص ۱۹۸؛ مقاتل الطالبيين: ص ۱۱۹ وراجع: الملهوف : ص ۱۹۸ و۲۱۰، مثير الأحزان: ص ۸۸ و۹۷، تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۳۵۵، الأخبار الطوال: ص ۲۲۸، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: ج ۲ ص ۳۸.

6.مجموعة نفيسة: ص ۹۴ (تاج المواليد).

7.الطبقات الكبرى: ج ۸ ص ۴۶۴، أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۴۱۲ ، اُسد الغابة : ج ۷ ص ۳۷۸.


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1074

تولّت شؤون السبايا بعد عاشوراء بجلال وثبات ، وعندما رأت الكوفيّين يبكون على أبناء الرسول صلى اللَّه عليه وآله ، خاطبتهم قائلة :
يا أهلَ الكوفَةِ ! يا أهلَ الخَتلِ وَالغَدرِ وَالخَذلِ وَالمَكرِ ! ألا فَلا رَقَأَتِ العَبرَةُ ولا هَدَأَتِ الزَّفرَةُ ، إنَّما مَثَلُكُم كَمَثَلِ الَّتي«نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَثًا... »،۱أتَدرونَ وَيلَكُم أيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله فَرَثتُم ؟ ! وأيَّ عَهدٍ نَكَثتُم ؟ ! وأيَّ كَريمَةٍ لَهُ أبرَزتُم ؟ ! وأيَّ حُرمَةٍ لَهُ هَتَكتُم ؟ ! وأيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكتُم ؟ !۲
كان لها لسان عليّ حقّاً ! وحين نطقت بكلماتها الحماسيّة ، فإنّ اُولئك الذين طالما سمعوا خطب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، هاهم يرونه باُمّ أعينهم يخطب فيهم !
وقال قائل : واللَّه، لم أرَ خَفِرةً۳ قطّ أنطق منها! كأنّها تنطق وتُفرغ عن لسان عليّ عليه السلام .
وكان ابن زياد قد أثمله التكبّر ، ومَرَد على الضراوة والتوحّش ، فنال من آل اللَّه ، فانبرت إليه الحوراء وألقمته حجراً بكلماتها الخالدة التي أخزته، وذلك حينما قال لها: كَيفَ رَأيتِ صُنعَ اللَّهِ بِأَخيكِ وأهلِ بَيتكِ؟ فَقالَت:
ما رَأَيتُ إلّا جَميلاً، هؤلاء قَومٌ كَتبَ اللَّهُ عَلَيهِمُ القَتلَ، فَبَرَزوا الى مَضاجِعِهِم، وسَيَجمَعُ اللَّهُ بَينَكَ وبَينَهُم، فَتُحاجُّ وتُخاصَمُ، فَانظُر لِمَنِ الفَلَجُ يومَئذٍ؟! هَبِلَتكَ اُمُّكَ يابنَ مَرجانَةَ.۴
وعندما نظرت إلى يزيد متربّعاً على عرش السلطة ومعه الأكابر ومندوبو بعض البلدان - وكان يتباهى بتسلّطه ، ويتحدّث بسفاهة مهوِّلاً على الآخرين ، ناسباً قتل الأبرار إلى اللَّه - قامت إليه عقيلة بني هاشم ، فصكّت مسامعه بخطبتها البليغة العصماء . وممّا قالته فيها :
أمِنَ العَدلِ - يَابنِ الطُّلَقاءِ - تَخديرُكَ حَرائِرَكَ وإماءَكَ ، وسَوقُكَ بَناتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله سَبايا ! قَد هَتَكتَ سُتورَهُنَّ ، وأبدَيتَ وُجوهَهُنَّ ، يَحدو بِهِنَّ الأَعداءُ مِن بَلَدٍ إلى‏ بَلَدٍ؟!۵

1.النحل : ۹۲ .

2.راجع: ص ۱۰۳۸ ح ۱۵۰۵ .

3.الخَفِر : الكثير الحياء (النهاية :ج ۲ ص ۵۳) .

4.راجع : ص‏۱۰۵۲ ح‏۱۵۲۳ .

5.راجع : ص ۱۱۲۶ ح ۱۶۲۳ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1980191
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به