والمشكلة الرئيسية لهذا الطريق القصير هي مروره بالصحراء الممتدّة بين العراق والشام والمعروفة منذ قديم الأيّام باسم «بادية الشام». ومن الواضح أنّ هذا الطريق لم يكن يسلكه سوى الذين يمتلكون الإمكانيات الكافية - وخاصّة الماء - لاجتياز المسافات الطويلة بين منازل الطريق الصحراوي المتباعدة، رغم أنّ سرعة المسافر كانت تدفعه أحياناً إلى اجتياز هذا الطريق .
وممّا يجدر ذكره أن لا وجود للمدن الكبيرة في الصحاري، ولكن هذا لا يعني عدم وجود الطرق، أو بعض القرى الصغيرة .
الطريق الثاني : ضفاف الفرات
يعتبر الفرات أحد نهري العراق الكبيرين ، وينبع من تركيا ويصبّ في الخليج الفارسي بعد اجتياز سوريا والعراق. وكان الكوفيّون يسيرون على ضفاف هذا النهر للسفر إلى شمال العراق والشام؛ كي يكون الماء في متناولهم، ولكي يستفيدوا أيضاً من إمكانيات المدن الواقعة على ضفاف الفرات، ولذا كانت الجيوش الجرّارة والقوافل الكبيرة التي هي بحاجة إلى كمّيات كبيرة من المياه مضطرّة لسلوك هذا الطريق۱ .
ويتّجه هذا الطريق ابتداءً من الكوفة نحو الشمال الغربي بمسافة طويلة ، ثمّ ينحدر من هناك نحو الجنوب وينتهي إلى دمشق بعد اجتيازه الكثير من مدن الشام. وقد كان لهذا الطريق تفرّعات عديدة ، ويبلغ طوله التقريبي حدود (1190 إلى 1333 كيلومتراً) ، وكان بديلاً مناسباً لطريق البادية الشاقّ وإن كان قصيراً ، ويمكن أن نشبّه مجموع هذا الطريق وطريق البادية بمثلّث قاعدته طريق البادية .
الطريق الثالث : ضفاف دجلة
يعدّ دجلة النهر الكبير الثاني في العراق، حيث ينبع هو الآخر من تركيا أيضاً، ولكنّه لا يمرّ بالشام ، فكان الذي يريد السفر إلى شمال شرقي العراق يختار ضفافه للسفر إلى هناك. ولم يكن هذا الطريق هو الطريق الرئيسي بين الكوفة ودمشق ، وإنّما يسيرون مقداراً منه ثمّ