4 . بناءً على ما تقدّم ، فإنّ النقطة الوحيدة التي ترجّح الطريق السلطاني أو المحاذي للفرات على طريق البادية، هي قربه من الماء . على أنّ هذه القضية لا تمثّل وجه ترجيح قوي؛ نظراً إلى صِغَر الركب وإمكانية حمل الماء على الجمال .
وممّا يؤيّد هذه الملاحظة عدم ذكر تفاصيل السفر ، وعدم توفّر رواية حول مرور الركب بالمدن، وعلى الأقلّ ذكر مدينة أو مدينتين من المدن المهمّة الواقعة في الطريق ، وهو ما يدلّ بحدّ ذاته على اجتياز الطريق الصحراوي، أو الطرق الفرعية .
5 . هناك بعض القرائن التي يمكن من خلالها القول بترجيح طريق البادية على الطريقين الآخرَين ، وهي :
أوّلاً : لوكان مسير الاُسارى هو طريق ضفاف الفرات أو الطريق السلطاني اللذين يمرّان عبر مدن كثيرة ، لنقلت لنا المصادر المعتبرة بعض الأخبار المتعلّقة بكيفية مواجهة أهالي تلك المدن مع أهل البيت عليهم السلام ، أو على الأقلّ مشاهدتهم فيها ؛ كما هو الحال في كربلاء والكوفة والشام، في حين إنّنا لا نجد في هذا المجال خبرٌ واحد حول هذا الموضوع.
بناءً على ذلك ، فالظاهر أنّ مسير السبايا كان من طريق قليلة السكّان أو خالية منهم ، وهو ما يرجّح طريق البادية .
ثانياً : إنّ الاعتراضات التي كانت تشكّل ضغوطاً على الجهاز الحاكم والتي بدأت منذ اللحظة الاُولى لشهادة الإمام الحسين عليه السلام ؛ حتّى من قِبل الموالين للحكومة واُسَرِ المقاتلين الجُناة و أصداء واقعة عاشوراء وانعكاساتها في الكوفة، تشكّل وبطبيعة الحال مانعاً عن نقل السبايا والرأس الشريف عن طريق المدن والقرى العامرة بالسكّان!
ويؤيّد ذلك ما ورد في كتاب الكامل للبهائي ، حيث قال :
إنّ الأنذال الذين حملوا معهم رأس الإمام الحسين عليه السلام من الكوفة كانوا خائفين من أن تقوم القبائل العربيّة عليهم وتستعيد الرأس الشريف ؛ ولهذا فقد تركوا طريق العراق ولجؤوا إلى الطرق الفرعيّة .۱