بخطّ مستقيم ثمانية فراسخ تقريباً ، وقد أبقى اللعين عبيد اللَّه أهل بيت العصمة بضعة أيّام في الكوفة كي يشتهر عمله ويدخل الرعب في قلوب قبائل العرب ، حتّى بلغه الخبر من يزيد، بإرسال الاُسارى إلى دمشق ، وأرسلهم عن طريق حرّان وزيرة وحلب، وهي مسافة بعيدة وتبلغ من الكوفة إلى دمشق بخطّ مستقيم حوالي 175 فرسخاً .
وبعد وصولهم إلى الشام أبقوهم فيها ستّة أشهر استناداً إلى إحدى الروايات ، حتّى سكن غضب يزيد اللعين وحصل له الاطمئنان ، وأذن للإمام السجّاد بالرجوع مع النساء والأطفال ، فكيف يمكن أن يحدث ذلك الإياب والذهاب في مدّة أربعين يوماً؟!
فالمراد هو أربعين السنة اللّاحقة قطعاً ، والتي هي سنة اثنين وستّين للهجرة، وكلّ من نظر بتدبّر فسوف يصدّق كاتب الرسالة ، وأنّ جابر بن عبد اللَّه تشرّف بالزيارة في الأربعين من عام 62 . ويعود شرف جابر إلى أنّه أوّل كبار الصحابة المخلصين والمعزّين الذين شدّوا الرحال لزيارة سيد الشهداء، ونال هذه السعادة وكفاه فخراً ، وإنّ كاتب الرسالة منفرد في هذا القول، أقول ذلك وأخرج من عهدته، واللَّه وليّ التوفيق .۱
وممّا يجدر ذكره أنّ الكاتب لم يقم دليلاً على إثبات رأيه، ومن البديهيّ أنّ القرائن المؤدّية إلى استبعاد وصول أهل البيت إلى كربلاء في الأربعين الاُولى لا تُثبِت أنّه كان في الأربعين الثانية .
د - عودة أهل البيت إلى كربلاء في غير الأربعين
يُعدّ الآثار الباقية لأبي الريحان البيروني (م 440ه . ق) المصدر الوحيد بين المصادر القديمة ، والكتاب الوحيد الذي صرّح بأنّ أهل بيت سيّد الشهداء عادوا إلى كربلاء في الأربعين۲ ، ولكنّ هذا الكلام لا يمكن الأخذ به نظراً إلى ما قيل ، خاصّة وإنّ أيّاً من المصادر لم تؤيّد هذا الرأي حتّى القرن السابع .
إلا أنّ عودة أهل بيت سيّد الشهداء إلى كربلاء في غير الأربعين قد ذُكرت في مصادر مثل: أمالي الصدوق ،۳ اللهوف ، ومثير الأحزان .۴ولعلّ الإشكال الوحيد الذي يمكن طرحه في هذا