لعن اللَّه ابن مرجانة فإنّه أخرجه واضطرّه ... وقتله ، فبغّضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع لي في قلوبهم العداوة ، فبغضني البرّ والفاجر .1
كما أبدى الأشخاص الذين لعبوا دوراً في مأساة كربلاء ندمهم على ما فعلوه، كلٌّ باُسلوبٍ معيّن .2
ومن جهة اُخرى، فقد لحقت الآثار التكوينيّة لهذه الجريمة من قام بها وشارك فيها من المجرمين.3وبعد ثلاث سنوات من حادثة عاشوراء، هلك يزيد وانتقل الحكم بموته من آل أبي سفيان - الذين كانوا ينوون التسلّط على رقاب المسلمين وحكمهم لقرون - إلى بني مروان .
وقد جاء في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام يخاطب فيها المنصور الدوانيقي:
إنَّ هذَا المُلكَ كانَ في آلِ أبي سُفيانَ ، فَلَمّا قَتَلَ يَزيدُ حُسَيناً سَلَبَهُ اللَّهُ مُلكَهُ ، فَوَرَّثَهُ آلَ مَروانَ .4
ولا شكّ في أنّ الإمام عليه السلام لا يريد بهذا الكلام أنّه لو لا شهادة الإمام الحسين عليه السلام لكانت حكومة بني سفيان شرعيّة ، أو أنّ انتقالها إلى بني مروان كان شرعيّاً ، بل يعني أنّه في ظلّ الجوّ السياسيّ الاجتماعيّ الذي كان معاوية قد أوجده، كان بالإمكان بشكل طبيعيّ أن يستمرّ الحكم في اُسرة أبي سفيان لأجيالٍ عديدة ، إلّا أنّ الجريمة التي ارتكبها يزيد أزالت هذه الأرضيّة .
وبتعبير آخر فإنّ نسبة استمرار حكم بني سفيان أو عدم استمراره وانتقاله إلى بني مروان ، إلى اللَّه تعالى في الحديث المذكور هي من باب التوحيد في الأفعال ، حيث لا تتحقّق أيّ ظاهرة في العالم من دون مشيئته ، ولكنّه مع ذلك لا ينفي إرادة الإنسان ، ولا يدلّ على مشروعيّة الظاهرة .
وقد جاء في رواية اُخرى عن الإمام الصادق عليه السلام :
لَمّا وَلِيَ عَبدُ المَلِكِ بنُ مَروانَ الخِلافَةَ ، كَتَبَ إلَى الحَجّاجِ بنِ يوسُفَ : بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ
1.راجع : ص ۱۱۴۲ ح ۱۶۴۸ .
2.راجع: ص ۱۲۱۲ (الفصل الثاني : صدى قتل الإمام عليه السلام فيمن شرك في قتله).
3.راجع : ص ۱۲۳۳ (الفصل السادس : مصير من كان له دور في قتل الإمام عليه السلام وأصحابه) .
4.الكافي: ج ۲ ص ۵۶۳ ح ۲۲، بحار الأنوار: ج ۴۷ ص ۲۰۹ ح ۵۱.