1175
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

اللَّهُ مُلكَهُ فَأَعطاكُموهُ .1
وكما وردت الإشارة في هذه الرواية، فقد زالت حكومة بني اُميّة التي كانت تمثّل أكبر خطر على الإسلام ، تماماً سنة 132 ه ؛ أي بعد 71 سنة من واقعة عاشوراء، وأمسك بنو العبّاس عمّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله بزمام حكم العالم الإسلامي .
ولم تمضِ مدّةٌ طويلة حتّى انتهج حكّام بني العبّاس سياسات حكّام بني اُميّة نفسها. وتعاملوا بقسوة مع الأمواج السياسيّة الاجتماعيّة المطالبة بالإصلاح ، والتي كانت تمتدّ جذورها إلى وقعة عاشوراء، كما واجهوا آل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله الذين كانوا يمثّلون الدعامة الأساسيّة لهذه الحركات .
والملاحظة التي تستحقّ التأمّل أنّ هذه الحركات الشعبيّة المستلهمة من واقعة عاشوراء، رغم أنّها لم تؤدّ أبداً إلى حكم الإسلام الأصيل بقيادة أهل البيت عليهم السلام ، إلّا أنّها أدّت دوماً دوراً مؤثّراً في الحؤول دون تقوّض أساس الإسلام .

تأثير وقعة كربلاء على ثوراتٍ أربع‏

من البديهيّ أنّ دراسة وتبيين دور واقعة عاشوراء في الحركات الشعبيّة والدفاع عن كيان الإسلام الأصيل ، منذ ذلك الحين وحتّى انتصار الثورة الإسلامية ، ليس فقط أنّه لا يمكن استيعابها في هذا المقال، بل إنّها خارج نطاق هذا الكتاب أيضاً ، ولذلك فإنّنا سنكتفي بإشارة عابرة إلى أربع حركات انطلقت في العقد الأوّل بعد نهضة سيّد الشهداء، تحت التأثير المباشر أو غير المباشر لأمواج واقعة عاشوراء السياسيّة والاجتماعيّة :

1 . ثورة أهل المدينة (واقعة الحرّة)

في السنة الثانية من حكم يزيد، وبعد سنتين من واقعة عاشوراء تقريباً، و في أواخر ذي الحجّة سنة 63 ه ،۲ثار أهل المدينة بقيادة عبد اللَّه بن حنظلة غسيل الملائكة۳ ضدّ حكومة يزيد،

1.الكافي: ج ۲ ص ۵۶۳ ح ۲۲، بحار الأنوار: ج ۴۷ ص ۲۰۹ ح ۵۱.

2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۴، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۵۰، الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۶۸.

3.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۵، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۳۸، الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۶۶.


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1174

الرَّحيمِ ، مِن عَبدِ المَلِكِ بنِ مَروانَ أميرِ المُؤمِنينَ إلَى الحَجّاجِ بنِ يُوسفَ .
أمّا بَعدُ ، فَانظُر دِماءَ بَني عَبدِ المُطَّلِبِ فَاحتَقِنها واجتَنبِها ؛ فَإِنّي رَأَيتُ آلَ أبي سُفيانَ لَمّا وَلَغوا فيها لَم يَلبَثوا إلّا قَليلاً ، وَالسَّلامُ .1
كما ذكر ابن عبد ربّه في العقد الفريد :
كتب [عبد الملك بن مروان‏] إلى الحجّاج بن يوسف: «جنّبني دماء بني عبد المطّلب ، فليس فيها شفاء من الحرب ،2 وإنّي رأيت بني حرب سُلبوا ملكهم لمّا قتلوا الحسين بن عليّ» . فلم يتعرّض الحجّاج لأحد من الطالبيين في أيّامه.3
وجاء في رواية أنّ هذا الكتاب بعثه عبدالملك بشكل سرّي إلى الحجّاج ، وبعد إرسال هذا الكتاب بقليل ، بعث الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام ، كتاباً إلى عبد الملك قال فيه :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّكَ كَتَبَت في يَومِ كَذا ، في ساعَةِ كَذا، في شَهرِ كَذا، في سَنَةِ كَذا بِكَذا وكَذا، وإنَّ اللَّهَ تَعالى‏ قَد شَكَرَ لَكَ ذلِكَ ، لِأَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أتاني في مَنامي فَأَخبَرَني أنَّكَ كَتَبتَ في يَومِ كَذا ، في ساعَةِ كَذا، وأنَّ اللَّهَ تَعالى‏ قَد شَكَرَ لَكَ ذلِكَ ، وثَبَّتَ مُلكَكَ ، وزادَكَ فيهِ بُرهَةً .4
وعندما وصل كتاب الإمام زين العابدين عليه السلام إلى عبد الملك ، رأى أنّ تاريخه يتزامن مع إرسال كتابه إلى الحجّاج ، ولذلك لم يتردّد في صدق تنبّؤ الإمام عليه السلام وأبدى ارتياحه الكبير .5
وممّا يجدر ذكره أنّ سياسة عبد الملك هذه لم تستمرّ في الذين خلفوه ، فإنّ جرائم بني مروان وإن لم تبلغ مستوى جرائم معاوية وابنه يزيد ، إلّا أنّها لم تكن تختلف عنها اختلافاً كبيراً، بل إنّ السياسات نفسها تواصلت بشكل عام، ولذلك يصرّح الإمام الصادق عليه السلام في الرواية التي نقلت بشأن انتقال الحكم من بني سفيان إلى بني مروان، قائلاً وهو يخاطب الخليفة العبّاسيّ المنصور :
فَلَمّا قَتَلَ هِشامُ زَيداً ، سَلَبَهُ اللَّهُ مُلكَهُ فَوَرَّثَهُ مَروانَ بنَ مُحَمَّدٍ ، فَلَمّا قَتَلَ مَروانُ إبراهيمَ ، سَلَبَهُ

1.كشف الغمّة: ج ۲ ص ۳۲۴، الثاقب في المناقب: ص ۳۶۱ ح ۳۰۰ نحوه، بحار الأنوار: ج ۴۶ ص ۴۴ ح ۴۴.

2.الحَرَب: الغَضَب (راجع : النهاية: ج ۱ ص ۳۵۹ «حرب» ).

3.العقد الفريد: ج ۳ ص ۳۸۲، المحاسن والمساوئ: ص ۵۵، جواهر المطالب: ج ۲ ص ۲۷۸ كلاهما نحوه.

4.الثاقب في المناقب: ص ۳۶۱ح ۳۰۰ ، كشف الغمة: ج ۲ ص ۳۲۴، بحار الأنوار: ج ۴۶ ص ۴۴ ح ۴۴ .

5.نفس المصادر .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970115
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به