1177
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

لحاكم المدينة الأرضيّة لهذه الثورة .۱
ويرى البعض أنّ سبب واقعة الحرّة هو الحقد الذي كان يحمله بنو اُميّة ضدّ قبيلتي الأوس والخزرج وأهل المدينة؛ ذلك لأنّهم هبّوا لنصرة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقتلوا الكثير من بني اُميّة وقريش في الحروب المختلفة.۲
ويمكن القول إنّ جميع هذه العوامل كان لها دور بشكلٍ مّا في ثورة أهل المدينة، ولكن إلى جانب العوامل المذكورة ، فإنّ الذي نشر الوعي بين الناس ومنحهم الجرأة وشجّعهم على الثورة ضدّ حكومة يزيد، هو واقعة عاشوراء دون شكّ ؛ ذلك لأنّ الإمام الحسين عليه السلام عندما أعلن معارضته لمبايعة يزيد قبل واقعة عاشوراء وصرّح قائلاً :
وعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ ، إذ قَد بُلِيَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ يَزيدَ .۳
فلم يُبدِ أهل المدينة أيّ ردّ فعل تجاه ذلك ، فغادر المدينة ، ولكنّ الأمواج السياسيّة الاجتماعيّة لهذه الحادثة قلبت أجواء المدينة بعد واقعة كربلاء.
ويصف السيّد ابن طاووس أوضاعَ المدينة عند عودة أهل بيت سيّد الشهداء بعد واقعة عاشوراء، نقلاً عن بشير بن حذلم، قائلاً:
فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلّا برزن من خدورهنّ ، مكشوفة شعورهنّ ، مخمشة وجوههنّ ، ضاربات خدودهنّ ، يدعون بالويل والثبور . [قال الراوي :] فلم أرَ باكياً أكثر من ذلك اليوم ولا يوماً أمرّ على المسلمين منه بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله .۴
ولا شكّ في أنّ هذا الوضع خلق موجة من الغضب، وأيقظ الناس، ومنحهم الجرأة كي يثوروا ضدّ حكومة يزيد ، إلى جانب العوامل الاُخرى .

2 . ثورة أهل مكّة

قائد هذه الثورة هو عبد اللَّه بن الزبير ، وهو ممّن لم يبايع يزيد ، و كان مثل بني اُميّة من

1.تاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۲۵۰؛ الإمامة والسياسة: ج ۱ ص ۲۲۷.

2.راجع: كتاب تأملي در نهضت عاشوراء«بالفارسية» .

3.راجع : ص ۲۶۹ ح ۱۹۸ .

4.راجع : ص ۱۳۲۵ ح ۱۹۵۵ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1176

فبعث لهم يزيد جيشاً من الشام إلى المدينة بقيادة مسلم بن عقبة، وقمع بكلّ قسوةهذه الثورة الشعبيّة،۱ وقد سُمّيت‏هذه المعركة بواقعة الحرّة؛لحدوثها في منطقة الحرّة .
وقد ذُكرت عوامل مختلفة حول أسباب ودوافع ثورة أهل المدينة ضدّ حكومة يزيد، أحدها: أنّ بعض الشخصيات البارزة في المدينة قدّموا لأهل المدينة أخباراً ، فقام والي المدينة وبهدف الحيلولة دون حدوث ثورة عامّة بإرسال عدد من وجهاء المدينة إلى الشام؛ كي يشاهدوا قدرة يزيد عن كثب ، وكي يتأثّروا بعطاياه لهم فيمنعوا الناس عن الثورة ،۲ ولكنّهم ذكروا للناس بعد عودتهم إلى المدينة نتيجة سفرهم، فقالوا :
إنّا قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويعزف بالطّنابير ، ويضرب عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسامر۳ الخرّاب‏۴والفتيان .۵
فما كان منهم إلّا أن عزلوا يزيد من الخلافة ، واتّبعهم أهل المدينة .۶
وجاء في رواية اُخرى أنّ سبب ثورة أهل المدينة هو أنّ عامل الصوافي‏۷ كان يريد أن يخرج عوائد الأملاك المتعلّقة بها من المدينة ، فمنعه الأهالي من ذلك، وهيّأ التعامل البارد

1.تروي المصادر المعتبرة أنّ مسلم بن عقبة أباح نفوس أهل المدينة وأموالهم وأعراضهم لجنوده مدّة ثلاثة أيّام، وقتل الكثير من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقارئي القرآن، كما تمّ الاعتداء على الكثير من النساء، فولدن بسبب ذلك أولاداً سمّوا فيما بعد بأبناء الحرّة، واختلفت المصادر في عدد قتلى هذه الواقعة بين ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف، وبعد ثلاثة أيّام أخذ مسلم بن عقبة البيعة من الأهالي باعتبارهم عبيداً خالصين ليزيد، له الحقّ في أن يتصرّف في أموالهم وأعراضهم كما يشاء (راجع: أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۴۵- ۳۵۰ وتاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۵ ومروج الذهب: ج ۳ ص ۷۸ ومعجم البلدان: ج ۲ ص ۲۴۹ وتاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۲۵۰).

2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۷۸.

3.السمَر: المسامرة: وهو الحديث بالليل (الصحاح: ج ۲ ص ۶۸۸ «سمر»).

4.الخارب: اللصّ، والجمع الخرّاب (الصحاح: ج ۱ ص ۱۱۹ «خرب»).

5.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۸۰،أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۳۸ ، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۵۸۸، البداية والنهاية: ج ۸ ص ۲۱۶ كلها نحوه وراجع: فتح الباري: ج ۱۳ ص ۷۰ والعقد الفريد: ج ۳ ص ۳۷۲ والصواعق المحرقة: ص ۲۲۱.

6.راجع: تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۸۰ و أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۳۷ و الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۶۶ المنتظم : ج ۶ ص ۱۹.

7.الصَّوافي : الأملاك والأراضي التي جلا عنها أهلها أو ماتوا ولا وارث لها، واحدها صافية (النهاية : ج ۲ ص ۴۰).

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922395
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به