119
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

الفرصة وفررت من أيدي الموكّلين ولجأت أسفل الصرح، فوجدته قلعة حصينة وموضعاً منيعاً كان قد لجأ إليه قبلي جمع من المذنبين ، ورأيت الموكّلين وقد ابتعدا عن الصرح وهما لا يستطيعان التقرّب منه ، وكانا يسيران معنا على نفس المسافة من البُعد عنّا، فتوسّلا إلينا بالإشارة أن نعود فرفضنا ، وحينئذٍ لوّحا لنا بالتهديد ، وعندما رأينا أنّنا في حصن منيعٍ هدّدناهما نحن أيضاً ، وكنّا نسير بنفس قوّة القلب هذه ، وإذا برسول يأتي من جانب النبي صلى اللَّه عليه و آله وقال لتلك السيّدة العظيمة : إنّ جمعاً من مذنبي الاُمّة قد لجؤوا إليك فأرسليهم كي نحاسبهم ، فأشارت تلك المخدّرة فقدِم الموكّلون من كلّ صوب واقتادونا إلى موقف الحساب .
فرأينا هناك منبراً شاهق الارتفاع له درجات كثيرة وقد جلس في أعلاه سيّد الأنبياء صلى اللَّه عليه و آله ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام واقفاً على الدرجة الاُولى ومنشغلاً بحساب الخلائق وقد اصطفّوا أمامه ، وعندما حلّ دور حسابي خاطبني بلهجة اللوم والتوبيخ وقال: لماذا قرأت ما يشين ابني الحسين في خطبتك ونسبت إليه الذلّة والهوان ؟ فتحيّرت في الجواب ولم أجد بدّاً من الإنكار فأنكرت، فشعرت بألم في ذراعي وكأن مسماراً حديديّاً غرس فيه، فالتَفتّ فرأيتُ رجلاً استخرج طوماراً من يده فناولني إيّاه ، ففتحته وكان فيه كلّ ما كنت قرأته في كلّ مكان وزمان ومن جملته ذلك الموضع الذي سُئلت عنه .
فخطرت على بالي حيلة اُخرى، وقلت: لقد ذكرها المجلسي رحمة اللَّه عليه في المجلّد العاشر من البحار! فقال لأحد الخدّام الحاضرين: اذهب وخذ من المجلسي ذلك الكتاب، فالتفتُّ فرأيت صفوفاً كثيرة على الجانب الأيمن من المنبر ؛ أوّلها إلى جانب المنبر ولا يعلم آخرها إلّا اللَّه ، وكلّ عالمٍ قد وضع مؤلّفاته بين يديه ، وكان المجلسي رحمه اللَّه عليه الشخص الأوّل في الصفّ الأوّل ، وعندما أبلغ رسول النبيّ صلى اللَّه عليه و آله الرسالة إليه، تناول الكتاب من بين الكتب وناوله إيّاه فجاء به ، فأشار بأن يناولنيه فأخذتُه وغُصت في بحر من الحيرة ؛ ذلك لأنّ هدفي من تلك الحيلة والافتراء كان التخلّص من تلك المعضلة !
فتصفّحت بعض أوراقه دون هدى ، فخطرت على بالي أثناء ذلك حيلةٌ اُخرى ، فقلت: لقد رأيته في مقتل الحاج الملّا صالح البرغاني، فأمر أحد الخدّام بأن يذهب إليه ويأتي بالكتاب، فذهب وقال : كان الحاج المذكور الشخص السادس أو السابع من الصفّ السادس أو السابع ، فالتقط الكتاب بنفسه وجاء به ، فأمرني بأن أجد تلك الفقرة من ذلك


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
118

بعد غصّةٍ ، وجرعةً بعد جرعةٍ .۱
إن مثل هذه الروايات تخالف اُصول عقائد الشيعة بشأن المكانة السامية لأهل بيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فضلاً عن أنّها تتنافى مع محكمات تاريخ عاشوراء ومواقف الإمام طيلة حياته المليئة بالمفاخر .۲
وعلى هذا الأساس فإنّ من آفات مجالس عزاء سيّد الشهداء هي إنشاد المراثي المهينة له عليه السلام ، وعلى الخطباء المخلصين لأهل البيت عليهم السلام أن يتجنّبوا كلَّ كلامٍ أو تعبيرٍ يدلّ على إظهار الإمام عليه السلام أو أهل بيته للذلّة في حادثة عاشوراء. وقد نقل المحدّث النوري‏۳ في هذا المجال في كتاب «اللؤلؤ والمرجان» رؤيا صادقة - مثيرة حقّاً - لأحد الخطباء المعروفين من دون ذكر اسمه .

لماذا ذكرتَ ذلّة ابني الحسين في خطبتك؟!

يقول المحدّث النوري قدّس سرّه في كتابه :
رأى أحد الخطباء الكرام والمعروفين ذات ليلة في المنام وكأنّ القيامة قد قامت والخلق في غاية الخوف والحيرة ، وكان كلّ واحدٍ منهم منشغلاً بنفسه، في حين كانت الملائكة تسوقهم نحو الحساب ، وقد اُوكِل بكلّ شخصٍ موكّلان ، وعندما رأيتُ هذه الداهية فكّرت في عاقبتي، فإلى أين سينتهي الأمر بهوله هذا؟ وفي هذه الأثناء أمرني اثنان من تلك الجماعة بأن أفد على خاتم الأنبياء صلى اللَّه عليه و آله؛ لأنّ عاقبة الأمر كانت خطيرة ، فتباطأت فاقتادوني بالقوّة ، وكان أحدهما أمامي والآخر خلفي وأنا بينهما وقد استولى عليَّ الرعب ، وإذا بي أرى صرحاً كبيراً للغاية على كتف جماعة تسير من الجانب الأيمن، فعرفت بالإلهام الإلهي أنّ سيّدة نساء العالمين صلوات اللَّه عليها في ذلك الصرح، وعندما اقتربت منه اغتنمت

1.نور العين للإسفرايني : ص ۵۰ .

2.لمزيد من الاطلاع حول محكمات تاريخ عاشوراء ومواقف الإمام الحسين عليه السلام راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام ، نگاهي نو به جريان عاشوراء (مجموعه مقالات) ، نهضت عاشوراء (جستارهاي كلامي ، سياسي ، وفقهي) ، مجموعه مقالات كنگره بين المللي امام خميني وفرهنگ عاشوراء (۸ ج) ، حماسه حسيني ، قيام جاودانه ، نگاهي به حماسه حسيني ، عاشوراء شناسي ، عاشوراء پژوهي (كلّها بالفارسيّة) .

3.المراد به هو الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت ۱۳۲۰ ه ) .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970148
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به