1191
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

وطَهَّرَهُم تَطهيراً ، فَطَلَبَ إلَيكُمُ المُوادَعَةَ ، وسَأَلَكُمُ الرَّجعَةَ ، فَاغتَنَمتُم قِلَّةَ أنصارِهِ ، وَاستِئصالَ أهلِ بَيتِهِ ، وتَعاوَنتُم عَلَيهِ ، كَأَنَّكُم قَتَلتُم أهلَ بَيتٍ مِنَ التُّركِ‏۱وَالكُفرِ ، فَلا شَي‏ءَ أعجَبُ عِندي مِن طَلِبَتِكَ وُدّي وقَد قَتَلتَ وُلدَ أبي ، وسَيفُكَ يَقطُرُ مِن دَمي ! وأنتَ أحَدُ ثَأري! ولا يُعجِبكَ أن ظَفِرتَ بِنَا اليَومَ ، فَلنَظفَرَنَّ بِكَ يَوماً ، وَالسَّلامُ .۲

۱۶۹۳.المعجم الكبير عن أبان بن الوليد : كَتَبَ عَبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيرِ إلَى ابنِ عَبّاسٍ فِي البَيعَةِ ، فَأَبى‏ أن يُبايِعَهُ ، فَظَنَّ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ أنَّهُ إنَّمَا امتَنَعَ عَلَيهِ لِمَكانِهِ ، فَكَتَبَ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ إلَى ابنِ عَبّاسٍ :
أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَني أنَّ المُلحِدَ ابنَ الزُّبَيرِ دَعاكَ إلى‏ بَيعَتِهِ لِيُدخِلَكَ في طاعَتِهِ ، فَتَكونَ عَلَى الباطِلِ ظَهيراً ، وفِي المَأثَمِ شَريكاً ، فَامتَنَعتَ عَلَيهِ ، وَانقَبَضتَ لِما عَرَّفَكَ اللَّهُ مِن نَفسِكَ في حَقِّنا أهلَ البَيتِ ، فَجَزاكَ اللَّهُ أفضَلَ ما يَجزِي الواصِلينَ مِن أرحامِهِم ، الموفينَ بِعُهودِهِم ، فَمَهما أنسى‏ مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ أنسى‏ بِرَّكَ وصِلَتَكَ ، وحُسنَ جائِزَتِكَ بِالَّذي أنتَ أهلُهُ مِنّا فِي الطّاعَةِ وَالشَّرَفِ ، وَالقَرابَةِ لِرَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَانظُر مَن قِبَلَكَ مِن قَومِكَ ومَن يَطرَأُ عَلَيكَ مِن أهلِ الآفاقِ مِمَّن يَسحَرُهُ ابنُ الزُّبَيرِ بِلِسانِهِ وزُخرُفِ قَولِهِ ، فَخَذِّلهُم عَنهُ ، فَإِنَّهُم لَكَ أطوَعُ ، ومِنكَ أسمَعُ مِنهُم لِلمُلحِدِ الخارِبِ‏۳المارِقِ‏۴ ، وَالسَّلامُ .
فَكَتَبَ ابنُ عَبّاسٍ إلَيهِ :
أمّا بَعدُ ، فَقَد جاءَني كِتابُكَ تَذكُرُ دُعاءَ ابنِ الزُّبَيرِ إيّايَ لِلَّذي دَعاني إلَيهِ ، وأنِّي امتَنَعتُ مَعرِفَةً لِحَقِّكَ ، فَإِن يَكُن ذلِكَ كَذلِكَ فَلَستُ بِرَّكَ أغزو بِذلِكَ ، ولكِنَّ اللَّهَ بِما أنوي بِهِ عَليمٌ .
وكَتَبتَ إلَيَّ أن أحُثَّ النّاسَ عَلَيكَ ، واُخَذِّلَهُم عَنِ ابنِ الزُّبَيرِ ، فَلا سُروراً ولا حُبوراً۵ ، بِفيكَ

1.الأتراك الأصليّون (ساكنوا آسيا الوسطى وشمال القفقاز) لم يكونوا من المسلمين آنذاك .

2.الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۶۰۳ .

3.الخارب : اللصّ (الصحاح : ج ۱ ص ۱۱۹ «خرب») .

4.مَارِقٌ : أي خارج عن الدين (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۶۸۹ «مرق») .

5.الحُبُور : هو السرور . قال اللَّه تعالى : «فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرونَ» أي يُنعّمون ويكرّمون ويسرّون (الصحاح : ج ۲ ص ۶۲۰ «حبر») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1190

أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَني أنَّ المُلحِدَ ابنَ الزُّبَيرِ دَعاكَ إلى‏ بَيعَتِهِ ، وأنَّكَ اعتَصَمتَ بِبَيعَتِنا ، وَفاءً مِنكَ لَنا ، فَجَزاكَ اللَّهُ مِن ذي رَحِمٍ خَيرَ ما يَجزِي الواصِلينَ لِأَرحامِهِم ، الموفينَ بِعُهودِهِم ، فَما أنسَ مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ بِناسٍ بِرَّكَ ، وتَعجيلَ صِلَتِكَ بِالَّذي أنتَ لَهُ أهلٌ ، فَانظُر مَن طَلَعَ عَلَيكَ مِنَ الآفاقِ مِمَّن سَحَرَهُمُ ابنُ الزُّبَيرِ بِلِسانِهِ ، فَأَعلِمهُم بِحالِهِ ، فَإِنَّهُم مِنكَ أسمَعُ النّاسِ ، ولَكَ أطوَعُ مِنهُم لِلمُحِلِّ .
فَكَتَبَ إلَيهِ ابنُ عَبّاسٍ :
أمّا بَعدُ ، فَقَد جاءَني كِتابُكَ ، فَأَمّا تَركي بَيعَةَ ابنِ الزُّبَيرِ فَوَاللَّهِ ما أرجو بِذلِكَ بِرَّكَ ولا حَمدَكَ ، ولكِنَّ اللَّهَ بِالَّذي أنوي عَليمٌ .
وزَعَمتَ أنَّكَ لَستَ بِناسٍ بِرّي، فَاحبِس - أيُّهَا الإنسانُ - بِرَّكَ عَنّي ، فَإِنّي حابِسٌ عَنكَ بِرّي.
وسَأَلتَ أن اُحَبِّبَ النّاسَ إلَيكَ ، واُبَغِّضَهُم واُخَذِّلَهُم لِابنِ الزُّبَيرِ ، فَلا ولا سُرورَ ، ولا كَرامَةَ ، كَيفَ وقَد قَتَلتَ حُسَيناً عليه السلام وفِتيانَ عَبدِ المُطَّلِبِ ، مَصابيحَ الهُدى‏ ، ونُجومَ الأَعلامِ ؟! غادَرَتهُم خُيولُكَ بِأَمرِكَ في صَعيدٍ واحِدٍ ، مُرَمَّلينَ‏۱بِالدِّماءِ ، مَسلوبينَ بِالعَراءِ ، مَقتولينَ بِالظِّماءِ ، لا مُكَفَّنينَ ، ولا مُوَسَّدينَ ، تَسفي‏۲ عَلَيهِمُ الرِّياحُ ، ويَنشي‏۳بِهِم عُرجُ البِطاحِ‏۴ !! حَتّى‏ أتاحَ اللَّهُ بِقَومٍ لَم يَشرَكوا في دِمائِهِم ، كَفَّنوهُم وأجَنّوهُم‏۵ ، وبي وبِهِم لَو عَزَّزتَ وجَلَستَ مَجلِسَكَ الَّذي جَلَستَ ، فَما أنسَ مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ بِناسٍ إطرادَكَ حُسَيناً عليه السلام مِن حَرَمِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، إلى‏ حَرَمِ اللَّهِ ، وتَسييرَكَ الخُيولَ إلَيهِ ، فَما زِلتَ بِذلِكَ حَتّى‏ أشخَصتَهُ إلَى العِراقِ ، فَخَرَجَ خائِفاً يَتَرَقَّبُ ، فَنَزَلَت بِهِ خَيلُكَ عَداوَةً مِنكَ للَّهِ‏ِ ولِرَسولِهِ ، ولِأَهلِ بَيتِهِ الَّذينَ أذهَبَ اللَّهُ عَنهُمُ الرِّجسَ

1.رمَّلَهُ بالدم : أي تَلَطّخَ (الصحاح : ج ۴ ص ۱۷۱۳ «رمل») .

2.سفت الريح التُرابَ : ذَرّتْهُ أو حَمَلَتْهُ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۳۴۳ «سفت») . في بعض النقول - كما يأتي - : «عُرجُ الضِّباع» ؛ أي القطيع من الضّباع . والعَرجاء : الضَّبُع ؛ خِلقَة فيها ، والجمع عُرْج ، وعُرْجُ الضِّباع يجعلونها بمنزلة القبيلة (تاج العروس : ج ۳ ص ۴۳۱ «عرج»).

3.نشى‏ ريحاً طيِّبَةً : شَمَّها. و نَشِيَ بالشي‏ءِ : عاوَدَهُ مرّةً بعد اُخرى (تاج العروس : ج ۲۰ ص ۲۴۴ «نشي»).

4.البَطْحاءُ والأَبطَحُ : مسيل واسع فيه دقاق الحصى ، والجمع : أباطح وبطاح (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۱۶ «بطح») .

5.إجنَانَهُ : أي دفْنَهُ وسَتْرَهُ (النهاية : ج ۱ ص ۳۰۷ «جنن») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1971090
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به