وطَهَّرَهُم تَطهيراً ، فَطَلَبَ إلَيكُمُ المُوادَعَةَ ، وسَأَلَكُمُ الرَّجعَةَ ، فَاغتَنَمتُم قِلَّةَ أنصارِهِ ، وَاستِئصالَ أهلِ بَيتِهِ ، وتَعاوَنتُم عَلَيهِ ، كَأَنَّكُم قَتَلتُم أهلَ بَيتٍ مِنَ التُّركِ۱وَالكُفرِ ، فَلا شَيءَ أعجَبُ عِندي مِن طَلِبَتِكَ وُدّي وقَد قَتَلتَ وُلدَ أبي ، وسَيفُكَ يَقطُرُ مِن دَمي ! وأنتَ أحَدُ ثَأري! ولا يُعجِبكَ أن ظَفِرتَ بِنَا اليَومَ ، فَلنَظفَرَنَّ بِكَ يَوماً ، وَالسَّلامُ .۲
۱۶۹۳.المعجم الكبير عن أبان بن الوليد : كَتَبَ عَبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيرِ إلَى ابنِ عَبّاسٍ فِي البَيعَةِ ، فَأَبى أن يُبايِعَهُ ، فَظَنَّ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ أنَّهُ إنَّمَا امتَنَعَ عَلَيهِ لِمَكانِهِ ، فَكَتَبَ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ إلَى ابنِ عَبّاسٍ :
أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَني أنَّ المُلحِدَ ابنَ الزُّبَيرِ دَعاكَ إلى بَيعَتِهِ لِيُدخِلَكَ في طاعَتِهِ ، فَتَكونَ عَلَى الباطِلِ ظَهيراً ، وفِي المَأثَمِ شَريكاً ، فَامتَنَعتَ عَلَيهِ ، وَانقَبَضتَ لِما عَرَّفَكَ اللَّهُ مِن نَفسِكَ في حَقِّنا أهلَ البَيتِ ، فَجَزاكَ اللَّهُ أفضَلَ ما يَجزِي الواصِلينَ مِن أرحامِهِم ، الموفينَ بِعُهودِهِم ، فَمَهما أنسى مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ أنسى بِرَّكَ وصِلَتَكَ ، وحُسنَ جائِزَتِكَ بِالَّذي أنتَ أهلُهُ مِنّا فِي الطّاعَةِ وَالشَّرَفِ ، وَالقَرابَةِ لِرَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَانظُر مَن قِبَلَكَ مِن قَومِكَ ومَن يَطرَأُ عَلَيكَ مِن أهلِ الآفاقِ مِمَّن يَسحَرُهُ ابنُ الزُّبَيرِ بِلِسانِهِ وزُخرُفِ قَولِهِ ، فَخَذِّلهُم عَنهُ ، فَإِنَّهُم لَكَ أطوَعُ ، ومِنكَ أسمَعُ مِنهُم لِلمُلحِدِ الخارِبِ۳المارِقِ۴ ، وَالسَّلامُ .
فَكَتَبَ ابنُ عَبّاسٍ إلَيهِ :
أمّا بَعدُ ، فَقَد جاءَني كِتابُكَ تَذكُرُ دُعاءَ ابنِ الزُّبَيرِ إيّايَ لِلَّذي دَعاني إلَيهِ ، وأنِّي امتَنَعتُ مَعرِفَةً لِحَقِّكَ ، فَإِن يَكُن ذلِكَ كَذلِكَ فَلَستُ بِرَّكَ أغزو بِذلِكَ ، ولكِنَّ اللَّهَ بِما أنوي بِهِ عَليمٌ .
وكَتَبتَ إلَيَّ أن أحُثَّ النّاسَ عَلَيكَ ، واُخَذِّلَهُم عَنِ ابنِ الزُّبَيرِ ، فَلا سُروراً ولا حُبوراً۵ ، بِفيكَ
1.الأتراك الأصليّون (ساكنوا آسيا الوسطى وشمال القفقاز) لم يكونوا من المسلمين آنذاك .
2.الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۶۰۳ .
3.الخارب : اللصّ (الصحاح : ج ۱ ص ۱۱۹ «خرب») .
4.مَارِقٌ : أي خارج عن الدين (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۶۸۹ «مرق») .
5.الحُبُور : هو السرور . قال اللَّه تعالى : «فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرونَ» أي يُنعّمون ويكرّمون ويسرّون (الصحاح : ج ۲ ص ۶۲۰ «حبر») .