1221
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

بِعَمِلِهِ ؟ وذلِكَ ظَنّي ، ثُمَّ اختَنَقَتهُ العِبرَةُ ، فَبَكى‏ طَويلاً وعَلا نَحيبُهُ .
ثُمَّ قالَ : وصِرتُ أنَا ثالِثَ القَومِ ، وَالسّاخِطُ عَلَيَّ أكثَرُ مِنَ الرّاضي ، وما كُنتُ لِأَتَحَمَّلَ آثامَكُم ، ولا يَرانِي اللَّهُ جَلَّت قُدرَتُهُ مُتَقَلِّداً أوزارَكُم ، وألقاهُ بِتَبِعاتِكُم ، فَشَأنُكُم أمرُكُم فَخُذوهُ ، ومَن رَضيتُم بِهِ عَلَيكُم فَوَلّوهُ ، فَلَقَد خَلَعتُ بَيعَتي مِن أعناقِكُم ... .
وَاللَّهِ ، لَئِن كانَتِ الخِلافَةُ مَغنَماً لَقَد نالَ أبي مِنها مَغرَماً ومَأثَماً ، ولَئِن كانَت سوءاً فَحَسبُهُ مِنها ما أصابَهُ .
ثُمَّ نَزَلَ ، فَدَخَلَ عَلَيهِ أقارِبُهُ واُمُّهُ ، فَوَجَدوهُ يَبكي ، فَقالَت لَهُ اُمُّهُ : لَيتَكَ كُنتَ حَيضَةً ولَم أسمَع بِخَبَرِكَ ، فَقالَ : وَدِدتُ - وَاللَّهِ - ذلِكَ ، ثُمَّ قالَ : وَيلي إن لَم يَرحَمني رَبّي .
ثُمَّ إنَّ بَني اُمَيَّةَ قالوا لِمُؤَدِّبِهِ عُمَرَ المَقصوصِ : أنتَ عَلَّمتَهُ هذا ولَقَّنتَهُ إيّاهُ ، وصَدَدتَهُ عَنِ الخِلافَةِ ، وزَيَّنتَ لَهُ حُبَّ عَلِيٍّ وأولادِهِ ، وحَمَلتَهُ عَلى‏ ما وَسَمَنا۱ بِهِ مِنَ الظُّلمِ ، وحَسَّنتَ لَهُ البِدَعَ ، حَتّى‏ نَطَقَ بِما نَطَقَ ، وقالَ ما قالَ .
فَقالَ : وَاللَّهِ ، ما فَعَلتُهُ ، ولكِنَّهُ مَجبولٌ ومَطبوعٌ عَلى‏ حُبِّ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَلَم يَقبَلوا مِنهُ ذلِكَ ، وأخَذوهُ ودَفَنوهُ حَيّاً حَتّى‏ ماتَ .۲

۱۷۵۶.الصواعق المحرقة : لَمّا وَلِيَ [مُعاوِيَةُ بنُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ] صَعِدَ المِنبَرَ ، فَقالَ : إنَّ هذِهِ الخِلافَةَ حَبلُ اللَّهِ ، وإنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ نازَعَ الأَمرَ أهلَهُ ، ومَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنهُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، ورَكِبَ بِكُم ما تَعلَمونَ ، حَتّى‏ أتَتهُ مَنِيَّتُهُ ، فَصارَ في قَبرِهِ ، رَهيناً بِذُنوبِهِ ، ثُمَّ قَلَّدَ أبِي الأَمرَ ، وكانَ غَيرَ أهلٍ لَهُ ، ونازَعَ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقُصِفَ‏۳عُمُرُهُ ، وَانبَتَرَ عَقِبُهُ ، وصارَ في قَبرِهِ ، رَهيناً بِذُنوبِهِ .
ثُمَّ بَكى‏ وقالَ : إنَّ مِن أعظَمِ الاُمورِ عَلَينا عِلمَنا بِسوءِ مَصرَعِهِ ، وبِئسَ مُنقَلَبُهُ ، وقَد قَتَلَ عِترَةَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وأباحَ الخَمرَ ، وخَرَّبَ الكَعبَةَ ، ولَم أذُق حَلاوَةَ الخِلافَةِ ، فَلا أتَقَلَّدُ مَرارَتَها ، فَشَأنُكُم أمرُكُم ، وَاللَّهِ ، لَئِن كانَتِ الدُّنيا خَيراً فَقَد نِلنا مِنها حَظّاً ، ولَئِن كانَت شَرّاً فَكَفى‏ ذُرِّيَّةَ أبي سُفيانَ ما أصابوا مِنها .۴

1.يقال : وَسَمَهُ يَسِمُهُ : إذا أثَّرَ فيه بِكَيٍّ (النهاية : ج ۵ ص ۱۸۶ «وسم»).

2.حياة الحيوان الكبرى : ج ۱ ص ۵۷ .

3.القَصْفُ : الكَسْرُ (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۱۶ «قصف») .

4.الصواعق المحرقة : ص ۲۲۴ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1220

سُفيانَ ما أصابوا مِنها .۱

۱۷۵۵.حياة الحيوان الكبرى : ثُمَّ قامَ بِالأَمرِ بَعدَهُ [أي بَعدَ يَزيدَ] ابنُهُ مُعاوِيَةُ ، وكانَ خَيراً مِن أبيهِ ، فيهِ دينٌ وعَقلٌ ، بويِعَ لَهُ بِالخِلافَةِ يَومَ مَوتِ أبيهِ ، فَأَقامَ فيها أربَعينَ يَوماً ، وقيلَ أقامَ فيها خَمسَةَ أشهُرٍ وأيّاماً ، وخَلَعَ نَفسَهُ .
وذَكَرَ غَيرُ واحِدٍ أنَّ مُعاوِيَةَ بنَ يَزيدَ لَمّا خَلَعَ نَفسَهُ صَعِدَ المِنبَرَ ، فَجَلَسَ طَويلاً ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ بِأَبلَغِ ما يَكونُ مِنَ الحَمدِ وَالثَّناءِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله بِأَحسَنِ ما يُذكَرُ بِهِ ، ثُمَّ قالَ :
يا أيُّهَا النّاسُ ! ما أنَا بِالرّاغِبِ فِي الاِئتِمارِ عَلَيكُم لِعَظيمِ ما أكرَهُهُ مِنكُم ، وإنّي لَأَعلَمُ أنَّكُم تَكرَهونَنا أيضاً ؛ لِأَنّا بُلينا بِكُم وبُليتُم بِنا ، ألا إنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ قَد نازَعَ في هذَا الْأَمرِ مَن كانَ أولى‏ بِهِ مِنهُ ومِن غَيرِهِ ، لِقَرابَتِهِ مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وعِظَمِ فَضلِهِ وسابِقَتِهِ ، أعظَمُ المُهاجِرينَ قَدراً ، وأشجَعُهُم قَلباً ، وأكثَرُهُم عِلماً ، وأوَّلُهُم إيماناً ، وأشرَفُهُم مَنزِلَةً ، وأقدَمُهُم صُحبَةً ، ابنُ عَمِّ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وصِهرُهُ وأخوهُ ، زَوَّجَهُ صلى اللَّه عليه وآله ابنَتَهُ فاطِمَةَ ، وجَعَلَهُ لَها بَعلاً بِاختِيارِهِ لَها ، وجَعَلَها لَهُ زَوجَةً بِاختِيارِها لَهُ ، أبو سِبطَيهِ سَيِّدَي شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ ، وأفضَلِ هذِهِ الاُمَّةِ ، تَربِيَةِ الرَّسولِ ، وَابنَي فاطِمَةَ البَتولِ ، مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ الطّاهِرَةِ الزَّكِيَّةِ ، فَرَكِبَ جَدّي مَعَهُ ما تَعلَمونَ ، ورَكِبتُم مَعَهُ ما لا تَجهَلونَ ، حَتّى‏ انتَظَمَت لِجَدِّي الاُمورُ ، فَلَمّا جاءَهُ القَدَرُ المَحتومُ وَاختَرَمَتهُ‏۲أيدِي المَنونِ ، بَقِيَ مُرتَهَناً بِعَمَلِهِ ، فَريداً في قَبرِهِ ، ووَجَدَ ما قَدَّمَت يَداهُ ، ورَأى‏ ما ارتَكَبَهُ وَاعتَداهُ .
ثُمَّ انتَقَلَتِ الخِلافَةُ إلى‏ يَزيدَ أبي ، فَتَقَلَّدَ أمرَكُم لِهَوىً كانَ أبوهُ فيهِ ، ولَقَد كانَ أبي يَزيدُ - بِسوءِ فِعلِهِ وإسرافِهِ عَلى‏ نَفسِهِ - غَيرَ خَليقٍ بِالخِلافَةِ عَلى‏ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، فَرَكِبَ هَواهُ ، وَاستَحسَنَ خَطَأَهُ ، وأقدَمَ عَلى‏ ما أقدَمَ مِن جُرأَتِهِ عَلَى اللَّهِ ، وبَغيِهِ عَلى‏ مَنِ استَحَلَّ حُرمَتَهُ مِن أولادِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقَلَّت مُدَّتُهُ ، وَانقَطَعَ أثَرُهُ ، وضاجَعَ عَمَلَهُ ، وصارَ حَليفَ حُفرَتِهِ ، رَهينَ خَطيئَتِهِ ، وبَقِيَت أوزارُهُ وتَبِعاتُهُ ، وحَصَلَ عَلى‏ ما قَدَّمَ ، ونَدِمَ حَيثُ لا يَنفَعُهُ النَّدَمُ ، وشَغَلَنَا الحُزنُ لَهُ عَنِ الحُزنِ عَلَيهِ ، فَلَيتَ شِعري ماذا قالَ ، وماذا قيلَ لَهُ ؟ هَل عوقِبَ بِإِساءَتِهِ وجوزِيَ

1.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۵۴ .

2.اخترمهم الدهر : أي اقتطعهم واستأصلهم (النهاية : ج ۲ ص ۲۷ «خرم») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1986985
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به