129
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

على الإمام الحسين عليه السلام والذي هو مستحبّ، من خلال الكذب الذي هو كبيرة من الكبائر، أو أن ننسب أيّ موضوع مكتوب أو غير مكتوب إلى أهل البيت عليهم السلام دون دراسة وتحقيق.
ونحن نرى أنّ أهمّ جذور اختلاق الأكاذيب في قراءة المراثي عبارة عن :

أ - الجهل‏

لو علم بعضُ خطباء المنابر أنّ ما يذكرونه للناس لا أساس له لاجتنبوا ذكرهُ بالتأكيد ، إلّا أنّهم يفتقرون إلى المعرفة الصحيحة بتاريخ عاشوراء ، كما أنّهم لا يكلّفون أنفسهم عناءَ التحقيق والبحث، ولهذا تراهم يعمدون إلى توظيف أيّ موضوع يرونه في كتابٍ ما أو يسمعونه من شخصٍ ما ، إذا ما رأوه مثيراً لعواطف الناس ، دون التأمّل في صحّته أو سقمه .
وبناءً على ذلك، فإنّ الخطوة الاُولى لإصلاح وتنقيح الرثاء ، تتمثّل في تعليم الخُطباء وإحياء روح البحث والتحقيق فيهم ، وكذلك اطّلاعُهم على ما هو المعتبر من مصادر تاريخ عاشوراء وغير المعتبر منها .

ب - الاستغلال السيّئ لِلِسان الحال‏

إنّ استعمال لسان الحال في الخطابة الحسينيّة ممّا لا إشكال فيه إذا توفّر فيه شرطان ، بل هو في الحقيقة نوعٌ من التوظيف للفنّ والمهارة في ذكر المصيبة :
الأوّل : أن يمتلك خطيب المنبر القدرة على تحديد حال الشخص الذي يريد أن يبيّن لسان حاله ، وهذه القدرة لا تتحقّق إلّا إذا كان الراثي يمتلك المعلومات الكافية عن هدف النهضة الحسينية، وتاريخ عاشوراء، والخصوصيّات الروحية للشخص الذي يريد أن يتحدّث عن حاله .
الشرط الثاني : أن لا ينسب الخطيب كلاماً إلى الإمام الحسين عليه السلام وأهل البيت، بل عليه التصريح بأنّ ما يقوله هو من استنتاجاته .
وللأسف فإنّ الكثير من قرّاء المراثي ينسبون إلى الإمام وأهل بيته بعض القضايا التي صيغت بقالب الشعر دون الالتزام بالشرطين المذكورين ، في حين أنّها لا حقيقة لها . ويبدو أنّ الاستغلال السيّئ للسان الحال في قراءة المراثي هو من أسباب تسرّب الكذب إلى المقاتل المكتوبة .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
128

هو المرحوم الحاج الشيخ محمّد حسن النجف آبادي أعلى اللَّه مقامه، فذهبت إليه ونقلت له مصيبة كنت قد سمعتها حديثاً في أحد الأماكن ولم أكن قد سمعتها حتّى ذلك الوقت. وَاتّفق أن كان الشخصُ الذي كان يقرأ هذه المصيبة مدمناً على الأفيون ، وقد أنشد هذه المصيبة وأبكى الناس كثيراً . وهي قصّة امرأة عجوز كانت قد خرجت لزيارة الإمام الحسين في عهد المتوكّل ، وكان النظام الحاكم يمنع الناس من زيارته، فكانوا يقطعون الأيدي ، حتّى بلغ الأمرُ بهم أنّهم اقتادوا هذه المرأة وألقوها في البحر ، فنادت المرأة وهي على ذلك الحال بأعلى صوتها : يا أبا الفضل العبّاس! وعندما كانت في حالة الغرق جاء فارس وقال لها: أمسكي بركاب فرسي ، فأمسكت به، ثمّ قالت له : لماذا لم تمدّ إليَّ يدك لاُمسك بها ؟ فأجاب قائلاً : ليست لي يد ! فضجّ الناسُ بالبكاء.
وقد نقل المرحوم الحاج الشيخ محمّد حسن تاريخ هذه القضية قائلاً : إنّه كان مجلس عزاء ذات يوم في مقربة من السوق، حوالي مدرسة الصدر (وكانت هذه الحادثة قد وقعت قبله، ونقلها عن أشخاص موثوقين) وكان من أكبر مجالس العزاء في إصفهان ؛ حتّى إنّ المرحوم الحاج الملّا إسماعيل الخواجوئي الذي كان من كبار علماء إصفهان كان حاضراً فيه. وكان هناك خطيب معروف يقول: بأنّني كنت آخر الخطباء في هذا المجلس وكان هناك خطباء آخرون أيضاً ، فكانوا يستعرضون مهارتهم في إبكاء الناس . وكان كلّ شخص يأتي يفوق من سبقه في الإبكاء ، ثمّ يجلس بعد قراءته الرثاء في المجلس كي يرى فنّ الخطيب التالي له . واستمرّ المجلس حتّى الظهر ، وأظهر كلُّ خطيبٍ كلّ ماكان يمتلكه من قدرات ، فأبكوا الناس .
يقول ذلك الخطيب المعروف: ففكّرت فيما يجب أن أفعله، فاختلقت هذه القصّة في ذلك المجلس نفسه، وصعدت المنبر وحكيتها وتفوّقت على الجميع . وفي عصر ذلك اليوم ذهبتُ إلى مجلسٍ آخر كان في منطقة (چهار سوق) فسمعت الخطيب الذي ارتقى المنبر قبلي يحكي القصّة نفسها! ثمّ شيئاً فشيئاً كُتبت في الكتب ثمّ طُبعت !۱

الجذور للكذب في قراءة المراثي‏

إنّ من كان له أدنى معلومات دينية يعلم بأدنى تأمّل أنّ الإسلام لا يجيز إعداد الأرضية للبكاء

1.المصدر السابق : ج ۱ ص ۴۹.

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922453
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به