131
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

جديدة حول وقعة كربلاء، ولمّا كانت مصائب كربلاء محدودة على الرغم من عظمها، فإنّ السعي من أجل العثور على مصائب جديدة يُهيّئ الأرضيّة لنفوذ أنواع الأكاذيب والمعلومات الضعيفة في هذا المجال .
فلأجل مواجهة هذا الخطر يجب أن يحلَّ الإبداعُ في استعراض المصائب التي ذُكرت في المصادر المعتبرة، محلّ السعي من أجل إيجاد مصائب جديدةٍ .

د - حبّ الدنيا

يُعدّ حبّ الدنيا من أهمّ وأخطر جذور الكذب في مجال الخطابة الحسينيّة ، فقد جاء في حديث عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله :
حُبُّ الدُّنيا رَأسُ كُلِّ خَطيئَةٍ ، ومِفتاحُ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، وسَبَبُ إحباطِ كُلِّ حَسَنَةٍ .۱
الجدير بالذكر هو أنّ أنواع الدوافع غير الإلهية في الخطابة ، (سواء كانت هي الحصول على الدخل المادّي أو تحقيق الشهرة والشعبية أو غير ذلك) ، هي من حبّ الدنيا ، وما لم يُعالَج هذا المرض الخطير وما لم يحصل الإخلاص للخطباء الحسينيّين ، فإنّ جميع المساعي لإصلاح هذا المرض سوف تكون عقيمة ولا تجدي نفعاً .

6. البدعة في كيفية إقامة شعائر العزاء

إنّ الآفات التي ذكرناها حتّى الآن كانت تهدّد مضامين مجالس العزاء على سيّد الشهداء، وهناك عددٌ من الآفات ذات علاقة بشكل العزاء وكيفيّته .
وكما هو معلومٌ فإنّ العبادات من الناحية الفقهية - سواء الواجبة أو المستحبّة - توقيفيةٌ ؛ بمعنى أنّ أصل العبادة وكيفيتها يجب أن يتمّ إثباتهما بواسطة الأدلّة الشرعية، وإلّا فإنّ العمل الذي يؤدّى‏ باعتباره عبادة دون دليل شرعيّ يعدّ بدعةً ، وليس مَنهيّاً عنه فحسب، بل هو محرّمٌ أيضاً .
وإنّ استحباب إقامة العزاء على سيّد الشهداء ثابتٌ وفق الأدلّة الأكيدة والمُسلّم بها، ونظراً إلى آثارها وبركاتها الفردية والاجتماعية فإنّها تعتبر من أفضل العبادات . وأمّا فيما يتعلّق

1.إرشاد القلوب: ص ۲۱ وراجع : الدنيا والآخرة في الكتاب والسنّة : ص ۲۱۰ ح‏۵۷۸ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
130

وعلى سبيل المثال : البيت المعروف المنسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام :




إن كانَ دينُ مُحَمَّدٍ لَم يَستَقِم‏إلّا بِقَتلي يا سُيوفُ خُذيني‏
لا إشكال فيه من ناحية المضمون، إلّا أنّ نسبته إلى الإمام الحسين عليه السلام هي نسبة كاذبة، فإنّه بيتٌ من قصيدةٍ لأحد الشعراء العرب ، ويدعى الشيخ محسن الهويزي المعروف بأبي الحبّ الكبير ، نظمها في رثاء الإمام الحسين عليه السلام وجاء فيها:




أعطَيتُ رَبِّيَ مَوثِقاً لا يَنتَهي‏إلّا بِقَتلي فَاصعَدي وَذَريني‏
إن كانَ دينُ مُحَمَّدٍ لَم يَستَقِم‏إلّا بِقَتلي يا سُيوفُ خُذيني‏
هذا دَمي فَلتُروَ صادِيَةُ الظُّبامِنهُ وَهذا لِلرِّماحِ وَتيني۱
ومن البديهي أنّ الشاعر نظم هذه الأبيات باعتبارها لسان حال الإمام، إلّا أنّها انتشرت شيئاً فشيئاً باعتبارها من كلام الإمام.
وكذلك، العبارة الشهيرة المنسوبة إليه عليه السلام:
إنَّ الحياةَ عقيدةٌ وجهادُ .
وهذه العبارة هي شطر من بيت نظمه الشاعر المعاصر أحمد شوقي ،۲والبيت هو:




قِف دونَ رَأيِكَ فِي الحَياةِ مُجاهِداًإنَّ الحَياةَ عَقيدَةٌ وجِهادٌ۳
وممّا يجدر ذكره أنّ هذا البيت كان شعار صحيفة «الجهاد» المصرية .۴

ج - السعي من أجل بيان مصائب جديدة!

إنّ تحوّل الخطابة الحسينيّة إلى مهنةٍ من جهة، مع اتّحاد طراز مجالس العزاء والمستمعين لها من جهة اُخرى، يستوجبان بشكل طبيعي أن يسعى الخطباء دوماً من أجل اكتشاف مصائب

1.راجع : مستدركات أعيان الشيعة : ج ۳ ص ۱۹۱ .

2.لملاحظة تحقيق علمي في هذا المجال راجع : چشمه خورشيد (مجموعه مقالات) : ج‏۱ ص‏۱۸۲ ومقال «پژوهشي درباره يك شعار معروف : إنّ الحياة . . . ، عناية اللَّه مجيدي» (كلاهما بالفارسيّة) .

3.الموسوعة الشوقية (دار الكتاب العربي) : ج ۳ ص ۲۲۸ .

4.الجهاد: اسم جريدة يومية صباحية كان صاحبها محمّد توفيق الديّاب، وصدرت سنة ۱۹۳۱م، وكانت تنطق بلسان حزب الوفد المصري، وطُبعت إلى سنة ۱۹۳۸.

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922420
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به