1355
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ لي : أفَما تَذكُرُ ما صُنِعَ بِهِ؟ قُلتُ : نَعَم ، قالَ : فَتَجزَعُ ؟ قُلتُ : إي وَاللَّهِ ، وأستَعبِرُ۱لِذلِكَ حَتّى‏ يَرى‏ أهلي أثَرَ ذلِكَ عَلَيَّ ، فَأَمتَنِعُ مِنَ الطَّعامِ حَتّى‏ يَستَبينَ ذلِكَ في وَجهي .
قالَ : رَحِمَ اللَّهُ دَمعَتَكَ ، أما أنَّكَ مِنَ الَّذينَ يُعَدّونَ مِن أهلِ الجَزَعِ لَنا ، وَالَّذينَ يَفرَحونَ لِفَرَحِنا ، ويَحزَنونَ لِحُزنِنا ، ويَخافونَ لِخَوفِنا ، ويَأمَنونَ إذا آمَنّا ، أما أنَّكَ سَتَرى‏ عِندَ مَوتِكَ حُضورَ آبائي لَكَ ، ووَصِيَّتَهُم مَلَكَ المَوتِ بِكَ ، وما يَلقَونَكَ بِهِ مِنَ البِشارَةِ أفضَلُ ، ومَلَكُ المَوتِ أرَقُّ عَلَيكَ وأشَدُّ رَحمَةً لَكَ مِنَ الاُمِّ الشَّفيقَةِ عَلى‏ وَلَدِها .
قالَ : ثُمَّ استَعبَرَ وَاستَعبَرتُ مَعَهُ .
فَقالَ : الحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي فَضَّلَنا عَلى‏ خَلقِهِ بِالرَّحمَةِ ، وخَصَّنا أهلَ البَيتِ بِالرَّحمَةِ .
يا مِسمَعُ ! إنَّ الأَرضَ وَالسَّماءَ لَتَبكي مُنذُ قُتِلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام رَحمَةً لَنا ، وما بَكى‏ لَنا مِنَ المَلائِكَةِ أكثَرُ ، وما رَقَأَت‏۲ دُموعُ المَلائِكَةِ مُنذُ قُتِلنا ، وما بَكى‏ أحَدٌ رَحمَةً لَنا ولِما لَقينا ، إلّا رَحِمَهُ اللَّهُ قَبلَ أن تَخرُجَ الدَّمعَةُ مِن عَينِهِ ، فَإِذا سالَت دُموعُهُ عَلى‏ خَدِّهِ ، فَلَو أنَّ قَطرَةً مِن دُموعِهِ سَقَطَت في جَهَنَّمَ لَأَطفَأَت حَرَّها حَتّى‏ لا يوجَدُ لَها حَرٌّ ، وإنَّ الموجَعَ قَلبُهُ لَنا لَيَفرَحُ يَومَ يَرانا عِندَ مَوتِهِ ، فَرحَةً لا تَزالُ تِلكَ الفَرحَةُ في قَلبِهِ حَتّى‏ يَرِدَ عَلَينَا الحَوضَ ، وإنَّ الكَوثَرَ لَيَفرَحُ بِمُحِبِّنا إذا وَرَدَ عَلَيهِ ، حَتّى‏ أنَّهُ لَيُذيقُهُ مِن ضُروبِ الطَّعامِ ما لا يَشتَهي أن يَصدُرَ عَنهُ .
يا مِسمَعُ ! مَن شَرِبَ مِنهُ شَربَةً لَم يَظمَأ بَعدَها أبَداً ، ولَم يَستَقِ بَعدَها أبَداً ، وهُوَ في بردِ الكافورِ ، وريحِ المِسكِ ، وطَعمِ الزَّنجَبيلِ ، أحلى‏ مِنَ العَسَلِ ، وأليَنُ مِنَ الزَّبَدِ ، وأصفى‏ مِنَ الدَّمعِ ، وأذكى‏ مِنَ العَنبَرِ ، يَخرُجُ مِن تَسنيمٍ‏۳ ، ويَمُرُّ بِأَنهارِ الجِنانِ ، يَجري عَلى‏ رَضراضِ‏۴ الدُّرِّ وَالياقوتِ ، فيهِ مِنَ القُدحانِ أكثَرُ مِن عَدَدِ نُجومِ السَّماءِ ، يوجَدُ ريحُهُ مِن مَسيرَةِ ألفِ عامٍ ، قُدحانُهُ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وألوانِ الجَوهَرِ ، يَفوحُ في وَجهِ الشّارِبِ مِنهُ كُلُّ فائِحَةٍ حَتّى‏ يَقولَ الشّارِبُ مِنهُ : يا لَيتَني تُرِكتُ هاهُنا لا أبغي بِهذا بَدَلاً ، ولا عَنهُ تَحويلاً .

1.اسْتَعْبَرَ : هو استفعل من العَبْرَة ؛ وهي تحلّب الدمع (النهاية : ج ۳ ص ۱۷۱ «عبر») .

2.رَقَأ الدّمْعُ : سَكَنَ (الصحاح : ج ۱ ص ۵۳ «رقأ») .

3.تَسْنيم : قيل : عين في الجنّة رفيعة القدر (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۴۲۹ «سنم»).

4.الرَّضْراضُ : الحَصَى الصغار (النهاية : ج ۲ ص ۲۲۹ «رضرض») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1354

۲۰۰۵.كامل الزيارات عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي عبد اللَّه [الصادق‏] عليه السلام : إنَّ البُكاءَ وَالجَزَعَ مَكروهٌ لِلعَبدِ في كُلِّ ما جَزِعَ ، ما خَلَا البُكاءَ وَالجَزَعَ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليهما السلام فَإِنَّهُ فيهِ مَأجورٌ.۱

۲۰۰۶.الأمالي للطوسي عن مُحَمَّد بن مسلم عن أبي عبد اللَّه جعفر بن مُحَمَّد [الصادق ]عليه السلام : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام عِندَ رَبِّهِ عَزِّ وجَلَّ ، يَنظُرُ إلى‏ مَوضِعِ مُعَسكَرِهِ ، ومَن حَلَّهُ مِنَ الشُّهَداءِ مَعَهُ ، ويَنظُرُ إلى‏ زُوّارِهِ ، وهُوَ أعرَفُ بِحالِهِم ، وبِأَسمائِهِم وأسماءِ آبائِهِم ، وبِدَرَجاتِهِم ومَنزِلَتِهِم عِندَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ مِن أحَدِكُم بِوَلَدِهِ ، وإنَّهُ لَيَرى‏ مَن يَبكيهِ ، فَيَستَغفِرُ لَهُ ، ويَسأَلُ آباءَهُ عليهم السلام أن يَستَغفِروا لَهُ .
ويَقولُ : لَو يَعلَمُ زائِري ما أعَدَّ اللَّهُ لَهُ لَكانَ فَرَحُهُ أكثَرَ مِن جَزَعِهِ،۲ وإنَّ زائِرَهُ لَيَنقَلِبُ وما عَلَيهِ مِن ذَنبٍ.۳

۲۰۰۷.كامل الزيارات عن عبد اللَّه بن بكير الأرجاني عن أبي عبد اللَّه [الصادق‏] عليه السلام : إنَّهُ [أيِ الحُسَينَ عليه السلام‏] لَيَنظُرُ إلى‏ زُوّارِهِ ، وهُوَ أعرَفُ بِهِم ، وبِأَسماءِ آبائِهِم وبِدَرَجاتِهِم ، وبِمَنزِلَتِهِم عِندَ اللَّهِ مِن أحَدِكُم بِوَلَدِهِ وما في رَحلِهِ‏۴، وإنَّهُ لَيَرى‏ مَن يَبكيهِ ، فَيَستَغفِرُ لَهُ رَحمَةً لَهُ ، ويَسأَلُ أباهُ الاِستِغفارَ لَهُ .
ويَقولُ : لَو تَعلَمُ أيُّهَا الباكي ما اُعِدَّ لَكَ لَفَرِحتَ أكثَرَ مِمّا جَزِعتَ ، فَيَستَغفِرُ لَهُ كُلُّ مَن سَمِعَ بُكاءَهُ مِنَ المَلائِكَةِ فِي السَّماءِ وفِي الحائِرِ۵، ويَنقَلِبُ وما عَلَيهِ مِن ذَنبٍ.۶

۲۰۰۸.كامل الزيارات عن مسمع بن عبد الملك كردين البصري : قالَ لي أبو عَبدِ اللَّهِ عليه السلام: يا مِسمَعُ ، أنتَ مِن أهلِ العِراقِ ، أما تَأتي قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام؟ قُلتُ : لا ، أنَا رَجُلٌ مَشهورٌ عِندَ أهلِ البَصرَةِ ، وعِندَنا مَن يَتبَعُ هَوى‏ هذَا الخَليفَةِ ، وعَدُوُّنا كَثيرٌ مِن أهلِ القَبائِلِ مِنَ النُّصّابِ وغَيرِهِم ، ولَستُ آمَنُهُم أن يَرفَعوا حالي عِندَ وَلَدِ سُلَيمانَ ، فَيُمَثِّلونَ بي .

1.كامل الزيارات : ص ۲۰۱ ح ۲۸۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۹۱ ح ۳۲ .

2.الجَزَعُ : الحُزْنُ والخوف (النهاية : ج ۱ ص ۲۶۹ «جزع») .

3.الأمالي للطوسي : ص ۵۵ ح ۷۴ ، بشارة المصطفى : ص ۷۸ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۸۱ ح ۱۳ .

4.الرِّحال : جمع رَحْل يعني الدور والمساكن والمنازل (النهاية : ج ۲ ص ۲۰۹ «رحل») .

5.الحَائرُ : يُراد به حائر الحسين عليه السلام ، وهو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرّفه السلام (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۴۷۹ «حير») .

6.كامل الزيارات : ص ۵۴۴ ح ۸۳۰ ، بحار الأنوار : ج ۲۵ ص ۳۷۶ ح ۲۴ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1979052
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به