الفصل الخامس : السير التاريخي لمراسم عزاء الإمام الحسين۱
لا شكّ ولا ريب أنّ فاجعة كربلاء الدموية حادثة عظيمة ومؤثّرة في التاريخ الإسلامي ، فينبغي السعي من أجل إحيائها ، وأنّ إقامة العزاء على شهداء هذه الملحمة هو من أهمّ الخطوات في هذا السبيل .
والذي يشهده الواقع هو أنّ البراعم الاُولى لإقامة العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام وأصحابه الميامين كانت عند وقوع هذه الحادثة الأليمة ، ثمّ نالت اهتمام الإمرار بشكل متوالي حتى أخذت شكلاً خاصّاً . فيجدر بنا أن نشير إلى منعطفاتها خلال المقاطع التاريخية المختلفة .
يمكن أن نتناول مراسم العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام بالدراسة والنقد والتحليل على عدّة مراحل تاريخيّة ، هي :
المرحلة الاُولى (بعد شهادة الإمام وحتّى هلاك قاتليه)
كان هدف أهل البيت عليهم السلام منصبّاً في هذه المرحلة على السعي من أجل إيقاظ الضمائر النائمة ، وفتح الأذهان المغلقة ، وتحرير الأفكار المكبّلة بالإعلام الواسع لبني اُميّة .
وعلى سبيل المثال، فإنّ أهالي الكوفة عند رؤيتهم اُسارى أهل بيت النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ، وعند استماعهم إلى الخطب الملحميّة لأهل بيت الرسالة - والتي ذكّرتهم بأيّام تواجدهم في الكوفة والذي امتدّ لعدّة سنوات من جانب ، والتي بعثت فيهم الوعي والحماس إلى حدٍّ بعيد من جانب آخر۲ - ضجّوا بالبكاء والعويل بحيث اهتزت المدينة ببكائهم .
1.أعدّ هذا التحليل قسم السيرة والتاريخ في مركز أبحاث دار الحديث. ونحن نقدّم شكرنا الجزيل لحضرة الفاضل محمّد حسين صالح آبادي، الذي أعدّ المعلومات الأوّلية، وكذلك المحقّق المحترم حجّة الإسلام والمسلمين الدكتور محمّد علي مهدوي راد الذي تولّى تنظيمه النهائي
2.راجع : ص ۱۰۳۴ ( القسم السادس / الفصل السادس / كيفية دخول حرم الرسول صلى اللَّه عليه و آله الكوفة ) وص ۱۰۳۶ ( خطبة زينبعليها السلام في أهل الكوفة ) وص ۱۰۴۱ ( خطبة فاطمة الصغرى في أهل الكوفة ) وص ۱۰۴۴ ( خطبة اُمّ كلثوم في أهل الكوفة ) .