1367
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

وتَقَطَّعَتِ الجِبالُ وزُلزِلَتِ الأَرضُ بِأَهلِها .
قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ، إنَّ هذَا الأَمرَ عَظيمٌ! قالَ : غَيرُهُ أعظَمُ مِنهُ ما لَم تَسمَعهُ .
ثُمَّ قالَ لي : يا أبا بَصيرٍ ، أما تُحِبُّ أن تَكونَ فيمَن يُسعِدُ فاطِمَةَ عليها السلام ، فَبَكَيتُ حينَ قالَها فَما قَدَرتُ عَلَى المَنطِقِ ، وما قَدَرتُ عَلى‏ كَلامي مِنَ البُكاءِ .
ثُمَّ قامَ إلَى المُصَلّى‏ يَدعو ، فَخَرَجتُ مِن عِندِهِ عَلى‏ تِلكَ الحالِ ، فَمَا انتَفَعتُ بِطَعامٍ وما جاءَنِي النَّومُ ، وأصبَحتُ صائِماً وَجِلاً حَتّى‏ أتَيتُهُ ، فَلَمّا رَأَيتُهُ قَد سَكَنَ سَكَنتُ ، وحَمِدتُ اللَّهَ حَيثُ لَم تَنزِل بي عُقوبَةٌ.۱

۲۰۳۳.تفسير فرات عن جعفر بن مُحَمَّد الفزاري معنعناً عن أبي عبد اللَّه [الصادق‏] عليه السلام : كانَ الحُسَينُ عليه السلام مَعَ اُمِّهِ تَحمِلُهُ ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله وقالَ : لَعَنَ اللَّهُ قاتِلَكَ ، ولَعَنَ اللَّهُ سالِبَكَ ، وأهلَكَ اللَّهُ المُتَوازِرينَ عَلَيكَ ، وحَكَمَ اللَّهُ بَيني وبَينَ مَن أعانَ عَلَيكَ .
قالَت فاطِمَةُ عليها السلام : يا أبَه! أيَّ شَي‏ءٍ تَقولُ؟ قالَ : يا بِنتاه ، ذَكَرتُ ما يُصيبُهُ‏۲بَعدي وبَعدَكِ مِنَ الأَذى‏ وَالظُّلمِ وَالبَغيِ ، وهُوَ يَومَئِذٍ في عُصبَةٍ كَأَنَّهُم نُجومُ السَّماءِ يَتَهادَونَ إلَى القَتلِ ، وكَأَنّي أنظُرُ إلى‏ مُعَسكَرِهِم وإلى‏ مَوضِعِ رِحالِهِم وتُربَتِهِم .
قالَت : يا أبَه ! وأنّى‏ (وأينَ) هذَا المَوضِعُ الَّذي تَصِفُ؟
قالَ : مَوضِعٌ يُقالُ لَهُ كَربَلاءُ ، وهِيَ دارُ كَربٍ وبَلاءٍ عَلَينا وعَلَى الاُمَّةِ ، يَخرُجُ عَلَيهِم شِرارُ اُمَّتي ، وإنَّ أحَدَهُم لَو يَشفَعُ لَهُ مَن فِي السَّماواتِ وَالأَرَضينَ ما شُفِّعوا فيهِ ، وهُمُ المُخَلَّدونَ فِي النّارِ .
قالَت : يا أبَه! فَيُقتَلُ؟ قالَ : نَعَم يا بِنتاه ، وما قُتِلَ قِتلَتَهُ أحَدٌ كانَ قَبلَهُ ، وتَبكيهِ السَّماواتُ وَالأَرَضونَ وَالمَلائِكَةُ وَالوَحشُ وَالنَّباتاتُ وَالبِحارُ وَالجِبالُ ، ولَو يُؤذَنُ لَها ما بَقِيَ عَلَى الأَرضِ مُتَنَفِّسٌ ، ويَأتيهِ قَومٌ مِن مُحِبّينا لَيسَ فِي الأَرضِ أعلَمُ بِاللَّهِ ولا أقوَمُ بِحَقِّنا مِنهُم ، ولَيسَ عَلى‏ ظَهرِ الأَرضِ أحَدٌ يَلتَفِتُ إلَيهِ غَيرُهُم ، اُولئِكَ مَصابيحُ في ظُلُماتِ الجَورِ ، وهُمُ الشُّفَعاءُ ، وهُم وارِدونَ حَوضي غَداً ، أعرِفُهُم إذا وَرَدوا عَلَيَّ بِسيماهُم ، وكُلُّ أهلِ دينٍ يَطلُبونَ أئِمَّتَهُم ، وهُم

1.كامل الزيارات : ص ۱۶۹ ح ۲۲۰ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۲۰۸ ح ۱۴ .

2.في المصدر : «ما يصيب» ، والصواب ما أثبتناه كما في كامل الزيارات وبحار الأنوار .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1366

الأَئِمَّةُ الهادِيَةُ بَعدَهُ ، . . . فَسَكَتَت فاطِمَةُ عليها السلام مِنَ البُكاءِ.۱

۲۰۳۱.كامل الزيارات عن عبد الملك بن مقرن عن أبي عبد اللَّه [الصادق‏] عليه السلام : إذا زُرتُم أبا عَبدِ اللَّهِ عليه السلام فَالزَمُوا الصَّمتَ إلّا مِن خَيرٍ ، وإنَّ مَلائِكَةَ اللَّيلِ وَالنَّهارِ مِنَ الحَفَظَةِ تَحضُرُ المَلائِكَةَ الَّذينَ بِالحائِرِ فَتُصافِحُهُم ، فَلا يُجيبونَها مِن شِدَّةِ البُكاءِ . . . وإنَّ فاطِمَةَ عليها السلام إذا نَظَرَت إلَيهِم ، ومَعَها ألفُ نَبِيٍّ وألفُ صِدّيقٍ وألفُ شَهيدٍ ، ومِنَ الكَرّوبِيّينَ‏۲ألفُ ألفٍ يُسعِدونَها عَلَى البُكاءِ ، وإنَّها لَتَشهَقُ شَهقَةً ، فَلا تَبقى‏ فِي السَّماواتِ مَلَكٌ إلّا بَكى‏ رَحمَةً لِصَوتِها ، وما تَسكُنُ حَتّى‏ يَأتِيَهَا النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله فَيَقولَ : يا بُنَيَّةُ ! قَد أبكَيتِ أهلَ السَّماواتِ ، وشَغَلتِهِم عَنِ التَّسبيحِ وَالتَّقديسِ ، فَكُفّي حَتّى‏ يُقَدِّسوا ، فَإِنَّ اللَّهَ بالِغُ أمرِهِ ، وإنَّها لَتَنظُرُ إلى‏ مَن حَضَرَ مِنكُم ، فَتَسأَلُ اللَّهَ لَهُم مِن كُلِّ خَيرٍ ، ولا تَزهَدوا في إتيانِهِ ، فَإِنَّ الخَيرَ في إتيانِهِ أكثَرُ مِن أن يُحصى‏.۳

۲۰۳۲.كامل الزيارات عن أبي بصير : كُنتُ عِندَ أبي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام اُحَدِّثُهُ . . . ثُمَّ بَكى‏ وقالَ : يا أبا بَصيرٍ ! إذا نَظَرتُ إلى‏ وُلدِ الحُسَينِ عليه السلام أتاني ما لا أملِكُهُ بِما أتى‏ إلى‏ أبيهِم وإلَيهِم . يا أبا بَصيرٍ ! إنَّ فاطِمَةَ عليها السلام لَتَبكيهِ وتَشهَقُ ، فَتَزفِرُ جَهَنَّمُ زَفرَةً ، لَولا أنَّ الخَزَنَةَ يَسمَعونَ بُكاءَها ، وقَدِ استَعَدّوا لِذلِكَ مَخافَةَ أن يَخرُجَ مِنها عُنُقٌ أو يَشرُدَ دُخانُها ، فَيُحرِقَ أهلَ الأَرضِ ، فَيَكبَحونَها۴ ما دامَت باكِيَةً ، ويَزجُرونَها ويوثِقونَ مِن أبوابِها مَخافَةً عَلى‏ أهلِ الأَرضِ ، فَلا تَسكُنُ حَتّى‏ يَسكُنَ صَوتُ فاطِمَةَ عليها السلام.
وإنَّ البِحارَ تَكادُ أن تَنفَتِقَ ، فَيَدخُلَ بَعضُها عَلى‏ بَعضٍ ، وما مِنها قَطرَةٌ إلّا بِها مَلَكٌ مُوَكَّلٌ ، فَإِذا سَمِعَ المَلَكُ صَوتَها أطفَأَ نارَها۵بِأَجنِحَتِهِ ، وحَبَسَ بَعضَها عَلى‏ بَعضٍ مَخافَةً عَلَى الدُّنيا وما فيها ومَن عَلَى الأَرضِ . فَلا تَزالُ المَلائِكَةُ مُشفِقينَ ، يَبكونَهُ لِبُكائِها ، ويَدعونَ اللَّهَ ، ويَتَضَرَّعونَ إلَيهِ ، ويَتَضَرَّعُ أهلُ العَرشِ ومَن حَولَهُ ، وتَرتَفِعُ أصواتٌ مِنَ المَلائِكَةِ بِالتَّقديسِ للَّهِ‏ِ مَخافَةً عَلى‏ أهلِ الأَرضِ ، ولَو أنَّ صَوتاً مِن أصواتِهِم يَصِلُ إلَى الأَرضِ لَصَعِقَ أهلُ الأَرضِ ،

1.كمال الدين : ص ۲۸۲ ح ۳۶ ، الصراط المستقيم : ج ۲ ص ۱۴۴ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۳ ص ۲۴۹ ح ۲۴ .

2.الكَرّوبِيُّون : سادة الملائكة ، هم المقرّبون (النهاية : ج ۴ ص ۱۶۱ «كرب») .

3.كامل الزيارات : ص ۱۷۷ ح ۲۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۲۲۴ ح ۱۷ .

4.تقول : كَبَحتُ الدابَّةَ إذا جَذَبتَها إليك باللجام لكي تقف ولا تجري (بحار الأنوار : ج‏۴۵ ص‏۲۰۹) .

5.نارُ الحَربِ ونائرتها : شَرُّها وهَيجُها (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۴۵ «نور») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970465
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به