141
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

أمكنهم ذلك‏۱ ، ويرتدوا ملابس العزاء۲ ، وأن يصوّروا في أذهانهم حادثة كربلاء الأليمة والمدهشة۳ ، وأن يتذكّروا ذلك اليوم ويقيموا العزاء حتّى وإن كانوا لوحدهم‏۴ ، وأن يمسكوا عن اللذائذ وتناول الأطعمة اللّذيذة .۵
أوليس كلّ هذا يفوق حدّ التذكير بقصّة مؤلمة وحزينة؟ إنّ عاشوراء تعني في سيرة الأئمّة عليهم السلام الاضطلاع بمسؤوليّة ثقافة بأكملها ، فحادثة عاشوراء تمثّل مدرسة ، لا مجرّد حادثة مثيرة للأحزان والأسف وما إلى ذلك.

الثالث : عهد الإمام الكاظم والإمام الرضا عليهما السلام و توسيع مراسم العزاء

يعدّ عهد الإمام الكاظم عليه السلام من العهود التي تستحقّ الاهتمام والتأمّل الكبيرين من الناحيتين السياسيّة والثقافيّة ، وفي الحقيقة فإنّ عهد الإمام الكاظم عليه السلام هو عهد وقف فيه الشيعة على أعتاب نهضة شاملة. ولذلك فإنّ تعاليم الإمام الكاظم عليه السلام من شأنها أن تثير الوعي واليقظة .
إنّ الإمام الكاظم عليه السلام كان يجسّد حزنه منذ بداية محرّم ، وكان يواصله حتّى يوم عاشوراء ، وبذلك فقد أسّس سنّة العزاء في العشرة الاُولى من محرّم‏۶ ، وعلّم الشيعة في الحقيقة أدب إقامة العزاء في يوم عاشوراء. وقد أظهر الإمام عليه السلام بهذا الاتّجاه أنّ على المؤمنين أن يتهيّؤوا لاستقبال عاشوراء ، وأن يهتمّوا بهذا الحدث المهمّ قبل حلول ذكراه بعدّة أيّام ، ويعيشوه وهم في ذروة الحزن .

1.تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۵۱ ح ۱۲۰ ، المزار المفيد : ص ۵۱ ح ۱ و۲ ، مصباح المتهجّد : ص ۷۷۱ و ۷۷۲، الإقبال : ج ۳ ص ۶۴ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۱۰۵ ح ۱۱ .

2.في مصباح المتهجّد عن عبداللَّه بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام: إنّ أفضل ما تأتي به في هذا اليوم [عاشوراء] أن تعمد إلى ثيابٍ طاهرة فتلبسها وتتسلّب، قلت: وما التسلّب؟ قال: تُحلّل أزرارك وتكشف عن ذراعيك كهيئة أصحاب المصائب (راجع : ص ۱۳۴۱ ح ۱۹۹۰) .

3.جاء في الحديث السابق عن عبداللَّه بن سنان: « وتحوّل وجهك نحو قبر الحسين عليه السلام ومضجعه، فتمثّل لنفسك مصرعه ومن كان معه من ولده وأهله، وتسلّم وتصلّي عليه، وتلعن قاتليه وتبرأ من أفعالهم » .

4.راجع : حديث عبداللَّه بن سنان بأكمله المنقول في الهوامش السابقة .

5.راجع : ص ۱۳۳۸ ( الفصل الثالث / الاجتناب عن الملاذّ ) .

6.راجع : ص ۱۳۷۹ ( الفصل الرابع / بكاء الإمام الكاظم عليه السلام ) .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
140

من أجل تحويل العزاء إلى شعائر وتيّار فكري على مرّ التاريخ، ومن جملة ذلك بيان أقوال الإمام زين العابدين عليه السلام - باعتباره الشاهد في حادثة كربلاء - في فضل البكاء على الإمام الحسين عليه السلام‏۱ ، وإقامة مجالس العزاء في داره، وتشجيع منشدي المراثي‏۲ على تناول أبعاد هذه المأساة في قالب الأشعار وإنشاد الرثاء، وتحريض الشيعة على إقامة مجالس العزاء في بيوتهم مع مراعاة الاحتياط؛ بهدف الأمن من ردود فعل النظام الحاكم‏۳، والاهتمام بالأدب والشعر في تخليد الحادثة۴ ، وطرح فكرة التعطيل عن العمل في يوم عاشوراء لأوّل مرّة .۵

2 . عهد الإمام الصادق عليه السلام‏

عندما تولّى الإمام الصادق عليه السلام إمامة الشيعة، كان قد مرّ نصف قرن على حادثة كربلاء الأليمة، وخلال ذلك العصر كان المجتمع قد طرأ عليه تحوّل واسع للغاية من النواحي السياسية والثقافية والعقائدية ، وقد استغلّ الإمام الصادق عليه السلام هذا الظرف والجوّ الذي سنح له أقصى استغلال ، وبذل جهوداً كبيرة من أجل بيان وتفسير أبعاد الدين المبين والقرآن الكريم، وتحتلّ حادثة كربلاء مكانة بالغة الأهمّية بين جهود الإمام الصادق عليه السلام ، سواء من حيث القول أو العمل والسلوك ، وتحظى تعاليمه عليه السلام بالاهتمام في تقديم إطار شعائر العزاء واُسسها العامّة ، وصيغة إقامة العزاء.
كان الإمام الصادق عليه السلام يؤكّد على لزوم إبقاء يوم عاشوراء خالداً في الأذهان ، وأن تُعدّ مصيبة هذا اليوم مهمّة للغاية، وأن يسعى المؤمنون من أجل إحياء هذه الذكرى ؛۶ ولذلك كان يوصي المؤمنين أن يجلسوا للعزاء في يوم عاشوراء ، وأن يزوروا مرقد سيّد الشهداء إن

1.راجع : ص ۱۳۷۳ ( الفصل الرابع / بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام ) .

2.راجع : ص ۱۳۷۶ ( الفصل الرابع / بكاء الإمام الباقر عليه السلام ) .

3.تتجلّى هذه الملاحظة في قول الإمام عليه السلام : «يأمر من في داره ممّن لا يتّقيه، بالبكاء عليه» من نصّ الحديث الوارد في مصباح المتهجّد: ص ۷۷۲.

4.راجع : ص ۱۳۳۱ ( الفصل الثاني / ذكر مصائبه عند الإمام الباقر عليه السلام ) .

5.راجع : ص ۱۳۳۷ ( الفصل الثالث / تعطيل الأعمال اليومية ) .

6.راجع : ص ۱۳۳۶ ( الفصل الثالث / عظمة مصيبة عاشوراء ) .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970150
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به