149
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

القرن التاسع‏

بدأ القرن التاسع بهجوم تيمورلنك ولم يسلم العراق والشام من هذا الهجوم أيضاً. وبموت تيمور وإمساك ابنه شاهرخ بزمام الحكم، تغيّرت الأوضاع حيث صبّ اهتمامه على نشر الثقافة وإعمار المدن وسعى في إعادة بناء ما دمّره والده ، وأسّست زوجته مسجد «جوهر شاد» الفخم إلى جوار حرم الإمام الرضا عليه السلام ، وتدلّ هذه الأعمال والاتّجاهات على أنّ بعض الحرّيات النسبيّة كانت قد اُتيحت للشيعة في أداء الشعائر. وعلى أيّ حال ، فقد ظهرت في هذا القرن دولة سلالة الآقاقويونلويين في غرب إيران باُسس شيعيّة، ومن المفترض أن تكون سنّة العزاء القديمة قد تواصلت فيها أيضاً .

المرحلة السادسة (مراسم العزاء أيّام الصفويين «القرنين العاشر والحادي عشر»)

اكتسب التشيّع في إيران الطابع الرسمي بتتويج الشاه إسماعيل الصفوي سنة 907 ه . ق ، وكان نشر الشعائر الشيعيّة من جملة الأهداف المهمّة لهذه الدولة .
وفي هذه الفترة، اكتسب إقامة العزاء الطابع العلني ، ومارس الشيعة هذه الشعائر في غاية الفخامة، نظير ما كان في القرنين الرابع والخامس (عهد البويهيين والفاطميين). وقد ذكرت كيفية هذه المراسم في العهد الصفويّ ، في مصادر كثيرة، من جملتها كتب ورحلات الاُوروبيّين والسوّاح في إيران، حيث وصفت شعائر العزاء برؤية دقيقة .
وكان الملوك الصفويّون يهتمّون بشكل خاصّ بمراسم العزاء في محرّم ، حتّى أنّهم لم يكونوا يدَعونها حتّى في الدورات العسكريّة. فيذكر لنا التاريخ أنّ الشاه عبّاس الصفوي توقّف سنة 1011 ه . ق في يوم عاشوراء عند «ماء خطب»، وذلك خلال حربه مع جيش الأوزبك، وأقام مراسم العزاء على الإمام الحسين عليه السلام .۱ وفي محرّم عام 1013 ه . ق حاصر الشاه عبّاس قلعة أيروان وأقام مراسم العزاء في المعسكر ليلاً، وارتفعت أصوات العويل والبكاء من المعسكر ، حتّى ظنّ سكان القلعة أنّ الأمر قد صدر بالهجوم الليلي، فبعثوا رسولاً وأعلنوا عن تسليم أنفسهم .۲

1.تاريخ عالم آراي عباسي (بالفارسية): ج ۲ ص ۶۲۷.

2.تاريخ عالم آراي عباسي (بالفارسية): ج ۲ ص ۶۵۵.


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
148

وفي النصف الثاني من القرن السابع الهجري استولى المغول على العراق بقيادة هولاكو. وحال بعض العلماء من ذوي الحكمة دون القتل والنهب، وطلبوا من هولاكو أن يعطيهم الأمان ويحافظ عليهم فاستجاب لهم ، وبذلك نجت شيعة جنوب بغداد (مثل الحلّة والكوفة وغيرهما) من الفتنة .۱ وبسقوط العبّاسيين حصل الشيعة على بعض الحرّيات، ومن جهة اُخرى فقد تشيّع أحد خلفاء هولاكو وهو غازان خان في العقود الأخيرة من هذا القرن وسعى في إعمار كربلاء، وبطبيعة الحال فإنّه يفسح الأرضيّة لإعلان إقامة الشعائر .

القرن الثامن‏

في هذا القرن خطا غازان خان - الذي بدأت حكومتُه في سنة 694 ه - بعضَ الخطوات لنشر المذهب الشيعيّ . وتولّى الحكم من بعده أخوه السلطان محمّد خدا بنده الذي تشيّع بعد فترة ، وبذل جهوداً كبيرة من أجل نشر التشيّع وجعله مذهباً رسميّاً . وهكذا، اتّسعت أرضيّة الممارسة العلنيّة للعزاء ورفع الشعائر الشيعيّة مع تشيّع الحكّام المغول واكتساب هذا المذهب الطابع الرسمي .
كما كانت سلالة الجلائريّين التي تولّت الحكم في العراق - وكانوا أبناء اُخت السلطان محمّد خدابنده - هي الاُخرى ذات ميول شيعيّة، واستمرّ حكمهم حتّى عام 814 ه . ق . ويذكر ابن بطّوطة (ت 779 ه . ق) المناطق التالية: كربلاء ، الحلّة، البحرين، قم، كاشان، ساوة وطوس باعتبارها مناطق شيعيّة متعصّبة .۲

1.جاء في الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المئة السابعة : أمّا أهل الحلّة والكوفة فإنّهم انتزحوا إلى البطائح بأولادهم وما قدروا عليه من أموالهم، وحضر أكابرهم من العلويين والفقهاء مع مجد الدين بن طاووس العلوي إلى حضرة السلطان وسألوه حقن دمائهم، فأجاب سؤالهم وعيّن لهم شحنة، فعادوا إلى بلادهم وأرسلوا إلى من في البطائح من الناس يعرّفونهم ذلك، فحضروا بأهلهم وأموالهم (الحوادث الجامعة : ص ۱۵۹).

2.رحلة ابن بطوطة : ج ۱ ص ۱۱۶.

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970834
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به