القرن التاسع
بدأ القرن التاسع بهجوم تيمورلنك ولم يسلم العراق والشام من هذا الهجوم أيضاً. وبموت تيمور وإمساك ابنه شاهرخ بزمام الحكم، تغيّرت الأوضاع حيث صبّ اهتمامه على نشر الثقافة وإعمار المدن وسعى في إعادة بناء ما دمّره والده ، وأسّست زوجته مسجد «جوهر شاد» الفخم إلى جوار حرم الإمام الرضا عليه السلام ، وتدلّ هذه الأعمال والاتّجاهات على أنّ بعض الحرّيات النسبيّة كانت قد اُتيحت للشيعة في أداء الشعائر. وعلى أيّ حال ، فقد ظهرت في هذا القرن دولة سلالة الآقاقويونلويين في غرب إيران باُسس شيعيّة، ومن المفترض أن تكون سنّة العزاء القديمة قد تواصلت فيها أيضاً .
المرحلة السادسة (مراسم العزاء أيّام الصفويين «القرنين العاشر والحادي عشر»)
اكتسب التشيّع في إيران الطابع الرسمي بتتويج الشاه إسماعيل الصفوي سنة 907 ه . ق ، وكان نشر الشعائر الشيعيّة من جملة الأهداف المهمّة لهذه الدولة .
وفي هذه الفترة، اكتسب إقامة العزاء الطابع العلني ، ومارس الشيعة هذه الشعائر في غاية الفخامة، نظير ما كان في القرنين الرابع والخامس (عهد البويهيين والفاطميين). وقد ذكرت كيفية هذه المراسم في العهد الصفويّ ، في مصادر كثيرة، من جملتها كتب ورحلات الاُوروبيّين والسوّاح في إيران، حيث وصفت شعائر العزاء برؤية دقيقة .
وكان الملوك الصفويّون يهتمّون بشكل خاصّ بمراسم العزاء في محرّم ، حتّى أنّهم لم يكونوا يدَعونها حتّى في الدورات العسكريّة. فيذكر لنا التاريخ أنّ الشاه عبّاس الصفوي توقّف سنة 1011 ه . ق في يوم عاشوراء عند «ماء خطب»، وذلك خلال حربه مع جيش الأوزبك، وأقام مراسم العزاء على الإمام الحسين عليه السلام .۱ وفي محرّم عام 1013 ه . ق حاصر الشاه عبّاس قلعة أيروان وأقام مراسم العزاء في المعسكر ليلاً، وارتفعت أصوات العويل والبكاء من المعسكر ، حتّى ظنّ سكان القلعة أنّ الأمر قد صدر بالهجوم الليلي، فبعثوا رسولاً وأعلنوا عن تسليم أنفسهم .۲