195
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

رَجَعَ وهُوَ مُتَغَيِّرُ اللَّونِ ، مُحمَرُّ الوَجهِ ، فَخَطَبَ خُطبَةً بَليغَةً موجَزَةً ، وعَيناهُ تَهمِلانِ دُموعاً .
قالَ فيها : أيُّهَا النّاسُ ! إنّي خَلَّفتُ فيكُمُ الثَّقَلَينِ : كِتابَ اللَّهِ وعِترَتي ...
ألا وإنَّ جَبرَئيلَ قَد أخبَرَني بِأَنَّ اُمَّتي تَقتُلُ وَلَدِيَ الحُسَينَ بِأَرضِ كَربٍ وبَلاءٍ ، ألا فَلَعنَةُ اللَّهِ عَلى‏ قاتِلِهِ وخاذِلِهِ آخِرَ الدَّهرِ .
قالَ : ثُمَّ نَزَلَ عَنِ المِنبَرِ ، ولَم يَبقَ أحَدٌ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ إلّا وتَيَقَّنَ بِأَنَّ الحُسَينَ عليه السلام مَقتولٌ .۱

۳۸.مثير الأحزان عن ابن عبّاس : لَمَّا اشتَدَّ بِرَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مَرَضُهُ الَّذي ماتَ فيهِ ، وقَد ضَمَّ الحُسَينَ عليه السلام إلى‏ صَدرِهِ ، يَسيلُ مِن عَرَقِهِ عَلَيهِ وهُو يَجودُ بِنَفسِهِ ، ويَقولُ : ما لي ولِيَزيدَ ؟ لا بارَكَ اللَّهُ فيهِ ! اللَّهُمَّ العَن يَزيدَ ! ثُمَّ غُشِيَ عَلَيهِ طَويلاً وأفاقَ ، وجَعَلَ يُقَبِّلُ الحُسَينَ عليه السلام وعَيناهُ تَذرِفانِ .
ويَقولُ : أما إنَّ لي ولِقاتِلِكَ مَقاماً بَينَ يَدَيِ اللَّهِ عزّ وجلّ .۲

۳۹.الفتوح عن ابن عبّاس : إنّي حَضَرتُ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وهُوَ فِي السِّياقِ‏۳ ، وقَد ضَمَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام إلى‏ صَدرِهِ ، وهُوَ يَقولُ : هذا مِن أطائِبِ أرومَتي ، وأنوارِ عِترَتي، وخِيارِ ذُرِّيَّتي ، لا بارَكَ اللَّهُ فيمَن لا يَحفَظُهُ بَعدي . قالَ ابنُ عَبّاسٍ : ثُمَّ اُغمِيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله ساعَةً ، ثُمَّ أفاقَ ، وقالَ :
يا حُسَينُ ، إنَّ لي ولِقاتِلِكَ يَومَ القِيامَةِ مَقاماً بَينَ يَدَي رَبّي ، وخُصومَةً ، وقَد طابَت نَفسي ؛ إذ جَعَلَنِيَ اللَّهُ خَصيماً لِمَن قَتَلَكَ يَومَ القِيامَةِ .۴

۴۰.الأمالي للصدوق عن ابن عبّاس : إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله في ذلِكَ المَرَضِ كانَ يَقولُ : اُدعوا لي حَبيبي ، فَجَعَلَ يُدعى‏ لَهُ رَجُلٌ بَعدَ رَجُلٍ ، فَيَعرِضُ عَنهُ ، فَقيلَ لِفاطِمَةَ عليها السلام : اِمضي إلى‏ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَما نَرى‏ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يُريدُ غَيرَ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَبَعَثَت فاطِمَةُ عليها السلام إلى‏ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَلَمّا دَخَلَ فَتَحَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله عَينَيهِ ، وتَهَلَّلَ وَجهُهُ .
ثُمَّ قالَ : إلَيَّ يا عَلِيُّ ، إلَيَّ يا عَلِيُّ ، فَما زالَ صلى اللَّه عليه وآله يُدنيهِ حَتّى‏ أخَذَهُ بِيَدِهِ ، وأجلَسَهُ عِندَ رَأسِهِ ،

1.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۶۴ ، الفتوح : ج ۴ ص ۳۲۵ .

2.مثير الأحزان : ص ۲۲ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۶۶ ح ۲۴ وراجع : هذا الكتاب : ص ۲۱۲ (لا بارك اللَّه في يزيد) .

3.السَّوْق : هو النزع ، كأنّ روحه تساق لتخرج من بدنه . ويقال له السياق أيضاً ، وأصله سِواق ، فقلبت الواو ياء لكسرة السين ، وهما مصدران من ساق يسوق (النهاية : ج ۲ ص ۴۲۴ «سوق») .

4.الفتوح : ج ۴ ص ۳۵۰ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
194

قَتلِهِ ، وَاجعَلهُ مِن ساداتِ الشُّهَداءِ ، إنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ ، اللَّهُمَّ ولا تُبارِك في قاتِلِهِ وخاذِلِهِ !
قالَ : وضَجَّ النّاسُ فِي المَسجِدِ بِالبُكاءِ .
فَقالَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله : أتَبكونَ ولا تَنصُرونَهُ ؟ اللَّهُمَّ فَكُن أنتَ لَهُ وَلِيّاً وناصِراً .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : ثُمَّ رَجَعَ وهُوَ مُتَغَيِّرُ اللَّونِ ، مُحمَرُّ الوَجهِ ، فَخَطَبَ خُطبَةً بَليغَةً موجَزَةً وعَيناهُ يَهمِلانِ دُموعاً .
ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنّي قَد خَلَّفتُ فيكُمُ الثَّقَلَينِ ؛ كِتابَ اللَّهِ وعِترَتي وأرومَتي ، ومَراحَ مَماتي وثَمَرَتي ، ولَن يَفتَرِقا حَتّى‏ يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ .
ألا وإنّي [لا۱أسأَلُكُم في ذلِكَ إلّا ما أمَرَني رَبّي أن أسأَلَكُمُ المَوَدَّةَ فِي القُربى‏ ، فَانظُروا أن لا تَلقَوني غَداً عَلَى الحَوضِ وقَد أبغَضتُم عِترَتي وظَلَمتُموهُم ، ألا وإنَّهُ سَيَرِدُ عَلَيَّ فِي القِيامَةِ ثَلاثُ راياتٍ مِن هذِهِ الاُمَّةِ : رايَةٌ سَوداءُ مُظلِمَةٌ ، قَد فَزِعَت لَهَا المَلائِكَةُ ، فَتَقِفُ عَلَيَّ ، فَأَقولُ : مَن أنتُم ؟ فَيَنسَونَ ذِكري ، ويَقولونَ : نَحنُ أهلُ التَّوحيدِ مِنَ العَرَبِ .
فَأَقولُ : أنَا أحمَدُ نَبِيُّ العَرَبِ وَالعَجَمِ ، فَيَقولونَ : نَحنُ مِن اُمَّتِكَ يا أحمَدُ .
فَأَقولُ لَهُم : كَيفَ خَلَفتُموني مِن بَعدي في أهلي وعِترَتي وكِتابِ رَبّي ؟
فَيَقولونَ : أمَّا الكِتابُ فَضَيَّعنا ومَزَّقنا ، وأمّا عِترَتُكَ فَحَرَصنا عَلى‏ أن نُبيدَهُم‏۲ مِن جَديدِ۳ الأَرضِ ؛ فَاُوَلّي عَنهُم وَجهي ، فَيَصدُرونَ ظِماءَ عُطاشى‏ ، مُسوَدَّةً وُجوهُهُم ... .۴

2 / 4

إنباؤُهُ بِشَهادَتِهِ قُبَيلَ وَفاتِهِ‏

۳۷.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي عن ابن عبّاس : خَرَجَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله قَبلَ مَوتِهِ بِأَيّامٍ يَسيرَةٍ إلى‏ سَفَرٍ لَهُ ، ثُمَّ

1.]ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

2.في الطبعة المعتمدة : «يندهم» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .

3.جديد الأرض : وجهها (النهاية : ج ۱ ص ۲۴۶ «جدد») .

4.الفتوح : ج ۴ ص ۳۲۵ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۶۳ عن ابن عبّاس ؛ الملهوف : ص ۹۳ ، مثير الأحزان : ص ۱۸ عن عبداللَّه بن يحيى عن الإمام عليّ عليه السلام عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله وكلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۴۸ ح ۴۶ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970596
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به