فَلا تَزالُ هذِهِ الاُمَّةُ جَبّارينَ يَتَكالَبونُ عَلى حَرامِ الدُّنيا ، مُنغَمِسينَ في بِحارِ الهَلَكاتِ ، وفي أودِيَةِ الدِّماءِ ، حَتّى إذا غابَ المُتَغَيِّبُ مِن وُلدي عَن عُيونِ النّاسِ ، وماجَ النّاسُ بِفَقدِهِ أو بِقَتلِهِ أو بِمَوتِهِ ، أطلَعَتِ الفِتنَةُ ، ونَزَلَتِ البَلِيَّةُ، وَالتَحَمَتِ العَصَبِيَّةُ ، وغَلاَ النّاسُ في دينِهِم ، وأجمَعوا عَلى أنَّ الحُجَّةَ ذاهِبَةٌ ، وَالإِمامَةَ باطِلَةٌ ، ويَحُجُّ حَجيجُ النّاسِ في تِلكَ السَّنَةِ مِن شيعَةِ عَلِيٍّ ونَواصِبِهِ لِلتَّحَسُّسِ وَالتَّجَسُّسِ عَن خَلَفِ الخَلَفِ ، فَلا يُرى لَهُ أثَرٌ ، ولا يُعرَفُ لَهُ خَبَرٌ ولا خَلَفٌ .
فَعِندَ ذلِكَ سُبَّت شيعَةُ عَلِيٍّ ، سَبَّها أعداؤُها ، وظَهَرَت عَلَيهَا الأَشرارُ وَالفُسّاقُ بِاحتِجاجِها ، حَتّى إذا بَقِيَتِ الاُمَّةُ حَيارى ، وتَدَلَّهَت۱ ، وأكثَرَت في قَولِها : إنَّ الحُجَّةَ هالِكَةٌ ، وَالإِمامَةَ باطِلَةٌ ! ! فَوَرَبِّ عَلِيٍّ ، إنَّ حُجَّتَها عَلَيها قائِمَةٌ ماشِيَةٌ في طُرُقِها ، داخِلَةٌ في دورِها وقُصورِها ، جَوّالَةٌ في شَرقِ هذِهِ الأَرضِ وغَربِها ، تَسمَعُ الكَلامَ ، وتُسَلِّمُ عَلَى الجَماعَةِ ، تَرى ولا تُرى إلَى الوَقتِ وَالوَعدِ ، ونِداءِ المُنادي مِنَ السَّماءِ ؛ ألا ذلِكَ يَومٌ فيهِ سُرورُ وُلدِ عَلِيٍّ وشيعَتِهِ .۲
3 / 5
إنباؤُهُ في مَسجِدِ الكوفَةِ بِشَهادَةِ الحُسَينِ عليه السلام
۱۲۴.كامل الزيارات عن إبراهيم النخعي : خَرَجَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَجَلَسَ فِي المَسجِدِ ، وَاجتَمَعَ أصحابُهُ حَولَهُ ، وجاءَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى قامَ بَينَ يَدَيهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلى رَأسِهِ ، فَقالَ : يا بُنَيَّ ، إنَّ اللَّهَ عَيَّرَ۳أقواماً بِالقُرآنِ ، فَقالَ : «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا كَانُواْ مُنظَرِينَ »۴ ، وَايمُ اللَّهِ ، لَيَقتُلُنَّكَ بَعدي ، ثُمَّ تَبكيكَ السَّماءُ وَالأَرضُ .۵
۱۲۵.كامل الزيارات عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل : سَمِعتُ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام وهُوَ يَقولُ فِي الرَّحَبَةِ۶ ، وهُوَ يَتلو هذِهِ الآيَةَ : «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا كَانُواْ مُنظَرِينَ » ، وخَرَجَ عَلَيهِ
1.دَلِهَه : حيّره وأدهشه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۳۱ «دله») .
2.الغيبة للنعماني : ص ۱۴۳ ح ۳ ، بحار الأنوار : ج ۲۸ ص ۷۱ ح ۳۱ .
3.في المصدر : «عبر» ، والتصويب من بحار الأنوار .
4.الدّخان : ۲۹ .
5.كامل الزيارات : ص ۱۸۰ ح ۲۴۲ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۲۰۹ ح ۱۶ .
6.رَحَبَةُ المسجد : ساحته (الصحاح : ج ۱ ص ۱۳۵ «رحب») .