255
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

إلَيهِ ، فَيا لَها مُصيبَةً ما أجَلَّها ونِعمَةً ما أعظَمَها ، نَقلَ الخِلافَةِ وفَقدَ الخَليفَةِ ، فَنَستَوزِعُهُ الشُّكرَ ونَستَلهِمُهُ الحَمدَ ، ونَسأَلُهُ الخِيَرَةَ فِي الدّارَينِ مَعاً ، ومَحمودَ العُقبى‏ فِي الآخِرَةِ وَالاُولى‏ ، إنَّهُ وَلِيُّ ذلِكَ ، وكُلُّ شَي‏ءٍ بِيَدِهِ لا شَريكَ لَهُ .
وإنَّ أهلَ المَدينَةِ قَومُنا ورِجالُنا ، ومَن لَم نَزَل عَلى‏ حُسنِ الرَّأيِ فيهِم وَالاِستِعدادِ بِهِم ، وَاتِّباعِ أثَرِ الخَليفَةِ فيهِم ، وَالاِحتِذاءِ عَلى‏ مِثالِهِ لَدَيهِم ، مِنَ الإِقبالِ عَلَيهِم ، وَالتَّقَبُّلِ مِن مُحسِنِهِم ، وَالتَّجاوُزِ عَن مُسيئِهِم ، فَبايِع لَنا قَومَنا ، ومَن قِبَلَكَ مِن رِجالِنا ، بَيعَةً مُنشَرِحَةً بِها صُدورُكُم ، طَيِّبَةً عَلَيها أنفُسُكُم ، وَليَكُن أوَّلَ مَن يُبايِعُكَ مِن قَومِنا وأهلِنا : الحُسَينُ ، وعَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ ، وعَبدُ اللَّهِ بنُ عَبّاسٍ ، وعَبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيرِ ، وعَبدُ اللَّهِ بنُ جَعفَرٍ ، ويَحلِفونَ عَلى‏ ذلِكَ بِجَميعِ الأَيمانِ اللّازِمَةِ ، ويَحلِفونَ بِصَدَقَةِ أموالِهِم غَيرَ عُشرِها ، وجِزيَةِ رَقيقِهِم ، وطَلاقِ نِسائِهِم ، بِالثَّباتِ عَلَى الوَفاءِ بِما يُعطونَ مِن بَيعَتِهِم ، ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ ، وَالسَّلامُ .۱

1 / 3

مُشاوَرَةُ الوَليدِ مَروانَ في أخذِ البَيعَةِ مِنَ الإِمامِ عليه السلام

۱۶۸.تاريخ الطبري عن أبي مخنف : لَمّا أتاهُ [أيِ الوَليدَ بنَ عُتبَةَ] نَعيُ مُعاوِيَةَ فَظِعَ بِهِ وكَبُرَ عَلَيهِ ، فَبَعَثَ إلى‏ مَروانَ بنِ الحَكَمِ فَدَعاهُ إلَيهِ ، وكانَ الوَليدُ يَومَ قَدِمَ المَدينَةَ قَدِمَها مَروانُ مُتَكارِهاً .
فَلَمّا رَأى‏ ذلِكَ الوَليدُ مِنهُ شَتَمَهُ عِندَ جُلَسائِهِ ، فَبَلَغَ ذلِكَ مَروانَ ، فَجَلَسَ عَنهُ وَصَرَمَهُ ، فَلَم يَزَل كَذلِكَ حَتّى‏ جاءَ نَعيُ مُعاوِيَةَ إلَى الوَليدِ ، فَلَمّا عَظُمَ عَلَى الوَليدِ هَلاكُ مُعاوِيَةَ وما اُمِرَ بِهِ مِن أخذِ هؤُلاءِ الرَّهطِ بِالبَيعَةِ ، فَزِعَ عِندَ ذلِكَ إلى‏ مَروانَ ودَعاهُ .
فَلَمّا قَرَأَ عَلَيهِ كِتابَ يَزيدَ استَرجَعَ وتَرَحَّمَ عَلَيهِ ، وَاستَشارَهُ الوَليدُ فِي الأَمرِ وقالَ : كَيفَ تَرى‏ أن نَصنَعَ ؟
قالَ : فَإِنّي أرى‏ أن تَبعَثَ السّاعَةَ إلى‏ هؤُلاءِ النَّفَرِ فَتَدعُوَهُم إلَى البَيعَةِ وَالدُّخولِ فِي الطّاعَةِ ، فَإِن فَعَلوا قَبِلتَ مِنهُم وكَفَفتَ عَنهُم ، وإن أبَوا قَدَّمتَهُم فَضَرَبتَ أعناقَهُم قَبلَ أن يَعلَموا بِمَوتِ مُعاوِيَةَ ؛ فَإِنَّهُم إن عَلِموا بِمَوتِ مُعاوِيَةَ وَثَبَ كُلُّ امرِئٍ مِنهُم في جانِبٍ وأظهَرَ الخِلافَ وَالمُنابَذَةَ

1.الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۲۴ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
254

بنِ أبي سُفيانَ ، وكَتَبَ إلَيهِ :
مِن عَبدِ اللَّهِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ أميرِ المُؤمِنينَ إلَى الوَليدِ بنِ عُتبَةَ . أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ مُعاوِيَةَ كانَ عَبداً للَِّهِ مِن عِبادِهِ ، أكرَمَهُ اللَّهُ وَاستَخلَفَهُ وخَوَّلَهُ وَمَكَّنَ لَهُ ، ثُمَّ قَبَضَهُ إلى‏ رَوحِهِ ورَيحانِهِ وَرحمَتِهِ وغُفرانِهِ ، عاشَ بِقَدَرٍ وماتَ بِأَجَلٍ ، عاشَ بَرّاً تَقِيّاً وخَرَجَ مِنَ الدُّنيا رَضِيّاً زَكِيّاً ، فَنِعمَ الخَليفَةُ كانَ ولا اُزَكّيهِ عَلَى اللَّهِ ، هُوَ أعلَمُ بِهِ مِنّي ، وقَد كانَ عَهِدَ إلَيَّ عَهداً وجَعَلَني لَهُ خَليفَةً مِن بَعدِهِ ، وأوصاني أن اُحارِبَ‏۱ آلَ أبي تُرابٍ بِآلِ أبي سُفيانَ ؛ لأَِنَّهُم أنصارُ الحَقِّ وطُلّابُ العَدلِ ، فَإِذا وَرَدَ عَلَيكَ كِتابي هذا فَخُذِ البَيعَةَ عَلى‏ أهلِ المَدينَةِ ، وَالسَّلامُ .
قالَ : ثُمَّ كَتَبَ إلَيهِ في صَحيفَةٍ صَغيرَةٍ كَأَنَّها اُذُنُ فَأرَةٍ : أمّا بَعدُ ، فَخُذِ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ وعَبدَ الرَّحمنِ بنَ أبي بَكرٍ وعَبدَ اللَّهِ بنَ الزُّبَيرِ وعَبدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ أخذاً عَنيفاً لَيسَت فيهِ رُخصَةٌ ؛ فَمَن أبى‏ عَلَيكَ مِنهُم فَاضرِب عُنُقَهُ وَابعَث إلَيَّ بِرَأسِهِ .۲

۱۶۷.الإمامة والسياسة عن نافع بن جبير : إنّي بِالشّامِ يَومَ مَوتِ مُعاوِيَةَ ، وكانَ يَزيدُ غائِباً ، وَاستَخلَفَ مُعاوِيَةُ الضَّحّاكَ بنَ قَيسٍ بَعدَهُ حَتّى‏ يَقدَمَ يَزيدُ ... فَلَمّا قَدِمَ يَزيدُ دِمَشقَ - بَعدَ مَوتِ أبيهِ إلى‏ عَشَرَةِ أيّامٍ - كَتَبَ إلى‏ خالِدِ بنِ الحَكَمِ‏۳وهُوَ عامِلُ المَدينَةِ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ مُعاوِيَةَ بنَ أبي سُفيانَ كانَ عَبداً استَخلَفَهُ اللَّهُ عَلَى العِبادِ ، ومَكَّنَ لَهُ فِي البِلادِ ، وكانَ مِن حادِثِ قَضاءِ اللَّهِ جَلَّ ثَناؤُهُ وتَقَدَّسَت أسماؤُهُ فيهِ ما سَبَقَ فِي الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، لَم يَدفَع عَنهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِيٌّ مُرسَلٌ ، فَعاشَ حَميداً وماتَ سَعيداً ، وقَد قَلَّدَنَا اللَّهُ عزّ وجلّ ما كانَ

1.في الطبعة المعتمدة : «أحدث» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .

2.الفتوح : ج ۵ ص ۹ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۷۹ .

3.كذا ، والصحيح : «الوليد بن عتبة بن أبي سفيان» .

تعداد بازدید : 1976059
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به