277
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

الجِبالِ ، وخَرَجتَ مِن بَلَدٍ إلى‏ بَلَدٍ حَتّى‏ تَنظُرَ إلى‏ ما يَصيرُ أمرُ النّاسِ وتَعرِفَ عِندَ ذلِكَ الرَّأيَ ، فَإِنَّكَ أصوَبُ ما تَكونُ رَأياً وأحزَمُهُ عَمَلاً حينَ تَستَقبِلُ الاُمورَ استِقبالاً ، ولا تَكونُ الاُمورُ عَلَيكَ أبَداً أشكَلَ مِنها حينَ تَستَدبِرُها استِدباراً .
قالَ : يا أخي ! قَد نَصَحتَ فَأَشفَقتَ ، فَأَرجو أن يَكونَ رَأيُكَ سَديداً مُوَفَّقاً .۱

۲۰۶.الفتوح : لَمّا جاءَ إلَيهِ [أي إلَى الإِمامِ الحُسَينِ عليه السلام‏] مُحَمَّدُ ابنُ الحَنَفِيَّةِ قالَ : يا أخي فَدَتكَ نَفسي ، أنتَ أحَبُّ النّاسِ إلَيَّ وأعَزُّهُم عَلَيَّ ، ولَستُ وَاللَّهِ أدَّخِرُ النَّصيحَةَ لأَِحَدٍ مِنَ الخَلقِ ، ولَيسَ أحَدٌ أحَقَّ بِها مِنكَ ، فَإِنَّكَ كَنَفسي وروحي وكَبيرُ أهلِ بَيتي ومَن عَلَيهِ اعتِمادي وطاعَتُهُ في عُنُقي ، لأَِنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى‏ قَد شَرَّفَكَ وجَعَلَكَ مِن ساداتِ أهلِ الجَنَّةِ ، وإنّي اُريدُ أن اُشيرَ عَلَيكَ بِرَأيي فَاقبَلهُ مِنّي .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : قُل ما بَدا لَكَ . فَقالَ : اُشيرُ عَلَيكَ أن تَنجُوَ نَفسَكَ عَن يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ وعَنِ الأَمصارِ مَا استَطَعتَ ، وأن تَبعَثَ رُسُلَكَ إلَى النّاسِ وتَدعُوَهُم إلى‏ بَيعَتِكَ ، فَإِنّي إن بايَعَكَ النّاسُ وتابَعوكَ حَمِدتُ اللَّهَ عَلى‏ ذلِكَ ، وقُمتَ فيهِم بِما يَقومُ فيهِمُ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله وَالخُلَفاءُ الرّاشِدونَ المَهدِيّونَ مِن بَعدِهِ ، حَتّى‏ يَتَوَفّاكَ اللَّهُ وهُوَ عَنكَ راضٍ ، وَالمُؤمِنونَ كَذلِكَ ، كَما رَضوا عَن أبيكَ وأخيكَ ، وإن أجمَعَ النّاسُ عَلى‏ غَيرِكَ حَمِدتَ اللَّهَ عَلى‏ ذلِكَ ، وإنّي خائِفٌ عَلَيكَ أن تَدخُلَ مِصراً مِنَ الأَمصارِ أو تَأتِيَ جَماعَةً مِنَ النّاسِ فَيَقتَتِلونَ فَتَكونُ طائِفَةٌ مِنهُم مَعَكَ وَطائِفَةٌ عَلَيكَ فَتُقتَلَ بَينَهُم‏۲ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يا أخي ! إلى‏ أينَ أذهَبُ ؟ قالَ : اُخرُج إلى‏ مَكَّةَ ، فَإِنِ اطمَأَنَّت بِكَ الدّارُ فَذاكَ الَّذي تُحِبُّ واُحِبُّ ، وإن تَكُنِ الاُخرى‏ خَرَجتَ إلى‏ بِلادِ اليَمَنِ ، فَإِنَّهُم أنصارُ جَدِّكَ وأخيكَ وأبيكَ ، وهُم أرأَفُ النّاسِ وأرَقُّهُم قُلوباً ، وأوسَعُ النّاسِ بِلاداً وأرجَحُهُم عُقولاً ، فَإِنِ اطمَأَنَّت بِكَ أرضُ اليَمَنِ وإلّا لَحِقتَ بِالرِّمالِ وشُعوبِ‏۳الجِبالِ ، وصِرتَ مِن بَلَدٍ إلى‏ بَلَدٍ لِتَنظُرَ ما يَؤُولُ إلَيهِ أمرُ النّاسِ ، ويُحكَمَ بَينَكَ وبَينَ القَومِ الفاسِقينَ .

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۴۱ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۳۰ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۳۴ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۲۶ وراجع : روضة الواعظين : ص ۱۹۰ وإعلام الورى : ج ۱ ص ۴۳۵ .

2.في المصدر : «منهم» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

3.الشِّعب : الطريق في الجبل (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۸۸ «شعب») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
276

شاكِيَةً ما لَقِيَتْ ذُرِّيَّتُها مِن اُمَّتِهِ ، ولا يَدخُلُ الجَنَّةَ أحَدٌ آذاها في ذُرِّيَّتِها .۱

2 / 4

اِقتِراحُ ابنِ الحَنَفِيَّةِ ۲

۲۰۵.تاريخ الطبري عن أبي مخنف : وأمَّا الحُسَينُ عليه السلام فَإِنَّهُ خَرَجَ بِبَنيهِ وإخوَتِهِ وبَني أخيهِ وجُلِّ أهلِ بَيتِهِ إلّا مُحَمَّدَ ابنَ الحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُ قالَ لَهُ : يا أخي ، أنتَ أحبُّ النّاسِ إلَيَّ وَأعَزُّهُم عَلَيَّ ، ولَستُ أدَّخِرُ النَّصيحَةَ لأَِحَدٍ مِنَ الخَلقِ أحَقَّ بِها مِنكَ ، تَنَحَّ بِتَبِعَتِكَ عَن يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ وعَنِ الأَمصارِ ما استَطَعتَ ، ثُمَّ ابعَث رُسُلَكَ إلَى النّاسُ فَادعُهُم إلى‏ نَفسِكَ ، فَإِن بايَعوا لَكَ حَمِدتَ اللَّهَ عَلى‏ ذلِكَ ، وإن أجمَعَ النّاسُ عَلى‏ غَيرِكَ لم يُنقِصِ اللَّهُ بِذلِكَ دينَكَ ولا عَقلَكَ ، ولا يُذهِبُ بِهِ مُروءَتَكَ ولا فَضلَكَ ، إنّي أخافُ أن تَدخُلَ مِصراً مِن هذِهِ الأَمصارِ وتَأتِيَ جَماعَةً مِنَ النّاسِ فَيَختَلِفونَ بَينَهُم ، فَمِنهُم طائِفَةٌ مَعَكَ واُخرى‏ عَلَيكَ فَيَقتَتِلونَ ، فَتَكونُ لأَِوَّلِ الأَسِنَّةِ ، فَإِذا خَيرُ هذِهِ الاُمَّةِ كُلِّها نَفساً وأباً واُمّاً أضيَعُها دَماً ، وأذَلُّها أهلاً .
قالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : فَإِنّي ذاهِبٌ يا أخي .
قالَ : فَانزِل مَكَّةَ ، فَإِنِ اطمَأَنَّت بِكَ الدّارُ فَسَبيلٌ ذلِكَ ، وإن نَبَت‏۳ بِكَ لَحِقتَ بِالرِّمالِ وشَعَفِ‏۴

1.الملهوف (طبعة أنوار الهدى) : ص‏۱۹ .

2.محمّد ابن الحنفيّة ابن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، كنيته أبو القاسم ، والجمع بين هذه الكنية وبين اسم محمّد هو ممّا اختصّ به ابن الحنفيّة . قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السلام : «إنّه سَيولَدُ لَكَ بَعدي غُلامٌ فَقَد نَحَلتُهُ اسمي وكُنيَتي ، ولا تَحلُّ لِأَحَدٍ مِن اُمَّتي بَعدَهُ» . ولد في أيّام أبي بكر ، كانت اُمّه من الأسرى ، فكانت من نصيب الإمام عليه السلام . كان من العلماء المحدّثين اُولي شأن في آل عليّ عليه السلام ، وكان شجاعاً حمل اللواء يوم الجمل وصفّين ، ولم يشهد كربلاء . وذكر ابن أعثم في كتابه الفتوح أنّ الإمام الحسين عليه السلام قال له : «وأمّا أنتَ يا أخي فَلا عَليكَ أن تُقيمَ فِي المدينَةِ فَتكونَ لي عَيناً عَلَيهِم ، ولا تُخفِ عَلَيَّ شيئاً مِن اُمورِهِم» . لم يبايع عبداللَّه بن الزبير بعد تسلّطه ، فعزم على حرقه ، لكنّ جيش المختار أنقذه مع ابن عبّاس من مخالبه . كان للمختار صلة وثيقة به ، وقد نسّق معه في الثأر من قتلة الحسين عليه السلام . توفّي بالمدينة سنة (۸۱ ه) (راجع : الطبقات الكبرى : ج ۵ ص ۹۱ - ۱۱۶ وسير أعلام النبلاء : ج ۴ ص ۱۱۰ - ۱۲۸ وتاريخ دمشق : ج ۵۴ ص ۳۲۱ - ۳۵۹ والكافي : ج ۱ ص ۳۴۸ ح ۵ والخصال : ص ۳۸۰ ورجال الكشّي : ج ۱ ص ۲۸۶ وقاموس الرجال : ج ۹ ص ۲۴۶ ).

3.نَبا منزلُه به : لم يوافقه (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۳۹۳ «نبا») .

4.الشَّعَفَةُ - بالتحريك - : رأس الجبل ، والجمع شَعَف وشعوف وشِعاف (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۸۱ «شعف») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922488
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به