347
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

۳۵۱.الأخبار الطوال : كانَ هانِئُ بنُ عُروَةَ مُواصِلاً لِشَريكِ بنِ الأَعوَرِ البَصرِيِّ الَّذي قامَ‏۱ مَعَ ابنِ زِيادٍ ، وكانَ ذا شَرَفٍ بِالبَصرَةِ وخَطَرٍ ، فَانطَلَقَ هانِئٌ إلَيهِ حَتّى‏ أتى‏ بِهِ مِنزِلَهُ ، وأنزَلَهُ مَعَ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ فِي الحُجرَةِ الَّتي كانَ فيها . وكانَ شَريكٌ مِن كِبارِ الشّيعَةِ بِالبَصرَةِ ، فَكانَ يَحُثُّ هانِئاً عَلَى القِيامِ بِأَمرِ مُسلِمٍ ، وجَعَلَ مُسلِمٌ يُبايِعُ مَن أتاهُ منِ أهلِ الكوفَةِ ، ويَأخُذُ عَلَيهِمُ العُهودَ وَالمَواثيقَ المُؤَكَّدَةَ بِالوَفاءِ .
ومَرِضَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ في مَنزِلِ هانِئِ بنِ عُروَةَ مَرَضاً شَديداً ، وبَلَغَ ذلِكَ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ يُعلِمُهُ أنَّهُ يَأتيهِ عائِداً .
فَقالَ شَريكٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ : إنَّما غايَتُكَ وغايَةُ شيعَتِكَ هَلاكُ هذَا الطّاغِيَةِ ، وقَد أمكَنَكَ اللَّهُ مِنهُ ، هُوَ صائِرٌ إلَيَّ لِيعودَني ، فَقُم فَادخُلِ الخِزانَةَ حَتّى‏ إذَا اطمَأَنَّ عِندي ، فَاخرُج إلَيهِ فَقاتِلهُ‏۲ ، ثُمَّ صِر إلى‏ قَصرِ الإِمارَةِ فَاجلِس فيهِ ؛ فَإِنَّهُ لا يُنازِعُكَ فيه أحَدٌ مِنَ النّاسِ ، وإن رَزَقنِيَ اللَّهُ العافِيَةَ صِرتُ إلَى البَصرَةِ ، فَكَفَيتُكَ أمرَها ، وبايَعَ لَكَ أهلُها .
فَقالَ هانِئُ بنُ عُروَةَ : ما اُحِبُّ أن يُقتَلَ في دارِي ابنُ زِيادٍ .
فَقالَ لَهُ شَريكٌ : ولِمَ ، فَوَاللَّهِ إنَّ قَتلَهُ لَقُربانٌ إلَى اللَّهِ ؟! ثُمَّ قالَ شَريكٌ لِمُسلِمٍ : لا تُقَصِّر في ذلِكَ .
فَبَينَما هُم عَلى‏ ذلِكَ إذ قيلَ لَهُم : الأَميرُ بِالبابِ . فَدَخَلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ الخِزانَةَ ، ودَخَلَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ عَلى‏ شَريكٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، وقالَ : مَا الَّذي تَجِدُ وتَشكو ؟ فَلَمّا طالَ سُؤالُهُ إيّاهُ استَبطَأَ شَريكٌ خُروجَ مُسلِمٍ ، وجَعَلَ يَقولُ ، ويُسمِعُ مُسلِماً :




ما تَنظُرونَ بِسَلمى‏ عِندَ فُرصَتِهافَقَد وَفى‏ وُدُّها واستَوسَقَ الصَّرَمُ‏
وجَعَلَ يُرَدِّدُ ذلِكَ . فَقالَ ابنُ زِيادٍ لِهانِئٍ : أيهَجُرُ ؟ - يَعني يَهذي - . قالَ هانِئٌ : نَعَم ، أصلَحَ اللَّهُ الأَميرَ ! لَم يَزَل هكَذا مُنذُ أصبَحَ . ثُمَّ قامَ عُبَيدُ اللَّهِ وخَرَجَ ، فَخَرَجَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ مِنَ الخِزانَةِ .

1.كذا في المصدر : والظاهر أنّ الصواب : «الذي قدمَ مع ابن زياد» .

2.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب «فاقتُله» .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
346

فَلَمّا كانَ مِنَ العَشِيِّ أقبَلَ عُبَيدُ اللَّهِ لِعِيادَةِ شَريكٍ ، فَقامَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ لِيَدخُلَ ، وقالَ لَهُ شَريكٌ : لا يَفوتَنَّكَ إذا جَلَسَ ، فَقامَ هانِئُ بنُ عُروَةَ إلَيهِ فَقالَ : إنّي لا اُحِبُّ أن يُقتَلَ في داري . كَأَنَّهُ استَقبَحَ ذلِكَ .
فَجاءَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ، فَدَخَلَ فَجَلَسَ ، فَسَأَلَ شَريكاً عَن وَجَعِهِ ، وقالَ : مَا الَّذي تَجِدُ ، ومَتَى اُشكيتَ ؟ فَلَمّا طالَ سُؤالُهُ إيّاهُ ، ورَأى‏ أنَّ الآخَرَ لا يَخرُجُ ، خَشِيَ أن يَفوتَهُ ، فَأَخَذَ يَقولُ : «ما تَنظُرونَ بِسَلمى‏ أن تُحَيّوها»۱ اِسقِنيها وإن كانَت فيها نَفسي ، فَقالَ ذلِكَ مَرَّتَينِ أو ثَلاثاً .
فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ - ولا يَفطُنُ - : ما شَأنُهُ ؟ ! أتَرَونَهُ يَهجُرُ۲ ؟ فَقالَ لَهُ هانِئٌ : نَعَم أصلَحَكَ اللَّهُ ! ما زالَ هذا دَيدَنُهُ قُبَيلَ عَمايَةِ الصُّبحِ حَتّى‏ ساعَتِهِ هذِهِ . ثُمَّ إنَّهُ قامَ فَانصَرَفَ .
فَخَرَجَ مُسلِمٌ ، فَقالَ لَهُ شَريكٌ : ما مَنَعَكَ مِن قَتلِهِ ؟ فَقالَ : خَصلَتانِ : أمّا إحداهُما فَكَراهَةُ هانِئٍ أن يُقتَلَ في دارِهِ ، وأمَّا الاُخرى‏ فَحَديثٌ حَدَّثَهُ النّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله : إنَّ الإيمانَ قَيَّدَ الفَتكَ‏۳ ، ولا يَفتِكُ مُؤمِنٌ .۴
فَقالَ هانِئٌ : أمَا وَاللَّهِ لَو قَتَلتَهُ لَقَتَلتَ فاسِقاً فاجِراً كافِراً غادِراً ، ولكن كَرِهتُ أن يُقتَلَ في داري ، ولَبِثَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ بَعدَ ذلِكَ ثَلاثاً ثُمَّ ماتَ .
فَخَرَجَ ابنُ زِيادٍ فَصَلّى‏ عَلَيهِ ، وبَلَغ عُبَيدَ اللَّهِ بَعدَما قَتَلَ مُسلِماً وهانِئاً ، أنَّ ذلِكَ الَّذي كُنتَ سَمِعتَ مِن شَريكٍ في مَرَضِهِ ، إنَّما كانَ يُحَرِّضُ مُسلِماً ويَأمُرُهُ بِالخُروجِ إلَيكَ لِيَقتُلَكَ ، فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ : وَاللَّهِ لا اُصَلّي عَلى‏ جَنازَةِ رَجُلٍ مِن أهلِ العِراقِ أبَداً ، ووَاللَّهِ لَولا أنَّ قَبرَ زِيادٍ فيهِم لَنَبَشتُ شَريكاً .۵

1.في المصدر : «ما تنتظرون . . .» ، وهو تصحيف ظاهر ، فالوزن لا يستقيم إلّا بما أثبتناه . وجاء في مقاتل الطالبيّين هكذا : مَا الاِنتظار بِسَلمى‏ أن تُحيّوها حَيّوا سُلَيمي وحَيّوا من يُحيّيها كأس المَنيّةِ بالتعجيل فاسقوها

2.هَجَرَ يهجُر هَجراً : إذا خَلَطَ في كلامه ، وإذا هذى (النهاية : ج ۵ ص ۲۴۵ «هجر») .

3.الفَتك ، أن يأتي الرجل صاحبه وهو غارٌّ غافلٌ فيشُدّ عليه فيقتله (النهاية : ج ۳ ص ۴۰۹ «فتك») .

4.وزاد في الكامل في التاريخ: «بمؤمن».

5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۳ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۳۷ وفيه «عمارة بن عبد السلولي» و«حدّثه عليّ عليه السلام» بدل «حدّثه الناس» ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۱ وليس فيه ذيله من «ولكن كرهت» وكلاهما نحوه ؛ بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۴ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1979320
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به