قالَ : فَخَرَجَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ولَم يَصنَعِ الآخَرُ شَيئاً ، وكانَ مِن أشجَعِ النّاسِ ، ولكِنَّهُ أخَذَتهُ كَبوَةٌ۱ ، فَقيلَ لِابنِ زِيادٍ : وَاللَّهِ إنّ فِي البَيتِ رَجُلاً مُتَسَلِّحاً .۲
۳۵۹.تاريخ اليعقوبي : قَدِمَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ الكوفَةَ ، وبِها مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ قَد نَزَلَ عَلى هانِئ بنِ عُروَةَ ، وهانِئٌ شَديدُ العِلَّةِ ، وكانَ صَديقاً لاِبنِ زِيادٍ .
فَلَمّا قَدِمَ ابنُ زِيادٍ الكوفَةَ اُخبِرَ بِعِلَّةِ هانِئٍ ، فَأَتاهُ لِيَعودَهُ ، فَقالَ هانِئٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ - وهُم جَماعَةٌ - : إذا جَلَسَ ابنُ زِيادٍ عِندي وتَمَكَّنَ ، فَإِنّي سَأَقولُ : «اِسقوني» ، فَاخرُجوا فَاقتُلوهُ .
فَأدخَلَهُمُ البَيتَ وجَلَسَ فِي الرِّواقِ۳ ، وأتاهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ يَعودُهُ ، فَلَمّا تَمَكَّنَ ، قالَ هانِئُ بنُ عُروَةَ : اِسقوني ! فَلَم يَخرُجوا ، فَقالَ : اِسقوني ، ما يُؤَخِّرُكُم ؟ ثُمَّ قالَ : اِسقوني ، ولَو كانَت فيهِ نَفسي ، فَفَهِمَ ابنُ زِيادٍ ، فَقامَ فَخَرَجَ مِن عِندِهِ ، ووَجَّهَ بالشُّرَطِ يَطلبُونَ مُسلِماً ، وخَرَجَ وأصحابُهُ وهُوَ لا يَشُكَّ في وَفاءِ القَومِ وصِحَّةِ نِيّاتِهِم ، فَقاتَلَ [مُسلِمٌ ]عُبَيدَ اللَّهِ ، فَأَخَذوهُ فَقَتَلَهُ عُبَيدُ اللَّهِ ، وجَرَّ بِرِجلِهِ فِي السّوقِ ، وقَتَلَ هانِئَ بنَ عُروَةَ لِنُزولِ مُسلِمٍ مَنزِلَهُ ، وإعانَتِهِ إيّاهُ .۴
۳۶۰.البداية والنهاية : تَحَوَّلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ إلى دارِ هانِئِ بنِ حميدِ بنِ عُروَةَ المُرادِيِّ ، ثُمَّ إلى دارِ شَريكِ بنِ الأَعوَرِ - وكانَ مِنَ الاُمَراءِ الأَكابِرِ - وبَلَغَهُ أنَّ عُبَيدَ اللَّهِ يُريدُ عِيادَتَهُ ، فَبَعَثَ إلى هانِئٍ يَقولُ لَهُ : اِبعَث مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ حَتّى يَكونَ في داري لِيَقتُلَ عُبَيدَ اللَّهِ إذا جاءَ يَعودُني . فَبَعَثَهُ إلَيهِ ، فَقالَ لَهُ شَريكٌ : كُن أنتَ فِي الخِباءِ ، فَإِذا جَلَسَ عُبَيدُ اللَّهِ ، فَإِنّي أطلُبُ الماءَ - وهِيَ إشارَتي إلَيكَ - فَاخرُج فَاقتُلهُ .
فَلَمّا جاءَ عُبَيدُ اللَّهِ جَلَسَ عَلى فِراشِ شَريكٍ ، وعِندَهُ هانِئُ بنُ عُروَةَ ، وقامَ مِن بَينِ يَدَيهِ غُلامٌ يُقالُ لَهُ مِهرانُ ، فَتَحَدَّثَ عِندَهُ ساعَةً ، ثُمَّ قالَ شَريكٌ : اِسقوني ، فَتَجَبَّنَ مُسلِمٌ عَن قَتلِهِ ، وخَرَجَت جارِيَةٌ بِكوزٍ مِن ماءٍ فَوَجَدَت مُسلِماً فِي الخِباءِ ، فَاستَحيَت ورَجَعَت بِالماءِ ثَلاثاً ، ثُمَّ
1.الكَبْوةُ : الوقفة ، أو الوقفة عند الشيء يكرهه الإنسان (النهاية : ج ۴ ص ۱۴۶ «كبا») .
2.الإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۸ ، المحاسن والمساوئ : ص ۶۰عن أبي معشر ، المحن : ص ۱۴۴ ، العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۴ ، جواهر المطالب : ج ۲ ص ۲۶۵ كلاهما عن أبي عبيد القاسم بن سلّام وكلاهما نحوه .
3.رِواقُ البيت : مُقدّمهُ (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۳۳ «روق») .
4.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۴۳ .