353
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ : اِسقوني ولَو كانَ فيهِ ذَهابُ نَفسي ، أتَحمونَني مِنَ الماءِ ؟ فَفَهِمَ مِهرانُ الغَدرَ ، فَغَمَزَ مَولاهُ ، فَنَهَضَ سَريعاً وخَرَجَ .
فَقالَ شَريكٌ : أيُّهَا الأَميرُ ! إنّي اُريدُ أن اُوصِيَ إلَيكَ ، فَقالَ : سَأَعودُ !
فَخَرَجَ بِهِ مَولاهُ فَأَركَبَهُ وطَرَّدَ بِهِ - أي ساقَ بِهِ - وجَعَلَ يَقولُ لَهُ مَولاهُ : إنَّ القَومَ أرادوا قَتلَكَ ، فَقالَ : وَيحَكَ ، إنّي بِهِم لَرَفيقٌ ، فَما بالُهُم ؟ !
وقالَ شَريكٌ لِمُسلِمٍ : ما مَنَعَكَ أن تَخرُجَ فَتَقتُلَهُ ؟ قالَ : حَديثٌ بَلَغَني عَن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أنَّهُ قالَ : الإيمانُ ضِدُّ الفَتكِ ، لا يَفتِكُ مُؤمِنٌ ، وكَرِهتُ أن أقتُلَهُ في بَيتِكَ .
فَقالَ : أما لَو قَتَلتَهُ لَجَلَستَ فِي القَصرِ ، لَم يَستَعِدَّ مِنهُ أحَدٌ ، ولَيُكفَيَنَّكَ أمرُ البَصرَةِ ، ولَو قَتَلتَهُ لَقَتَلتَ ظالِماً فاجِراً . وماتَ شَريكٌ بَعدَ ثَلاثٍ .۱

۳۶۱.الأمالي للشجري عن سعيد بن خالد : مَرِضَ شَريكُ بنُ الأَعورِ ، ومُسلِمٌ في مَنزِلِهِ في حَجَلَةٍ۲لِشَريكٍ ومَعَهُ السَّيفُ ، فَقالَ لَهُ شَريكٌ : إنَّ عُبَيدَ اللَّهِ - يَعني ابنَ زِيادٍ - سَيَأتيني عائِداً السّاعَةَ ، فَإِذا جاءَكَ فَدونَكَ هُوَ . فَجاءَ عُبَيدُ اللَّهِ فَدَخَلَ عَلَيهِ وسَأَلَهُ ، وخَرَجَ عُبَيدُ اللَّهِ فَلَم يَصنَع مُسلِمٌ شَيئاً .
وتَحَوَّلَ مُسلِمٌ إلى‏ هانِئِ بنِ عُروَةَ المُرادِيِّ ، وبَلَغَ عُبَيدَ اللَّهِ الخَبَرُ ، فَقالَ : وَاللَّهِ لَولا أن تَكونَ سُبَّةً ، لَسَبَبتُ شَريكاً .۳

1.البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۳ .

2.الحَجَلَةُ : بيتٌ يُزيّن بالثياب والأسِرّة والستور (الصحاح : ج ۴ ص ۱۶۶۷ «حجل») .

3.الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۷ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
352

قالَ : فَخَرَجَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ولَم يَصنَعِ الآخَرُ شَيئاً ، وكانَ مِن أشجَعِ النّاسِ ، ولكِنَّهُ أخَذَتهُ كَبوَةٌ۱ ، فَقيلَ لِابنِ زِيادٍ : وَاللَّهِ إنّ فِي البَيتِ رَجُلاً مُتَسَلِّحاً .۲

۳۵۹.تاريخ اليعقوبي : قَدِمَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ الكوفَةَ ، وبِها مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ قَد نَزَلَ عَلى‏ هانِئ بنِ عُروَةَ ، وهانِئٌ شَديدُ العِلَّةِ ، وكانَ صَديقاً لاِبنِ زِيادٍ .
فَلَمّا قَدِمَ ابنُ زِيادٍ الكوفَةَ اُخبِرَ بِعِلَّةِ هانِئٍ ، فَأَتاهُ لِيَعودَهُ ، فَقالَ هانِئٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ - وهُم جَماعَةٌ - : إذا جَلَسَ ابنُ زِيادٍ عِندي وتَمَكَّنَ ، فَإِنّي سَأَقولُ : «اِسقوني» ، فَاخرُجوا فَاقتُلوهُ .
فَأدخَلَهُمُ البَيتَ وجَلَسَ فِي الرِّواقِ‏۳ ، وأتاهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ يَعودُهُ ، فَلَمّا تَمَكَّنَ ، قالَ هانِئُ بنُ عُروَةَ : اِسقوني ! فَلَم يَخرُجوا ، فَقالَ : اِسقوني ، ما يُؤَخِّرُكُم ؟ ثُمَّ قالَ : اِسقوني ، ولَو كانَت فيهِ نَفسي ، فَفَهِمَ ابنُ زِيادٍ ، فَقامَ فَخَرَجَ مِن عِندِهِ ، ووَجَّهَ بالشُّرَطِ يَطلبُونَ مُسلِماً ، وخَرَجَ وأصحابُهُ وهُوَ لا يَشُكَّ في وَفاءِ القَومِ وصِحَّةِ نِيّاتِهِم ، فَقاتَلَ [مُسلِمٌ ]عُبَيدَ اللَّهِ ، فَأَخَذوهُ فَقَتَلَهُ عُبَيدُ اللَّهِ ، وجَرَّ بِرِجلِهِ فِي السّوقِ ، وقَتَلَ هانِئَ بنَ عُروَةَ لِنُزولِ مُسلِمٍ مَنزِلَهُ ، وإعانَتِهِ إيّاهُ .۴

۳۶۰.البداية والنهاية : تَحَوَّلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ إلى‏ دارِ هانِئِ بنِ حميدِ بنِ عُروَةَ المُرادِيِّ ، ثُمَّ إلى‏ دارِ شَريكِ بنِ الأَعوَرِ - وكانَ مِنَ الاُمَراءِ الأَكابِرِ - وبَلَغَهُ أنَّ عُبَيدَ اللَّهِ يُريدُ عِيادَتَهُ ، فَبَعَثَ إلى‏ هانِئٍ يَقولُ لَهُ : اِبعَث مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ حَتّى‏ يَكونَ في داري لِيَقتُلَ عُبَيدَ اللَّهِ إذا جاءَ يَعودُني . فَبَعَثَهُ إلَيهِ ، فَقالَ لَهُ شَريكٌ : كُن أنتَ فِي الخِباءِ ، فَإِذا جَلَسَ عُبَيدُ اللَّهِ ، فَإِنّي أطلُبُ الماءَ - وهِيَ إشارَتي إلَيكَ - فَاخرُج فَاقتُلهُ .
فَلَمّا جاءَ عُبَيدُ اللَّهِ جَلَسَ عَلى‏ فِراشِ شَريكٍ ، وعِندَهُ هانِئُ بنُ عُروَةَ ، وقامَ مِن بَينِ يَدَيهِ غُلامٌ يُقالُ لَهُ مِهرانُ ، فَتَحَدَّثَ عِندَهُ ساعَةً ، ثُمَّ قالَ شَريكٌ : اِسقوني ، فَتَجَبَّنَ مُسلِمٌ عَن قَتلِهِ ، وخَرَجَت جارِيَةٌ بِكوزٍ مِن ماءٍ فَوَجَدَت مُسلِماً فِي الخِباءِ ، فَاستَحيَت ورَجَعَت بِالماءِ ثَلاثاً ، ثُمَّ

1.الكَبْوةُ : الوقفة ، أو الوقفة عند الشي‏ء يكرهه الإنسان (النهاية : ج ۴ ص ۱۴۶ «كبا») .

2.الإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۸ ، المحاسن والمساوئ : ص ۶۰عن أبي معشر ، المحن : ص ۱۴۴ ، العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۴ ، جواهر المطالب : ج ۲ ص ۲۶۵ كلاهما عن أبي عبيد القاسم بن سلّام وكلاهما نحوه .

3.رِواقُ البيت : مُقدّمهُ (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۳۳ «روق») .

4.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۴۳ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970769
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به