355
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

وقد جاء في بعض الروايات أنّ مسلماً ذكر أنّ سبب امتناعه هو الحديث المشار إليه فحسب .۱
وجاء في رواية اُخرى أنّ مسلماً اعتبر أنّ سبب امتناعه إنّما هو كراهة هاني لذلك .۲
وجاء في نقل آخر أنّ مسلماً أشار إلى عاملين لتبرير عمله : الأوّل حديث «الفتك» ، والآخر أنّه لم يكن يرغب في أن يتمّ هذا العمل في دار شريك بن الأعور .۳
ومن خلال التأمّل في هذه الروايات المتناقضة ، فإنّ الملاحظة الاُولى التي تتبادر إلى الذهن هي كونها منتحلة كلّها ، للأسباب التالية :
أوّلاً : مجي‏ء ابن زياد إلى بيوت محبّي مسلم يعني وضع نفسه في معرض الخطر ، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار الدهاء السياسي لابن زياد وأوضاع الكوفة المتأزّمة، فإنّه لايمكن تصديق وقوع هذا التصرّف غير المحتاط من قبله ، خاصّة وإنّه كان يعلم من خلال جاسوسه أنّ مسلماً مختبئ في دار هاني .
ثانياً : تعدّ السرّية أهمّ شروط تنفيذ مخطّط الاغتيال ، وهذا المعنى يتنافى مع تواجد ثلاثين رجلاً لا ضرورة لجلبهم لاغتيال شخص واحد .
ثالثاً : إذا كان مخطّط اغتيال ابن زياد حقيقياً ، فإنّ التدبير السياسي والأمني كان يقتضي أن يوكل تنفيذه إلى شخص غير مسلم الذي كان يتولّى قيادة ثورة الكوفة .
وعلى هذا الأساس يمكن القول : إنّ مخطّط اغتيال ابن زياد كان مفتعلاً ومنتحلاً من قبله هو نفسه وأعوانه ، بهدف تبرير إقدامهم ضدّ مسلم عليه السلام وزعماء القبائل الموالين له .
وإذا لم نأخذ بالتحليل المذكور واعتبرنا المخطّط المذكور حقيقياً ، فإنّ الرواية الثانية والتي‏تفيد اكتشاف ابن زياد للمخطّط عن طريق القرائن ، أو الرواية الثالثة التي تصرّح بأنّ امرأة حالت دون تنفيذه في دار هاني ، أقرب إلى الصحّة .

1.راجع : ص‏۳۵۰ ح‏۳۵۴ .

2.راجع : ص‏۳۵۱ ح‏۳۵۷ .

3.راجع : ص‏۳۶۰ ح‏۳۶۰ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
354

وقفة عند الرواية التي تفيد التخطيط لاغتيال ابن زياد

من القضايا التي تستحقّ التأمّل في أحداث الكوفة قبل استشهاد مسلم عليه السلام ، هي موضوع رواية التخطيط لاغتيال ابن زياد . واستناداً إلى الروايات التي مرّت ، فقد طُرح هذا الاقتراح على مسلم من قبل شريك بن الأعور ، أو هاني بن عروة ، أو عمارة بن عبيد ، وقد وافق عليه وتقرّر أن ينفّذ مسلم هذا المخطّط - مع ثلاثين رجلاً مسلحاً - عندما يأتي ابن زياد لعيادة هاني ، أو شريك بن الأعور .
فجاء ابن زياد لعيادة شريك بن الأعور أو هاني ، وهيّأ الأرضية لتنفيذ مخطّط الاغتيال ، ولكنّ مسلماً امتنع في اللحظة الأخيرة عن تنفيذه .
وتختلف الروايات بشأن الإجابة على السؤال حول سبب عدم نجاح مسلم في اغتيال ابن زياد ، حيث تدلّ بعض الروايات على أنّ ابن زياد اكتشف من خلال بعض القرائن مخطّط اغتياله، فغادر المكان من فوره .۱
وتصرّح بعض الروايات بأن امرأة في دار هاني حالت دون أن يقدم مسلم على الاغتيال .۲
وتفيد بعض الروايات بأنّ مسلماً قال في‏إجابته على السؤال حول سبب عدم إقدامه على اغتيال ابن زياد أنّ هناك أمرين منعاه من التنفيذ ، أحدهما : أنّ هاني لم يكن يرغب في أن يتمّ ذلك في داره ، والآخر : الحديث الذي نقل عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله :
إنَّ الإيمانَ قَيَّدَ الفَتكَ ، ولا يَفتِكُ مُؤمِنٌ .۳

1.راجع : ص‏۳۴۵ ح‏۳۴۹ وص‏۳۵۱ ح‏۳۵۶ وص‏۳۵۲ ح‏۳۵۹ و ۳۶۰ .

2.راجع : ص‏۳۴۹ ح‏۳۵۳ .

3.جاء في الكامل في التاريخ : ج‏۲ ص‏۵۳۸ : «فلا يفتك مؤمن بمؤمن» وراجع : ص ۳۴۶ ح ۳۵۰ و ص ۳۴۹ ح ۳۵۲ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970601
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به