357
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

4 / 14

بَثُّ العُيونِ والأَموالِ لِمَعرِفَةِ مَكانِ مُسلِمٍ‏

۳۶۲.تاريخ الطبري عن أبي الودّاك : دَعا ابنُ زِيادٍ مَولىً يُقالُ لَهُ مَعقِلٌ ، فَقالَ لَهُ : خُذ ثَلاثَةَ آلافِ دِرهَمٍ ، ثُمَّ اطلُب مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ ، وَاطلُب لَنا أصحابَهُ ، ثُمَّ أعطِهِم هذِهِ الثَّلاثَةَ آلافٍ ، فَقُل لَهُم : اِستَعينوا بِها عَلى‏ حَربِ عَدُوِّكُم ، وأعلِمهُم أنَّكَ مِنهُم ؛ فَإِنَّكَ لَو قَد أعطَيتَها إيّاهُمُ اطمَأَنّوا إلَيكَ ، ووَثِقوا بِكَ ، ولَم يَكتُموك شَيئاً مِن أخبارِهِم ، ثُمَّ اغدُ عَلَيهِم ورُح .
فَفَعَلَ ذلِكَ ، فَجاءَ حَتّى‏ أتى‏ إلى مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ الأَسَدِيِّ - مِن بَني سَعدِ بنِ ثَعلَبَةَ - فِي المَسجِدِ الأَعظَمِ وهُوَ يُصَلّي ، وسَمِعَ النّاسَ يَقولونَ : إنَّ هذا يُبايِعُ لِلحُسَينِ عليه السلام ، فَجاءَ فَجَلَسَ حَتّى‏ فَرَغَ مِن صَلاتِهِ .
ثُمَّ قالَ : يا عَبدَ اللَّهِ ، إنِّي امرُؤٌ مِن أهلِ الشّامِ ، مَولى‏ لِذِي الكِلاعِ ، أنعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ بِحُبِّ أهلِ هذَا البَيتِ ، وحُبِّ مَن أحَبَّهُم ، فَهذِهِ ثَلاثَةُ آلافِ دِرهَمٍ ، أرَدتُ بِها لِقاءَ رَجُلٍ مِنهُم بَلَغَني أنَّهُ قَدِمَ الكوفَةَ ، يُبايِعُ لِابنِ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وكُنتُ اُريدُ لِقاءَهُ فَلَم أجِد أحَداً يَدُلُّني عَلَيهِ ، ولا يَعرِفُ مَكانَهُ ، فَإِنّي لَجالِسٌ آنِفاً فِي المَسجِدِ ؛ إذ سَمِعتُ نَفَراً مِنَ المُسلِمينَ يَقولونَ : هذا رَجُلٌ لَهُ عِلمٌ بِأَهلِ هذَا البَيتِ ، وإنّي أتَيتُكَ لِتَقبِضَ هذَا المالَ ، وتُدخِلَني عَلى‏ صاحِبِكَ فَاُبايِعَهُ ، وإن شِئتَ أخَذتَ بَيعَتي لَهُ قَبلَ لِقائِهِ .
فَقالَ : اِحمَدِ اللَّهَ عَلى‏ لِقائِكَ إيّايَ ، فَقَد سَرَّني ذلِكَ لِتَنالَ ما تُحِبُّ ، ولِينصُرَ اللَّهُ بِكَ أهلَ بَيتِ نَبِيِّهِ ، ولَقَد ساءَني مَعرِفَتُكَ إيّايَ بِهذَا الأَمرِ مِن قَبلِ أن يَنمى‏۱ ، مَخافَةَ هذَا الطّاغِيَةِ وسَطوَتِهِ .
فَأَخَذَ بَيعَتَهُ قَبلَ أن يَبرَحَ ، وأخَذَ عَلَيهِ المَواثيقَ المُغَلَّظَةَ ، لَيُناصِحَنَّ ولَيَكتُمَنَّ ، فَأَعطاهُ مِن ذلِكَ ما رَضِيَ بِهِ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : اِختَلِف إلَيَّ أيّاماً في مَنزِلي ، فَأَنَا طالِبٌ لَكَ الإِذنَ عَلى‏ صاحِبِكَ . فَأَخَذَ يَختَلِفُ مَعَ النّاسِ ، فَطَلَبَ لَهُ الإِذنَ ... .
ثُمَّ إنَّ مَعقِلاً - مَولَى ابنِ زِيادٍ الَّذي دَسَّهُ بِالمالِ إلَى ابنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ - اختَلَفَ إلى‏ مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ أيّاماً ، لِيُدخِلَهُ عَلَى ابنِ عَقيلٍ ، فَأَقبَلَ بِهِ حَتّى‏ أدخَلَهُ عَلَيهِ بَعدَ مَوتِ شَريكِ بنِ

1.نمى‏ : زاد وكثر ، ونمى‏ الماء : طَما وارتفع (تاج العروس : ج ۲ ص ۲۶۴ «نمى») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
356

وأمّا صحّة الروايات الاُخرى التي تفيد أنّ مسلماً عليه السلام انثنى عن عزمه على قتل ابن زياد عند تذكّره لحديث «الفتك» فإنّها مستبعدة للغاية ، بل يمكن القول إنّها إهانة لمسلم عليه السلام . وهل يمكن القول : إنّ سفير الإمام عليه السلام لم يكن يعلم بحكم المخطّط المذكور عند التصميم له ، ثمّ ينثني عن عزمه عند تنفيذه لتذكّره حديث «الفتك»؟!
على أنّ سائر ماجاء في الروايات المذكورة في سبب امتناع مسلم عليه السلام عن تنفيذ مخطّط الاغتيال ، يبلغ من الوهن والضعف حدّاً يجعله لا يستحقّ النقد .
وممّا يجدر ذكره أنّ البلاذري ذكر رواية اُخرى حول محاولة اغتيال ابن زياد على يد عمّار بن أبي سلامة ، ولكنّه فشل هو الآخر ، وهذا هو نصّ الرواية :
وهمّ عمار بن أبي سلامة الدالاني أن يفتك بعبيد اللَّه بن زياد في عسكره بالنخيلة۱ فلم يمكنه ذلك ، فلطف حتّى لحق بالحسين عليه السلام فقُتل معه .۲

1.راجع : الخريطة الرقم ۴ في آخر الكتاب .

2.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۸ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970917
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به