369
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ : فَنَزَلَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ عَنِ المِنبَرِ مُسرِعاً ، وبادَرَ فَدَخَلَ القَصرَ وأغلَقَ الأَبوابَ.۱

4 / 17

دَعوَةُ مُسلِمٍ قُوّاتِهِ وَالحَرَكَةُ نَحوَ القَصرِ

۳۷۳.تاريخ الطبري عن عبد اللَّه بن خازم‏۲: أنَا وَاللَّهِ رَسولُ ابنِ عَقيلٍ إلَى القَصرِ ، لِأَنظُرَ إلى‏ ما صارَ أمرُ هانِئٍ ، قالَ : فَلَمّا ضُرِبَ وحُبِسَ ، رَكِبتُ فَرَسي وكُنتُ أوَّلَ أهلِ الدّارِ دَخَلَ عَلى‏ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ بِالخَبَرِ ، وإذا نِسوَةٌ لِمُرادٍ مُجتَمِعاتٌ يُنادينَ : يا عَثرَتاه! يا ثُكلاه ! فَدَخَلتُ عَلى‏ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ بِالخَبَرِ ، فَأَمَرَني أن اُنادِيَ في أصحابِهِ ، وقَد مَلأَ مِنهُمُ الدّورَ حَولَهُ ، وقَد بايَعَهُ ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفاً ، وفِي الدّورِ أربَعةُ آلافِ رَجُلٍ .
فَقالَ لي : نادِ : «يا مَنصورُ أمِت» ، فَنادَيتُ : «يا مَنصورُ أمِت»۳ ، وتَنادى‏ أهلُ الكوفَةِ فَاجتَمَعوا إلَيهِ ، فَعَقَدَ مُسلِمٌ لِعُبَيدِ اللَّهِ بنِ عَمرِو بنِ عُزَيرٍ الكِنديِ‏۴عَلى‏ رَبعِ كِندَةَ ورَبيعَةَ ، وقالَ : سِر أمامي فِي الخَيلِ ، ثُمَّ عَقَدَ لِمُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ الأَسدِيِّ عَلى‏ رُبعِ مَذحِجٍ وأسَدٍ ، وقالَ : اِنزِل فِي الرِّجالِ فَأَنتَ عَلَيهِم ، وعَقَدَ لِأَبي ثُمامَةَ الصّائِدِيِّ عَلى‏ رُبعِ تَميمٍ وهَمدانَ ، وعَقَدَ لِعَبّاسِ بنِ جُعدَةَ الجَدَلِيِّ عَلى‏ رُبعِ المَدينَةِ ، ثُمَّ أقبَلَ نَحوَ القَصرِ ، فَلَمّا بَلَغَ ابنَ زِيادٍ إقبالُهُ ، تَحَرَّزَ۵ فِي

1.الفتوح : ج ۵ ص ۴۹ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۶ .

2.هو عبد اللَّه بن خازم (حازم) الأزدي الكبيري من بني كبير، خرج مع التوّابين بقيادة سليمان بن صرد في سنة ۶۵ ه ومعه امرأته سهلة بنت سبرة بن عمرو لمّا سمع الصوت « يا لثارات الحسين». لم نعثر على ترجمته (راجع: تاريخ الطبري: ج ۵ ص‏۳۷۰ و ۵۸۳ ومقاتل الطالبيين: ص ۱۰۳ و۱۰۴ وبحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۳۵۸).

3.كانت هذه العبارة شعاراً لمسلم وأصحابه، فكان البعض يقولها للبعض الآخر. ويريدون بها التفأّل بالنصرة والنصر (راجع: لسان العرب: ج ۳ ص ۹۲).

4.عبيد اللَّه بن عمرو بن عزير الكندي : اختلفوا في اسمه و اسم جدّه . يُكنّى أبا محمّد ، ولعلّ الصحيح في اسمه عبداللَّه مكبّراً . ومن المحتمل اتّحاده مع عبيدة بن عمرو البدي الكندي الّذي عنونه البلاذري والطبري في كتابيهما وقالا: كان عبيدة من أشدّ الناس تشيّعاً وحبّاً لعليّ ، وأشجع الناس وأشعرهم. وذكره السيّد محسن الأمين بعنوان عبيدة بن عمرو البدائي من بني بداء و هم من كندة ، أو نسبة إلى الذين أجازوا البداء على اللَّه عزّوجلّ . وكان عبيداللَّه هذا من التوّابين . واستشهد في سنة ۶۵ ه (راجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۹ و ۵۷۸ و ۶۰۳ و ۶۰۴ وأنساب الأشراف : ج ۶ ص ۳۸۰ وقاموس الرجال: ج ۶ ص ۵۱۵ وأصدق الأخبار : ص ۵۴) .

5.الحِرْزُ : الموضع الحصين (الصحاح : ج ۳ ص ۸۷۳ «حرز») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
368

بِقَضيبٍ أو مِحجَنٍ‏۱ كانَ مَعَهُ ، فَكَسَرَ أنفَهُ وشَقَّ حاجِبَهُ ، ثُمَّ أمَرَ بِهِ ، فَحُبِسَ في بَعضِ بُيوتِ الدّارِ.۲

4 / 16

خُطبَةُ ابنِ زِيادٍ بَعدَ اعتِقالِ هانِئٍ‏

۳۷۱.تاريخ الطبري عن محمّد بن بشير الهمداني : لَمّا ضَرَبَ عُبَيدُ اللَّهِ هانِئاً وحَبَسَهُ ، خَشِيَ أن يَثِبَ النّاسُ بِهِ ، فَخَرَجَ فَصَعِدَ المِنبَرَ ، ومَعَهُ أشرافُ النّاسِ ، وشُرَطُهُ وحَشَمُهُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، أيُّهَا النّاسُ ! فَاعتَصِموا بِطاعَةِ اللَّهِ وطاعَةِ أئِمَّتِكُم ، ولا تَختَلِفوا ولا تَفَرَّقوا ، فَتَهلِكَوا وتُذَلّوا ، وتُقتَلوا وتُجفَوا وتُحرَموا ، إنَّ أخاكَ مَن صَدَقَكَ ، وقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ .
قالَ : ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنزِلَ ، فَما نَزَلَ عَنِ المِنبَرِ حَتّى‏ دَخَلَتِ النَّظّارَةُ المَسجِدَ مِن قِبَلِ التَّمّارينَ يَشتَدّونَ ويَقولونَ : قَد جاءَ ابنُ عَقيلٍ ، قَد جاءَ ابنُ عَقيلٍ ، فَدَخَلَ عُبَيدُ اللَّهِ القَصرَ مُسرِعاً ، وأغلَقَ أبوابَهُ.۳

۳۷۲.الفتوح : خَرَجَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ مِنَ القَصرِ حَتّى‏ دَخَلَ المَسجِدَ الأَعظَمَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ التَفَتَ فَرَأى‏ أصحابَهُ عَن يَمينِ المِنبَرِ وعَن شِمالِهِ ، وفي أيديهِمُ الأَعمِدَةُ وَالسُّيوفُ المُسَلَّلَةُ ، فَقالَ : أمّا بَعدُ يا أهلَ الكوفَةِ ، فَاعتَصِموا بِطاعَةِ اللَّهِ ورَسولِهِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، وطاعَةِ أئِمَّتِكُم ، ولا تَختَلِفوا ولا تَفَرَّقوا ، فَتَهلِكوا وتَندَموا ، وتُذَلّوا وتُقهَروا ، فَلا يَجعَلَنَّ أحَدٌ عَلى‏ نَفسِهِ سَبيلاً ، وقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ .
قالَ : فَما أتَمَّ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زيادٍ ذلِكَ - الخُطبَةَ - حَتّى‏ سَمِعَ الصَّيحَةَ ، فَقالَ : ما هذا ؟ فَقيلَ لَهُ : أيُّهَا الأَميرُ ! الحَذَرَ الحَذَرَ ، هذا مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ قَد أقبَلَ في جَميعِ مَن بايَعَهُ .

1.المِحْجَنُ : عصا في رأسها اعوجاج كالصولجان (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۳۶۸ «حجن») .

2.أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۷ وراجع : ص ۳۴۳ والعقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۴ والإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۹ والمحاسن والمساوئ : ص ۶۰ والمحن : ص ۱۴۵ وجواهر المطالب : ج ۲ ص ۲۶۷ .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۸ ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۲ عن الحجّاج بن عليّ الهمداني وفيه «وتخافوا وتخرجوا» بدل «وتقتلوا وتجفوا وتحرموا» ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۵۱ وفيه «وتحربوا» بدل «وتحرموا»، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۸ وراجع : البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۴ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1916739
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به