381
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

الطُّرُقِ ، أتى‏ باباً فَنَزَلَ عَلَيهِ ، فَخَرَجَت إلَيهِ امرَأَةٌ ، فَقالَ لَها : اِسقيني ، فَسَقَتهُ ، ثُمَّ دَخَلَت فَمَكَثَت ما شاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ خَرَجَت فَإِذا هُوَ عَلَى البابِ ، قالَت : يا عَبدَ اللَّهِ ، إنَّ مَجلِسَكَ مَجلِسُ ريبَةٍ فَقُم .
قالَ : إنّي أنَا مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، فَهَل عِندَكِ مَأوىً ؟ قالَت : نَعَم ، اُدخُل.۱

۴۰۴.تاريخ الطبري عن المجالد بن سعيد : لَمّا رَأى‏ [مُسلِمٌ‏] أَنَّهُ قَد أمسى‏ ولَيسَ مَعَهُ إلّا اُولئِكَ النَّفَرُ [ثَلاثونَ نَفَراً] ، خَرَجَ مُتَوَجِّهاً نَحوَ أبوابِ كِندَةَ ، وبَلَغَ الأَبوابَ وَمَعهُ مِنهُم عَشَرَةٌ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البابِ وإذا لَيسَ مَعَهُ إنسانٌ ، وَالتَفَتَ فَإِذا هُوَ لا يُحِسُّ أحَداً يَدُلُّهُ عَلَى الطَّريقِ ، ولا يَدُلُّهُ عَلى‏ مَنزِلٍ ، ولا يُواسيهِ بِنَفسِهِ إن عَرَضَ لَهُ عَدُوٌّ .
فَمَضى‏ عَلى‏ وَجهِهِ يَتَلَدَّدُ في أزِقَّةِ الكوفَةِ ، لا يَدري أينَ يَذهَبُ ، حَتّى‏ خَرَجَ إلى‏ دورِ بَني جَبَلَةَ مِن كِندَةَ ، فَمَشى‏ حَتّى‏ انتَهى‏ إلى‏ بابِ امرَأَةٍ يُقالُ لَها : طَوعَةُ ،۲ اُمُّ وَلَدٍ كانَت لِلأَشعَثِ بنِ قَيسٍ فَأَعتَقَها ، فَتَزَوَّجَها اُسَيدٌ الحَضرَمِيُّ ، فَوَلَدَت لَهُ بِلالاً ، وكانَ بِلالٌ قَد خَرَجَ مَعَ النّاسِ واُمُّهُ قائِمَةٌ تَنتَظِرُهُ ، فَسَلَّمَ عَلَيهَا ابنُ عَقيلٍ ، فَرَدَّت عَلَيهِ .
فَقالَ لَها : يا أمَةَ اللَّهِ اسقيني ماءً ، فَدَخَلَت فَسَقَتهُ ، فَجَلَسَ ، وأدخَلَتِ الإِناءَ ثُمَّ خَرَجَت فَقالَت : يا عَبدَ اللَّهِ ، ألَم تَشرَب ؟ قالَ : بَلى‏ ، قالَت : فَاذهَب إلى‏ أهلِكَ ! فَسَكَتَ . ثُمَّ عادَت فَقالَت مِثلَ ذلِكَ ، فَسَكَتَ .
ثُمَّ قالَت لَهُ : فِئ‏۳ للَّهِ‏ِ ، سُبحانَ اللَّهِ يا عَبدَ اللَّهِ ، فَمُرَّ إلى‏ أهلِكَ عافاكَ اللَّهُ ! فَإِنَّهُ لا يَصلُحُ لَكَ الجُلوسُ عَلى‏ بابي ، ولا اُحِلُّهُ لَكَ . فَقامَ فَقالَ : يا أمَةَ اللَّهِ ، ما لي في هذَا المِصرِ مَنزِلٌ ولا عَشيرَةٌ ، فَهَل لَكِ إلى‏ أجرٍ ومَعروفٍ ، ولَعَلّي مُكافِئُكِ بِهِ بَعدَ اليَومِ ؟ فَقالَت : يا عَبدَ اللَّهِ وما ذاكَ ؟ قالَ : أنَا مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، كَذَبَني هؤُلاءِ القَومُ وغَرّوني .
قالَت : أنتَ مُسلِمٌ ؟ ! قالَ : نَعَم .
قالَت : اُدخُل ، فَأَدخَلَتهُ بَيتاً في دارِها غَيرَ البَيتِ الَّذي تَكونُ فيهِ ، وفَرَشَت لَهُ ، وعَرَضَت

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۵۰ ، تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۲۶ ، تهذيب التهذيب : ج ۱ ص ۵۹۲ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۷ ، الإصابة : ج ۲ ص ۷۰ ؛ الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۹۱ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۶ عن الإمام زين العابدين عليه السلام .

2.راجع : الخريطة رقم ۱ في آخر الكتاب .

3.في المصدر : «في‏ء اللَّه» ، والصواب ما أثبتناه . وفاء يفي‏ء فيئاً : رجع (الصحاح : ج ۱ ص ۶۳ «فيأ») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
380

۴۰۰.الأخبار الطوال : لَمّا سَمِعَ أصحابُ مُسلِمٍ مَقالَتَهُم [أي مَقالَةَ وُجوهِ أهلِ الكوفَةِ ]فَتَروا بَعضَ الفُتورِ .
وكانَ الرَّجُلُ مِن أهلِ الكوفَةِ يَأتِي ابنَهُ وأخاهُ وابنَ عَمِّهِ فَيقولُ : اِنصَرِف ؛ فَإِنَّ النّاسَ يَكفونَكَ ، وتَجي‏ءُ المَرأَةُ إلَى ابنِها وزَوجِها وأخيها فَتَتَعَلَّقُ بِهِ حَتّى‏ يَرجِعَ . فَصَلّى‏ مُسلِمٌ العِشاءَ فِي المَسجِدِ ، وما مَعَهُ إلّا زُهاءُ ثَلاثينَ رَجُلاً.۱

۴۰۱.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : لَمّا سَمِعَ ذلِكَ [أي مَقالَةَ الأَشرافِ ]النّاسُ ، جَعَلوا يَتَفَرَّقونَ ويَتَخاذَلون عَن مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، ويَقولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ : ما نَصنَعُ بِتَعجيلِ الفِتنَةِ وغَداً تَأتينا جُموعُ أهلِ الشّامِ ؟! فَيَنبَغي أن نَقعُدَ في مَنازِلِنا ، ونَدَعَ هؤُلاءِ القَومَ حَتّى‏ يُصلِحَ اللَّهُ ذاتَ بَينِهِم .
قالَ : وكانَتِ المَرأَةُ تَأتي أخاها وأباها أو زَوجَها أو بَنيها فَتُشَرِّدُهُ ، ثُمَّ جَعَلَ القَومُ يَتَسَلَّلونَ وَالنَّهارُ يَمضي ، فَما غابَتِ الشَّمسُ حَتّى‏ بَقِيَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ في عَشَرَةٍ مِن أصحابِهِ ، وَاختَلَطَ الظَّلامُ فَدَخَلَ مُسلِمٌ المَسجِدَ الأَعظَمَ لِيُصَلِّيَ المَغرِبَ ، فَتَفَرَّقَ عَنهُ العَشَرَةُ.۲

۴۰۲.الثقات لابن حبّان : ثُمَّ رَكِبَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ في ثَلاثَةِ آلافِ فارِسٍ يُريدُ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ ، فَلَمّا قَرُبَ مِن قَصرِ عُبَيدِ اللَّهِ ، نَظَرَ فَإِذا مَعَهُ مِقدارُ ثَلاثِمِئَةِ فارِسٍ ، فَوَقَفَ يَلتَفِتُ يَمنَةً ويَسرَةً ، فَإِذا أصحابُهُ يَتَخَلَّفونَ عَنهُ ، حَتّى‏ بَقِيَ مَعَهُ عَشَرَةُ أنفُسٍ .
فَقالَ : يا سُبحانَ اللَّهِ ! غَرَّنا هؤُلاءِ بِكُتُبِهِم ، ثُمَّ أسلَمونا إلى‏ أعدائِنا هكَذا ! فَوَلّى‏ راجِعاً ، فَلَمّا بَلَغَ طَرَفَ الزُّقاقِ التَفَتَ فَلَم يَرَ خَلفَهُ أحَداً ، وعُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ فِي القَصرِ مُتَحَصِّنٌ ، يُدَبِّرُ في أمرِ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ.۳

4 / 22

اِستِجارَةُ مُسلِمٍ بِدارِ طَوعَةَ ۴

۴۰۳.تاريخ الطبري عن عمّار الدهني عن أبي جعفر[ الباقر ] عليه السلام : لَمّا رَأى‏ مُسلِمٌ أنَّهُ قَد بَقِيَ وَحدَهُ يَتَرَدَّدُ فِي

1.الأخبار الطوال : ص ۲۳۹ .

2.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۷ ، الفتوح : ج ۵ ص ۵۰ ؛ الملهوف : ص ۱۱۹ كلاهما نحوه .

3.الثقات لابن حبّان : ج ۲ ص ۳۰۸ .

4.كانت اُمّ ولد للأشعث بن قيس ، فتزوّجها اُسيد الحضرمي ، وقيل : تزوّجها أسد بن البطين ، فولدت بلالاً .كانت من المؤمنات المواليات لأهل البيت عليهم السلام ، وقصّتها في إخفاء مسلم معروفة (راجع :تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۳۷۱ والفتوح: ج ۵ ص ۵۰ ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: ج ۱ ص ۲۰۷و الإرشاد: ج ۲ ص ۵۴).

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1916747
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به