385
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

ما قِصَّتُكِ ؟
فَقالَت : يا وَلَداه ، إنّي مُخبِرَتُكَ بِشَي‏ءٍ لا تُفشِهِ لِأَحَدٍ ، فَقالَ لَها : قولي ما أحبَبتِ ، فَقالَت لَهُ : يا بُنَيَّ ، إنَّ مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ في ذلِكَ البَيتِ ، وقَد كانَ مِن قِصَّتِهِ كَذا وكَذا .
قالَ : فَسَكَتَ الغُلامُ ولَم يَقُل شَيئاً ، ثُمَّ أخَذَ مَضجَعَهُ ونامَ.۱

4 / 23

فَحصُ ابنِ زِيادٍ عَن مُسلِمٍ وأصحابِهِ‏

۴۱۳.تاريخ الطبري عن المجالد بن سعيد : لَمّا طالَ عَلَى ابنِ زِيادٍ ، وأخَذَ لا يَسمَعُ لِأَصحابِ ابنِ عَقيلٍ صَوتاً كَما كانَ يَسمَعُهُ قَبلَ ذلِكَ ، قالَ لِأَصحابِهِ : أشرِفوا ، فَانظُروا هَل تَرَونَ مِنهُم أحَداً ؟
فَأَشرَفوا فَلَم يَرَوا أحَداً ، قالَ : فَانظُروا لَعَلَّهُم تَحتَ الظِّلالِ قَد كَمَنوا لَكُم ، فَفَرَعوا۲ بَحابِحَ‏۳ المَسجِدِ ، وجَعَلوا يَخفِضونَ شُعَلَ النّارِ في أيديهِم ، ثُمَّ يَنظُرونَ هَل فِي الظِّلالِ أحَدٌ ؟ وكانَت أحياناً تُضي‏ءُ لَهُم ، وأحياناً لا تُضي‏ءُ لَهُم كَما يُريدونَ ، فَدَلَّوا القَناديلَ وأنصافَ الطِّنانِ‏۴ تُشَدُّ بِالحِبالِ ، ثُمَّ تُجعَلُ فيهَا النيرانُ ، ثُمَّ تُدَلّى‏ حَتّى‏ تَنتَهِيَ إلَى الأَرضِ ، فَفَعَلوا ذلِكَ في أقصَى الظِّلالِ وأدناها وأوسَطِها ، حَتّى‏ فَعَلوا ذلِكَ بِالظُّلَّةِ الَّتي فيهَا المِنبَرُ.۵

۴۱۴.الأخبار الطوال : إنَّ ابنَ زِيادٍ لَمّا فَقَدَ الأَصواتَ ، ظَنَّ أنَّ القَومَ دَخَلُوا المَسجِدَ ، فَقالَ : اُنظُروا ، هَل تَرَونَ فِي المَسجِدِ أحَداً ؟ - وكانَ المَسجِدُ مَعَ القَصرِ - فَنَظَروا فَلَم يَرَوا أحَداً ، وجَعَلوا يُشعِلونَ أطنابَ‏۶القَصَبِ ، ثُمَ يَقذِفونَ بِها في رُحبَةِ المَسجِدِ لِيُضي‏ءَ لَهُم ، فَتَبَيَّنوا ، فَلَم يَرَوا أحَداً .
فَقالَ ابنُ زِيادٍ : إنَّ القَومَ قَد خَذَلوا وأسلَموا مُسلِماً وَانصَرَفوا . فَخَرَجَ فيمَن كانَ مَعَهُ ،

1.الفتوح : ج ۵ ص ۵۰ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۷ نحوه .

2.فَرَعَ الشي‏ء : علاه (لسان العرب : ج ۸ ص ۲۴۷ «فرع») .

3.بحبوحة الدار : وسطها (النهاية : ج ۱ ص ۹۸ «بحبح») .

4.الطُّنّ : حُزمة القصب (الصحاح : ج ۶ ص ۲۱۵۸ «طنن») .

5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۲ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۵۵ نحوه وفيه «فنزعوا تخاتج المسجد» بدل «ففرعوا بحابح المسجد» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۱ وراجع : الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۱ ومقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۵ .

6.الطُّنُبُ : عِرق الشجر ، جمعه : أطناب (تاج العروس : ج ۲ ص ۱۸۷ «طنب») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
384

فَقالَت : سُبحانَ اللَّهِ ، قُم إلى‏ أهلِكَ ! فَقالَ : ما لي في هذَا المِصرِ مَنزِلٌ ولا عَشيرَةٌ .
قالَت : فَلَعَلَّكَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، فَآوَتهُ ، فَلَمّا دَخَلَ بِلالٌ عَلى‏ اُمِّهِ وَقَفَ عَلَى الحالِ ونامَ.۱

۴۱۲.الفتوح : دَخَلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ المَسجِدَ الأَعظَمَ لِيُصَلِّيَ المَغرِبَ ، وتَفَرَّقَ عَنهُ العَشَرَةُ ، فَلَمّا رَأى‏ ذلِكَ استوى‏ عَلى‏ فَرَسِهِ ومَضى‏ في بَعضِ أزِقَّةِ الكوفَةِ ، وقَد اُثخِنَ بِالجِراحاتِ ، حَتّى‏ صارَ إلى‏ دارِ امرَأَةٍ يُقالُ لَها : طَوعَةُ ، وقَد كانَت فيما مَضَى امرَأَةَ قَيسٍ الكِندِيِّ ، فَتَزَوَّجَها رَجُلٌ مِن حَضرَمَوتَ يُقالُ لَهُ : أسَدُ بنُ البطينِ‏۲ ، فَأَولَدَها وَلَداً يُقالُ لَهُ أسَدٌ.۳
وكانَتِ المَرأَةُ واقِفَةً عَلى‏ بابِ دارِها ، فَسَلَّمَ عَلَيها مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، فَرَدَّت عَلَيهِ السَّلامَ ، ثُمَّ قالَت : ما حاجَتُكَ ؟ قالَ : اِسقيني شُربَةً مِنَ الماءِ ، فَقَد بَلَغَ مِنِّي العَطَشُ .
قالَ : فَسَقَتهُ حَتّى‏ رَوِيَ ، فَجَلَسَ عَلى‏ بابِها .
فَقالَت : يا عَبدَ اللَّهِ ، ما لَكَ جالِسٌ ؟ أما شَرِبتَ ؟ فَقالَ : بَلى‏ وَاللَّهِ ، ولكِنّي ما لي بِالكوفَةِ مَنزِلٌ ، وإنّي غَريبٌ قَد خَذَلني مَن كُنتُ أثِقُ بِهِ ، فَهَل لَكِ في مَعروفٍ تَصطَنِعيهِ إلَيَّ ، فَإِنّي رَجُلٌ مِن أهلِ بَيتِ شَرَفٍ وكَرَمٍ ، ومِثلي مَن يُكافِئُ بِالإِحسانِ .
فَقالَت : وكَيفَ ذلِكَ ، ومَن أنتَ ؟ فَقالَ مُسلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : خَلّي هذَا الكَلامَ وأدخِليني مَنزِلَكِ ، عَسَى اللَّهُ أن يُكافِئَكِ غَداً بِالجَنَّةِ .
فَقالَت : يا عَبدَ اللَّهِ ، خَبِّرنِي اسمَكَ ولا تَكتُمني شَيئاً مِن أمرِكَ ؛ فَإِنّي أكرَهُ أن يُدخَلَ مَنزلي مِن قَبلِ مَعرِفَةِ خَبَرِكَ ، وهذِهِ الفِتنَةٌ قائِمَةٌ ، وهذا عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ بِالكوفَةِ .
فَقالَ لَها مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ : إنَّكِ لَو عَرَفتِني حَقَّ المَعرِفَةِ لَأَدخَلتِني دارَكِ ، أَنا مُسلِمُ بنُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ ، فَقالَتِ المَرأَةُ : قُم فَادخُل رَحِمَكَ اللَّهُ ! فَأَدخَلَتهُ مَنزِلَها ، وجاءَتهُ بِالمِصباحِ وبِالطَّعامِ ، فَأَبى‏ أن يَأكُلَ .
فَلَم يَكُن بِأَسرَعَ مِن أن جاءَ ابنُها ، فَلَمّا أتى‏ وَجَدَ اُمَّهُ تُكِثرُ دُخولَها وخُروجَها إلى‏ بَيتٍ هُناكَ ، وهِيَ باكِيَةٌ ، فَقالَ لَها : يا اُمّاهُ ، إنَّ أمرَكِ يُريبُني لِدُخولِكِ هذَا البَيتَ وخُروجِكِ مِنهُ باكِيَةً ،

1.المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۳ .

2.في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي «اُسيد الحضرمي» .

3.في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «بلال بن أسيد» .

تعداد بازدید : 1975797
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به