فَقالَ ابنُ الأَشعَثِ لِأَصحابِهِ : إنَّ هذا لَهُوَ العارُ وَالشَّنارُ۱ ، أتَجزَعونَ مِن رَجُلٍ واحِدٍ هذَا الجَزَعَ ؟ اِحمِلوا عَلَيهِ بِأَجمَعِكُم حَملَةَ رَجُلٍ واحِدٍ . فَحَمَلوا عَلَيهِ وحَمَلَ عَلَيهِم ، وقَصَدَهُ رَجُلٌ مِن أهلِ الكوفَةِ يُقالُ لَهُ بُكَيرُ بنُ حُمرانَ الأَحمَرِيُّ ، فَاختَلَفا بِضَربَتَينِ : ضَرَبَهُ بُكَيرٌ عَلى شَفَتِهِ العُليا ، وضَرَبَهُ مُسلِمٌ فَبَلَغَتِ الضَّربَةُ جَوفَهُ فَأَسقَطَهُ قَتيلاً.۲
وطُعِنَ [مُسلِمٌ] مِن وَرائِهِ فَسَقَطَ إلَى الأَرضِ ، فَاُخِذَ أسيراً ، ثُمَّ اُخِذَ فَرَسُهُ وسِلاحُهُ ، وتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِن بَني سُلَيمٍ يُقالُ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ العَبّاسِ ، فَأَخَذَ عِمامَتَهُ.۳
۴۳۹.تاريخ الطبري عن قدامة بن سعيد بن زائدة بن قدامة الثّقفي : فَأَقبَلَ عَلَيهِ [أي عَلى مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ]مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ ، فَقالَ : يافَتى ، لَكَ الأَمانُ ، لا تَقتُل نَفسَكَ ! فَأَقبَلَ يُقاتِلُهُم وهُوَ يَقولُ :
أقسَمتُ لا اُقتَلُ إلّا حُرّاوإن رَأَيتُ المَوتَ شَيئاً نُكرا
كُلُّ امرِئٍ يَوماً مُلاقٍ شَرّاويَخلِطُ البارِدَ سُخناً مُرّا
رَدَّ شُعاعَ الشَّمسِ فَاستَقَرّاأخافُ أن اُكذَبَ أو اُغَرّا
فَقالَ لَهُ مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ : إنَّكَ لا تُكذَبُ ولا تُخدَعُ ولا تُغَرُّ ، إنَّ القَومَ بَنو عَمِّكَ ، ولَيسوا بِقاتِليكَ ولا ضارِبيكَ .
وقَد اُثخِنَ بِالحِجارَةِ ، وعَجَزَ عَنِ القِتالِ وَانبَهَرَ۴ ، فَأَسنَدَ ظَهرَهُ إلى جَنبِ تِلكَ الدّارِ ، فَدَنا مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ فَقالَ : لَكَ الأَمانُ .
فَقالَ : آمِنٌ أنا ؟ قالَ : نَعَم ، وقالَ القَومُ : أنتَ آمِنٌ ، غَيرَ عَمرِو بنِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ العَبّاسِ السُّلَمِيِّ فَإِنَّهُ قالَ : لا ناقَةَ لي في هذا ولا جَمَلٍ ، وتَنَحّى .
وقالَ ابنُ عَقيلٍ : أما لَو لَم تُؤَمِّنوني ، ما وَضَعتُ يَدي في أيديكُم.۵
1.الشَّنار : أقبح العيب والعار (لسان العرب : ج ۴ ص ۴۳۰ «شنر») .
2.وبما أنّ النقول المشهورة تفيد بأنّ مسلماً استشهد على يد بكير بن حُمران ، فإنّ بكيراً هذا لم يُقتل - على مايبدو - على يد مسلم ، بل جُرح (راجع : ص ۴۱۶ «الفصل الرابع / شهادة مسلم بن عقيل») .
3.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۹ .
4.انبهر : تتابع نفسه ، والبُهر - بالضمّ - : تتابع النفس من الإعياء (لسان العرب : ج ۴ ص ۸۲ «بهر») .
5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۴ ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۶ عن قدامة بن سعد ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۲ نحوه ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۵۹ ، روضة الواعظين : ص ۱۹۴ ، مثير الأحزان : ص ۳۵ نحوه ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۳ وليس فيه «وقد اُثخن بالحجارة» إلى «وقال ابن عقيل» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۲ .