407
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ : وما أنتَ وذاكَ يا فاسِقُ ؟ ! أوَلَم نَكُن نَعمَلُ بِذاكَ فيهِم ؛ إذ أنتَ بِالمَدينَةِ تَشرَبُ الخَمرَ ؟
قالَ : أنَا أشرَبُ الخَمرَ ؟! وَاللَّهِ ، إنَّ اللَّهَ لَيَعلَمُ إنَّكَ غَيرُ صادِقٍ ، وإنَّكَ قُلتَ بِغَيرِ عِلمٍ ، وإنّي لَستُ كَما ذَكَرتَ ، وإنَّ أحَقَّ بِشُربِ الخَمرِ مِنّي وأولى‏ بِها مَن يَلَغُ في دِماءِ المُسلِمينَ وَلغاً ، فَيَقتُلُ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ قَتلَها ، ويَقتُلُ النَّفسَ بِغَيرِ النَّفسِ ، ويَسفِكُ الدَّمَ الحَرامَ ، ويَقتُلُ عَلَى الغَضَبِ وَالعَداوَةِ وسوءِ الظَّنِّ ، وهُوَ يَلهو ويَلعَبُ كَأَن لَم يَصنَع شَيئاً !
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : يا فاسِقُ ! إنَّ نَفسَكَ تُمَنّيكَ ما حالَ اللَّهُ دونَهُ ، ولَم يَرَكَ أهلَهُ .
قالَ : فَمَن أهلُهُ يَابنَ زِيادٍ ؟
قالَ : أميرُ المُؤمِنينَ يَزيدُ .
فَقالَ : الحَمدُ للَّهِ‏ِ عَلى‏ كُلِّ حالٍ ، رَضينا بِاللَّهِ حَكَماً بَينَنا وبَينَكُم .
قالَ : كَأَنَّكَ تَظُنُّ أنَّ لَكُم فِي الأَمرِ شَيئاً ؟
قالَ : وَاللَّهِ ما هُوَ بِالظَّنِّ ولكِنَّهُ اليَقينُ .
قالَ : قَتَلَنِي اللَّهُ إن لَم أقتُلكَ قِتلَةً لَم يُقتَلها أحَدٌ فِي الإِسلامِ .
قالَ : أما إنَّكَ أحَقُّ مَن أحدَثَ فِي الإِسلامِ ما لَم يَكُن فيهِ ، أما إنَّكَ لا تَدَعُ سوءَ القِتلَةِ ، وقُبحَ المُثلَةِ ، وخُبثَ السّيرَةِ ، ولُؤمَ الغَلَبَةِ ، ولا أحَدَ مِنَ النّاسِ أحَقُّ بِها مِنكَ .
وأقبَلَ ابنُ سُمَيَّةَ يَشتِمُهُ ، ويَشتِمُ حُسَيناً وعَلِيّاً وعَقيلاً ، وأخَذَ مُسلِمٌ لا يُكَلِّمُهُ ، وزَعَمَ أهلُ العِلمِ أنَّ عُبَيدَ اللَّهِ أمَرَ لَهُ بِماءٍ فَسُقِيَ بِخَزَفَةٍ .
ثُمَّ قالَ لَهُ : إنَّهُ لَم يَمنَعنا أن نَسقِيَكَ فيها ، إلّا كَراهَةَ أن تُحَرَّمَ بِالشُّربِ فيها ، ثُمَّ نَقتُلَكَ ، ولِذلِكَ سَقَيناكَ في هذا.۱

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۶ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۳ وليس فيه من «فقال له ابن زياد : يا فاسق» إلى «اليقين» ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۸ عن مدرك بن عمارة وليس فيه مِن «ثمّ إنّ ابن زياد قال : إيه» إلى «اليقين» ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۶ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۶۱ وليس فيه من «إن أردنا» إلى «ثُمّ إنّ ابن زياد قال : إيه» ، روضة الواعظين : ص ۱۹۵ وليس فيه ذيله من «ثمّ إنّ ابن زياد قال : إيه» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۵ وزاد فيه «فبع سيفي ودرعي» بعد «سبعمئة درهم» وراجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۹ وإعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۴ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
406

الإِذنَ ، مِنهُم : عُمارَةُ بنُ عُقبَةَ بنِ أبي مُعَيطٍ ، وعَمرُو بنُ حُرَيثٍ ، ومُسلِمُ بنُ عَمرٍو ، وكَثيرُ بنُ شِهابٍ.۱

۴۵۴.تاريخ الطبري عن سعيد بن مدرك بن عمارة : اُدخِلَ مُسلِمٌ عَلَى ابنِ زِيادٍ فَلَم يُسَلِّم عَلَيهِ بِالإِمرَةِ ، فَقالَ لَهُ الحَرَسِيُّ : ألا تُسَلِّم عَلَى الأَميرِ ؟ فَقالَ لَهُ : إن كانَ يُريدُ قَتلي ، فَما سلامي عَلَيهِ ؟ وإن كانَ لا يُريدُ قَتلي ، فَلَعَمري لَيَكثُرَنَّ سَلامي عَلَيهِ .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : لَعَمري لَتُقتَلَنَّ . قالَ : كَذلِكَ ؟ قالَ : نَعَم ، قالَ : فَدَعني اُوصِ إلى‏ بَعضِ قَومي ، فَنَظَرَ إلى‏ جُلَساءِ عُبَيدِ اللَّهِ ، وفيهِم عُمَرُ بنُ سَعدٍ ، فَقالَ : يا عُمَرُ ، إنَّ بَيني وبَينَكَ قَرابَةً ، ولي إلَيكَ حاجَةٌ ، وقَد يَجِبُ لي عَلَيكَ نُجحَ حاجَتي وهُوَ سِرٌّ ، فَأَبى‏ أن يُمَكِّنَهُ مِن ذِكرِها .
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ : لا تَمتَنِع أن تَنظُرَ في حاجَةِ ابنِ عَمِّكَ . فَقامَ مَعَهُ فَجَلَسَ حَيثُ يَنظَرُ إلَيهِ ابنُ زِيادٍ ، فَقالَ لَهُ : إنَّ عَلَيَّ بِالكوفَةِ دَيناً استَدَنتُهُ مُنذُ قَدِمتُ الكوفَةَ سَبعَمِئَةِ دِرهَمٍ فَاقضِها عَنّي ، وَانظُر جُثَّتي فَاستَوهِبها مِنِ ابنِ زِيادٍ فَوارِها ، وَابعَث إلى‏ حُسَينٍ عليه السلام مَن يَرُدُّهُ ؛ فَإِنّي قَد كَتَبتُ إلَيهِ اُعلِمُهُ أنَّ النّاسَ مَعَهُ ، ولا أراهُ إلّا مُقبِلاً .
فَقالَ عُمَرُ لِابنِ زِيادٍ : أتَدري ما قالَ لي ؟ إنَّهُ ذَكَرَ كَذا وكَذا ، قالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : إنَّه لا يَخونُكَ الأَمينُ ، ولكِن قَد يُؤتَمَنُ الخائِنُ ، أمّا مالُك فَهُوَ لَكَ ولَسنا نَمنَعُكَ أن تَصنَعَ فيه ما أحبَبتَ ، وأمّا حُسَينٌ فَإِنَّهُ إن لَم يُرِدنا لَم نُرِدهُ ، وإن أرادَنا لَم نَكُفَّ عَنهُ ، وأمّا جُثَّتُهُ فَإِنّا لَن نُشَفِّعَكَ فيها ، إنَّهُ لَيسَ بِأَهلٍ مِنّا لِذلِكَ ، قَد جاهَدَنا وخالَفَنا وجَهَدَ عَلى‏ هلاكِنا . وزَعَموا أنَّهُ قالَ : أمّا جُثَّتُهُ فَإِنّا لا نُبالي إذا قَتَلناهُ ما صُنِعَ بِها .
ثُمَّ إنَّ ابنَ زِيادٍ قالَ : إيهِ يَابنَ عَقيلٍ ، أتَيتَ النّاسَ وأمرُهُم جَميعٌ ، وكَلِمَتُهُم واحِدَةٌ ، لِتُشَتِّتَهُم وتُفَرِّقَ كَلِمَتَهُم ، وتَحمِلَ بَعضَهُم عَلى‏ بَعضٍ ؟ قالَ : كَلّا ، لَستُ أتَيتُ ، ولكِنَّ أهلَ المِصرِ زَعَموا أنَّ أباكَ قَتَلَ خِيارَهُم ، وسَفَكَ دِماءَهُم ، وعَمِلَ فيهِم أعمالَ كِسرى‏ وقَيصرَ ، فَأَتَيناهُم لِنَأمُرَ بِالعَدلِ ، ونَدعُوَ إلى‏ حُكمِ الكِتابِ .

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۵ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۳ وليس فيه ذيله من «وانتهى» ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۶۰ وفيه «بكر» بدل «بكير» ، روضة الواعظين : ص ۱۹۵ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۴ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۴ وراجع : الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۱ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1978824
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به