يَكُن لِبَني هاشِمٍ بَعدَهُ نِظامٌ ، وعَلَيَّ دَينٌ أخَذتُهُ مُنذُ قَدِمتُ الكوفَةَ فَاقضِهِ عَنّي ، وَاطلُب جُثَّتي مِنِ ابنِ زِيادٍ فَوارِها .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : ما قالَ لَكَ ؟ فَأَخبَرَهُ بِما قالَ ، فَقالَ : قُل لَهُ : أمّا مالُك فَهُوَ لَكَ لا نَمنَعُكَ مِنهُ ، وأمّا حُسَينٌ فَإِن تَرَكَنا لَم نُرِدهُ ، وأمّا جُثَّتُهُ فَإِذا قَتَلناهُ لَم نُبالِ ما صُنِعَ بِهِ .
ثُمَّ أمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ... وقَضى عُمَرُ بنُ سَعدٍ دَينَ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، وأخَذَ جُثَّتَهُ فَكَفَّنَهُ ودَفَنَهُ ، وأرسَلَ رَجُلاً إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَحَمَلَهُ عَلى ناقَةٍ وأعطاهُ نَفَقَةً ، وأمَرَهُ أن يُبَلِّغَهُ ما قالَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، فَلَقِيَهُ عَلى أربَعِ مَراحِلٍ فَأَخبَرَهُ.۱
۴۶۱.العقد الفريد عن أبي عبيدالقاسم بن سلّام : واُتِيَ بِهِ [أي بِمُسلِمٍ] ابنَ زِيادٍ ، فَقَدَّمَهُ لِيَضرِبَ عُنُقَهُ ، فَقالَ لَهُ : دَعني حَتّى اُوصِيَ ، فَقالَ لَهُ : أوصِ . فَنَظَرَ في وُجوهِ النّاسِ ، فَقالَ لِعُمَرَ بنِ سَعدٍ : ما أرى قُرَشِيّاً هُنا غَيرَكَ ، فَادنُ مِنّي حَتّى اُكَلِّمَكَ ، فَدَنا مِنهُ .
فَقالَ لَهُ : هَل لَكَ أن تَكونَ سَيِّدَ قُرَيشٍ ما كانَت قُرَيشٌ ؟ إنَّ حُسَيناً ومَن مَعَهُ - وهُم تِسعونَ إنساناً ما بَينَ رَجُلٍ وَامرَأَةٍ - فِي الطَّريقِ ، فَاردُدهُم ، وَاكتُب لَهُم ما أصابَني . ثُمَّ ضُرِبَ عُنُقُهُ .
فَقالَ عُمَرُ لِابنِ زِيادٍ : أتَدري ما قالَ لي : قالَ : اُكتُم عَلَى ابنِ عَمِّكَ ، قالَ : هُوَ أعظَمُ مِن ذلِكَ . قالَ : وما هُوَ ؟
قالَ : قالَ لي : إنَّ حُسَيناً أقبَلَ ، وهُم تِسعونَ إنساناً ما بَينَ رَجُلٍ وَامرَأَةٍ ، فَاردُدهُم وَاكتُب إلَيهِ بِما أصابَني .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : أما وَاللَّهِ إذ دَلَلتَ عَلَيهِ ، لا يُقاتِلُهُ أحَدٌ غَيرُكَ.۲
۴۶۲.الأخبار الطوال : لَمّا اُدخِلَ [مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ] عَلَيهِ ، وقَدِ اكتَنَفَهُ الجَلاوِزَةُ ، قالوا لَهُ : سَلِّم عَلَى الأَميرِ . قالَ : إن كانَ الأَميرُ يُريدُ قَتلي فَما أنتَفِعُ بِسَلامٍ عَلَيهِ ! وإن كانَ لَم يُرِد ، فَسَيَكثُرُ عَلَيهِ سَلامي .
قالَ ابنُ زِيادٍ : كَأَنَّكَ تَرجُو البَقاءَ ؟ فَقالَ لَهُ مُسلِمٌ : فَإِن كُنتَ مُزمِعاً عَلى قَتلي ، فَدَعني اُوصِ إلى بَعضِ مَن هاهُنا مِن قَومي . قالَ لَهُ : أوصِ بِما شِئتَ .