415
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ : لا تَمتَنِع مِن أن تَنظُرَ في حاجَةِ ابنِ عَمِّكَ . فَقامَ مَعَهُ ، وجَلَسَ حَيثُ يَنظُرُ إلَيهِما ابنُ زِيادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَقيلٍ : إنَّ عَلَيَّ بِالكوفَةِ دَيناً استَدَنتُهُ مُذ قَدِمتُها ، تَقضيهِ عَنّي حَتّى‏ يَأتِيَكَ مِن غَلَّتي بِالمَدينَةِ ، وجُثَّتي فَاطلُبها مِنِ ابنِ زِيادٍ فَوارِها ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ عليه السلام مَن يَرُدُّهُ .
فَقالَ عُمَرُ لِابنِ زِيادٍ : أتَدري ما قالَ ؟ قالَ : اُكتُم ما قالَ لَكَ . قالَ : أتَدري ما قالَ لي ؟ قالَ : هاتِ ، فَإِنَّهُ لا يَخونُ الأَمينُ ، ولا يُؤتَمَنُ الخائِنُ‏۱ . قالَ : كَذا وكَذا .
قالَ : أمّا مالُكَ ، فَهُوَ لَكَ ولَسنا نَمنَعُكَ مِنهُ ، فَاصنَع فيهِ ما أحبَبتَ . وأمّا حُسَينٌ ، فَإِنَّهُ إن لَم يُرِدنا لَم نُرِدهُ ، وإن أرادَنا لَم نَكُفَّ عَنهُ . وأمّا جُثَّتُهُ ، فَإِنّا لا نُشَفِّعُكَ فيها ؛ فَإِنَّهُ لَيسَ لِذلِكَ مِنّا بِأَهلٍ ، وقَد خالَفَنا وحَرَصَ عَلى‏ هَلاكِنا .
ثُمَّ قالَ ابنُ زِيادٍ لِمُسلِمٍ : قَتَلَنِي اللَّهُ إن لَم أقتُلكَ قِتلَةً لَم يُقتَلها أحَدٌ مِنَ النّاسِ فِي الإِسلامِ . قالَ : أما إنَّكَ أحَقُّ مَن أحدَثَ فِي الإِسلامِ ما لَيسَ فيهِ ، أما إنَّكَ لَم تَدَع سوءَ القِتلَةِ ، وقُبحَ المُثلَةِ ، وخُبثَ السّيرَةِ ، ولُؤمَ الغيلَةِ ، لِمَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنكَ .
ثُمَّ قالَ ابنُ زِيادٍ : اِصعَدوا بِهِ فَوقَ القَصرِ فَاضرِبوا عُنُقَهُ.۲

۴۶۴.الأمالي للشجري عن سعيد بن خالد : قالَ [مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ لِعُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ] : اِيذَن لي فِي الوَصِيَّةِ ، فَقالَ : أوصِ ، فَدَعا عُمَرَ بنَ سَعدٍ ، لِلقَرابَةِ بَينَهُ وبَينَ الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ : إنَّ الحُسَينَ عليه السلام قَد أقبَلَ في سِيافِهِ وتِراسِهِ‏۳ ، واُناسٌ مِن وُلدِهِ وأهلِ بَيتِهِ ، فَابعَث إلَيهِ مَن يُحَذِّرُهُ ويُنذِرُهُ فَيَرجِعَ ؛ فَقَد رَأَيتُ مِن خِذلانِ أهلِ الكوفَةِ ما قَد رَأَيتُ .
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ : ما قالَ لَكَ هذا ؟ قالَ : قالَ لي كَذا وكَذا ، وجاءَ عُبَيدَ اللَّهِ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ۴ ، فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ : إنَّهُ لا يَخونُ الأَمينُ ، ولكِنَّهُ قَد يُؤتَمَنُ الخائِنُ.۵

1.في أكثر النقول جاء هكذا : « ... ولكن قد يُؤتمن الخائن» .

2.مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۸ وراجع : مثير الأحزان : ص ۳۶ .

3.التُّرسُ من السلاح : المُتوقّى‏ بها ، جمعه تِراس (تاج العروس : ج ۸ ص ۲۱۵ «ترس») .

4.كذا في المصدر ، وهذه العبارة لا تتناسب مع التي قبلها ، والظاهر زيادة إحداهما .

5.الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۷ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
414

فَنَظَرَ إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ ، فَقالَ لَهُ : اُخلُ مَعي في طَرَفِ هذَا البَيتِ حَتّى‏ اُوصِيَ إلَيكَ ، فَلَيسَ فِي القَومِ أقرَبُ إلَيَّ ولا أولى‏ بي مِنكَ . فَتَنَحّى‏ مَعَهُ ناحِيَةً، فَقالَ لَهُ : أتَقبَلُ وَصِيَّتي ؟ قالَ : نَعَم .
قالَ مُسلِمٌ : إنَّ عَلَيَّ هاهُنا دَيناً مِقدارَ ألفِ دِرهَمٍ ، فَاقضِ عَنّي ، وإذا أنَا قُتِلتُ فَاستَوهِب مِنِ ابنِ زِيادٍ جُثَّتي لِئَلّا يُمَثَّلَ بِها ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام رَسولاً قاصِداً مِن قِبَلِكَ يُعلِمهُ حالي ، وما صِرتُ إلَيهِ مِن غَدرِ هؤُلاءِ الَّذينَ يَزعُمونَ أنَّهُم شِيعَتُهُ ، وأخبِرهُ بِما كانَ مِن نَكثِهِم بَعدَ أن بايَعَني مِنهُم ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفَ رَجُلٍ ، لِيَنصَرِفَ إلى‏ حَرَمِ اللَّهِ فَيُقيمَ بِهِ ، ولا يَغَتَرَّ بِأَهلِ الكوفَةِ . وقَد كانَ مُسلِمٌ كَتَبَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام أن يَقدَمَ ولا يَلبَثَ .
فَقالَ لَهُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ : لَكَ عَلَيَّ ذلِكَ كُلُّهُ ، وأنا بِهِ زَعيمٌ . فَانصَرَفَ إلَى ابنِ زِيادٍ فَأَخبَرَهُ بِكُلِّ ما أوصى‏ بِهِ إلَيهِ مُسلِمٌ .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : قَد أسَأتَ في إفشائِكَ ما أسَرَّهُ إلَيكَ ، وقَد قيلَ : إنَّهُ لا يَخونُكَ إلّا الأَمينُ ، ورُبَّما ائتَمَنَكَ الخائِنُ‏۱ .۲

۴۶۳.مقاتل الطالبيّين عن مدرك بن عمارة : ثُمَّ اُدخِلَ عَلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فَلَم يُسَلِّم عَلَيهِ ، فَقالَ لَهُ الحَرَسُ : ألا تُسَلِّمُ عَلَى الأَميرِ ؟ فَقالَ : إن كانَ الأَميرُ يُريدُ قَتلي فما سَلامي عَلَيهِ ؟! وإن كانَ لا يُريدُ قَتلي ، فَلَيَكثُرَنَّ سَلامي عَلَيهِ .
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ - لَعَنَهُ اللَّهُ - : لَتُقتَلَنَّ . قالَ : أكَذلِكَ ؟ قالَ : نَعَم . قالَ : دَعني إذاً اُوصي إلى‏ بَعضِ القَومِ . قالَ : أوصِ إلى‏ مَن أحبَبتَ .
فَنَظَرَ ابنُ عَقيلٍ إلَى القَومِ وهُم جُلَساءُ ابنِ زِيادٍ ، وفيهِم عُمَرُ بنُ سَعدٍ ، فَقالَ : يا عُمَرُ ، إنَّ بَيني وبَينَكَ قَرابَةً دَونَ هؤُلاءِ ، ولي إلَيكَ حاجَةٌ ، وقَد يَجِبُ عَلَيكَ لِقَرابَتي نُجحُ حاجَتي ، وهِيَ سِرٌّ . فَأَبى‏ أن يُمَكِّنَهُ مِن ذِكرِها .

1.هكذا في المصدر ، والظاهر أنّه وقع فيه تصحيف ، والصواب : «إنّه لا يخونك الأمين ، وربما ائتمنتَ الخائن» وتؤيّد هذا المعنى نُقولٌ اُخرى كثيرة .

2.الأخبار الطوال : ص ۲۴۰ .

تعداد بازدید : 1975770
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به