فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ : لا تَمتَنِع مِن أن تَنظُرَ في حاجَةِ ابنِ عَمِّكَ . فَقامَ مَعَهُ ، وجَلَسَ حَيثُ يَنظُرُ إلَيهِما ابنُ زِيادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَقيلٍ : إنَّ عَلَيَّ بِالكوفَةِ دَيناً استَدَنتُهُ مُذ قَدِمتُها ، تَقضيهِ عَنّي حَتّى يَأتِيَكَ مِن غَلَّتي بِالمَدينَةِ ، وجُثَّتي فَاطلُبها مِنِ ابنِ زِيادٍ فَوارِها ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ عليه السلام مَن يَرُدُّهُ .
فَقالَ عُمَرُ لِابنِ زِيادٍ : أتَدري ما قالَ ؟ قالَ : اُكتُم ما قالَ لَكَ . قالَ : أتَدري ما قالَ لي ؟ قالَ : هاتِ ، فَإِنَّهُ لا يَخونُ الأَمينُ ، ولا يُؤتَمَنُ الخائِنُ۱ . قالَ : كَذا وكَذا .
قالَ : أمّا مالُكَ ، فَهُوَ لَكَ ولَسنا نَمنَعُكَ مِنهُ ، فَاصنَع فيهِ ما أحبَبتَ . وأمّا حُسَينٌ ، فَإِنَّهُ إن لَم يُرِدنا لَم نُرِدهُ ، وإن أرادَنا لَم نَكُفَّ عَنهُ . وأمّا جُثَّتُهُ ، فَإِنّا لا نُشَفِّعُكَ فيها ؛ فَإِنَّهُ لَيسَ لِذلِكَ مِنّا بِأَهلٍ ، وقَد خالَفَنا وحَرَصَ عَلى هَلاكِنا .
ثُمَّ قالَ ابنُ زِيادٍ لِمُسلِمٍ : قَتَلَنِي اللَّهُ إن لَم أقتُلكَ قِتلَةً لَم يُقتَلها أحَدٌ مِنَ النّاسِ فِي الإِسلامِ . قالَ : أما إنَّكَ أحَقُّ مَن أحدَثَ فِي الإِسلامِ ما لَيسَ فيهِ ، أما إنَّكَ لَم تَدَع سوءَ القِتلَةِ ، وقُبحَ المُثلَةِ ، وخُبثَ السّيرَةِ ، ولُؤمَ الغيلَةِ ، لِمَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنكَ .
ثُمَّ قالَ ابنُ زِيادٍ : اِصعَدوا بِهِ فَوقَ القَصرِ فَاضرِبوا عُنُقَهُ.۲
۴۶۴.الأمالي للشجري عن سعيد بن خالد : قالَ [مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ لِعُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ] : اِيذَن لي فِي الوَصِيَّةِ ، فَقالَ : أوصِ ، فَدَعا عُمَرَ بنَ سَعدٍ ، لِلقَرابَةِ بَينَهُ وبَينَ الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ : إنَّ الحُسَينَ عليه السلام قَد أقبَلَ في سِيافِهِ وتِراسِهِ۳ ، واُناسٌ مِن وُلدِهِ وأهلِ بَيتِهِ ، فَابعَث إلَيهِ مَن يُحَذِّرُهُ ويُنذِرُهُ فَيَرجِعَ ؛ فَقَد رَأَيتُ مِن خِذلانِ أهلِ الكوفَةِ ما قَد رَأَيتُ .
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ : ما قالَ لَكَ هذا ؟ قالَ : قالَ لي كَذا وكَذا ، وجاءَ عُبَيدَ اللَّهِ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ۴ ، فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ : إنَّهُ لا يَخونُ الأَمينُ ، ولكِنَّهُ قَد يُؤتَمَنُ الخائِنُ.۵
1.في أكثر النقول جاء هكذا : « ... ولكن قد يُؤتمن الخائن» .
2.مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۸ وراجع : مثير الأحزان : ص ۳۶ .
3.التُّرسُ من السلاح : المُتوقّى بها ، جمعه تِراس (تاج العروس : ج ۸ ص ۲۱۵ «ترس») .
4.كذا في المصدر ، وهذه العبارة لا تتناسب مع التي قبلها ، والظاهر زيادة إحداهما .
5.الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۷ .