أفعَل ، ولكِنّي أقبَلتُ ونَزَلتُ تَحتَ رايَةِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ ، وبِتُّ مَعَهُ وأصبَحتُ .
فَقالَ لَهُ عَمرٌو : صَدَقَ أصلَحَكَ اللَّهُ ، قالَ : فَرَفَعَ القَضيبَ فَاعتَرَضَ بِهِ وَجهَ المُختارِ فَخَبَطَ بِهِ عَينَهُ فَشَتَرَها۱ ، وقالَ : أولى لَكَ ، أمَا وَاللَّهِ لَولا شَهادَةُ عَمرٍو لَكَ لِضَرَبتُ عُنُقَكَ ، اِنطَلِقوا بِهِ إلَى السِّجنِ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلَى [السِّجنِ۲ فَحُبِسَ فيهِ ، فَلَم يَزَل فِي السِّجنِ حَتّى قُتِلَ الحُسَينُ عليه السلام .
ثُمَّ إنَّ المُختارَ بَعَثَ إلى زائِدَةَ بنِ قُدامَةَ ، فَسَأَلَهُ أن يَسيرَ إلى عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ بِالمَدينَةِ ، فَيَسأَلَهُ أن يَكتُبَ لَهُ إلى يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، فَيَكتُبَ إلى عُبَيدِ اللَّهِ بنَ زِيادٍ بِتَخلِيَةِ سَبيلِهِ ، فَرَكِبَ زائِدَةُ إلى عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ ، فَقَدِمَ عَلَيهِ فَبَلَّغَهُ رِسالَةَ المُختارِ ، وعَلِمَت صَفِيَّةُ اُختُ المُختارِ بِمَحبَسِ أخيها - وهِيَ تَحتَ عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ - فَبَكَت وجَزِعَت .
فَلَمّا رَأى ذلِكَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ ، كَتَبَ مَعَ زائِدَةَ إلى يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ : أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ حَبَسَ المُختارَ وهُوَ صِهري ، وأنَا اُحِبُّ أن يُعافى ويُصلَحَ مِن حالِهِ ، فَإِن رَأَيتَ - رَحِمَنَا اللَّهُ وإيّاكَ - أن تَكتُبَ إلَى ابنِ زِيادٍ فَتَأمُرَهُ بِتَخلِيَتِهِ ، فَعَلتَ ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ .
فَمَضى زائِدَةُ عَلى رَواحِلِهِ بِالكِتابِ حَتّى قَدِمَ بِهِ عَلى يَزيدَ بِالشّامِ ، فَلَمّا قَرَأَهُ ضَحِكَ ، ثُمَّ قالَ : يُشَفَّعُ أبو عَبدِ الرَّحمنِ وأهلُ ذلِكَ هُوَ .
فَكَتَبَ لَهُ إلَى ابنِ زِيادٍ : أمّا بَعدُ ، فَخَلِّ سَبيلَ المُختارِ بنِ أبي عُبَيدٍ حينَ تَنظُرُ في كِتابي ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ .
فَأَقبَلَ بِهِ زائِدَةُ حَتّى دَفَعَهُ ، فَدَعَا ابنُ زِيادٍ بِالمُختارِ فَأَخرَجَهُ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : قَد أجَّلتُكَ ثَلاثاً ، فَإِن أدرَكتُكَ بِالكوفَةِ بَعدَها قَد بَرِئَت مِنكَ الذِّمَّةُ . فَخَرَجَ إلى رَحلِهِ .
وقالَ ابنُ زِيادٍ : وَاللَّهِ لَقَدِ اجتَرَأَ عَلَيَّ زائِدَةُ حينَ يَرحَلُ إلى أميرِ المُؤمِنينَ حَتّى يَأتِيَني بِالكِتابِ في تَخلِيَةِ رَجُلٍ قَد كانَ مِن شَأني أن اُطيلَ حَبسَهُ ! عَلَيَّ بِهِ . فَمَرَّ بِهِ عَمرُو بنُ نافِعٍ أبو عُثمانَ - كاتِبٌ لاِبنِ زِيادٍ - وهُوَ يُطلَبُ ، وقالَ لَهُ : النَّجاءَ بِنَفسِكَ ، وَاذكُرها يَداً لي عِندَكَ .
قالَ : فَخَرَجَ زائِدَةُ فَتَوارى يَومَهُ ذلِكَ ، ثُمَّ إنَّهُ خَرَجَ في اُناسٍ مِن قَومِهِ حَتّى أتَى القَعقاعَ بنَ