فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : الكوفَةَ ، فَقالَ الشَّيخُ : أنشُدُكَ اللَّهَ لَمَّا انصَرَفتَ ؛ فَوَاللَّهِ ما تَقدَمُ إلّا عَلَى الأَسِنَّةِ وحَدِّ السُّيوفِ ، وإنَّ هؤُلاءِ الَّذينَ بَعَثوا إلَيكَ لَو كانوا كَفَوكَ مَؤونَةَ القِتالِ ، ووَطَّؤوا لَكَ الأَشياءَ فَقَدِمتَ عَلَيهِم كانَ ذلِكَ رَأياً ، فَأَمّا عَلى هذِهِ الحالِ الَّتي تَذكُرُ ، فَإِنّي لا أرى لَكَ أن تَفعَلَ !
فَقالَ لَهُ : يا عَبدَ اللَّهِ ، لَيسَ يَخفى عَلَيَّ الرَّأيُ ، ولكِنَّ اللَّهَ تَعالى لا يُغلَبُ عَلى أمرِهِ .
ثُمَّ قالَ عليه السلام : وَاللَّهِ لا يَدَعونّي حَتّى يَستَخرِجوا هذِهِ العَلَقَةَ مِن جَوفي ، فَإِذا فَعَلوا ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيهِم مَن يُذِلُّهُم ، حَتّى يَكونوا أذَلَ۱ فِرَقِ الاُمَمِ .۲
۵۷۴.الأخبار الطوال : سارَ [الحُسَينُ عليه السلام] حَتَّى انتَهى إلى بَطنِ العَقيقِ۳ ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِن بَني عِكرِمَةَ فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، وأخبَرَهُ بِتَوطيدِ ابنِ زِيادٍ الخَيلَ ما بَينَ القادِسِيَّةِ إلَى العُذَيبِ رَصَداً لَهُ .
ثُمَّ قالَ لَهُ : اِنصَرفِ بِنَفسي أنتَ ! فَوَاللَّهِ ما تَسيرُ إلّا إلَى الأَسِنَّةِ وَالسُّيوفِ ، ولا تَتَّكِلَنَّ عَلَى الَّذينَ كَتَبوا لَكَ ؛ فَإِنَّ اُولئِكَ أوَّلُ النّاسِ مُبادَرَةً إلى حَربِكَ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : قَد ناصَحتَ وبالَغتَ ، فَجُزيتَ خَيراً . ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيهِ ، ومَضى حَتّى نَزَلَ بِشراة۴ باتَ بِها ، ثُمَّ ارتَحَلَ وسارَ .۵
6 / 19
الفَرَزدَقُ۶
۵۷۵.أنساب الأشراف عن الزبير بن الخِرِّيت : سَمِعتُ الفَرَزدَقَ قالَ : لَقيتُ الحُسَينَ عليه السلام بِذاتِ عِرقٍ۷وهُوَ يُريدُ
1.في المصدر : «أذلّ من فرق الاُمم» ، والتصويب من بحار الأنوار .
2.الإرشاد : ج ۲ ص ۷۶ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۷ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۵ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۹۹ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۹ كلاهما نحوه .
3.الظاهر أنّ «عقيق» تصحيف «عقبة» كما جاء في النقل السابق ، ولا يمكن أن يكون المراد هو وادي العقيق ؛ لأنّ هذا الوادي يقع قريباً من مكّة، مع أنّه قد ورد في الأخبار الطوال أنّ هذه الواقعة وقعت قبل مواجهةالحرّ بن يزيد الرياحي بيوم.
4.كذا في المصدر ، وفي بغية الطلب : «بسراة» ، والصواب : «بشراف» .
5.الأخبار الطوال : ص ۲۴۸ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۲۲ .
6.همام بن غالب بن صعصعة ، أبو فراس ، المعروف بالفرزدق . ولد في سنة (۲۵ ه) في البصرة . من أصحاب عليّ والحسين وعليّ بن الحسين عليهم السلام ، له قصيدة مشهورة في مدح الإمام السجّاد عليه السلام في قصّته مع هشام بن عبدالملك ، والتي ابتدأها بقوله:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحلّ والحرم
فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق ، فحُبس بعسفان بين مكّة والمدينة ، فوصله الإمام باثني عشر ألف درهم ، فردّها الفرزدق مُبيّناً أنّه أنشدها لثواب الآخرة ، ولكنّه قبلها بعد إصرار الإمام عليه السلام . توفّي عام (۱۱۰ ه) بعد أن طاف العراق والشام والجزيرة (راجع : سير أعلام النبلاء : ج ۴ ص ۵۹۰ والإصابة : ج ۵ ص ۳۰۰ و وفيات الأعيان : ج ۶ ص ۹۵ ورجال الكشّي : ج ۱ ص ۳۴۳ وقاموس الرجال : ج ۸ ص ۳۸۰ ).
7.ذاتُ عِرْق : مُهَلّ أهل العراق ، وهو الحدّ بين نجد وتهامة (معجم البلدان : ج ۴ ص ۱۰۷) وراجع: الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .