479
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

إنّي أخافُ أن تَدخُلَ مِصراً مِن هذِهِ الأَمصارِ ، فَيَختَلِفَ النّاسُ بَينَهُم ، فَمِنهُم طائِفَةٌ مَعَكَ واُخرى‏ عَلَيكَ ، فَيَقتَتِلونَ ، فَتَكونُ أنتَ لِأَوَّلِ الأَسِنَّةِ ، فَإِذا خَيرُ هذِهِ الاُمَّةِ كُلِّها نَفساً وأباً واُمّاً ، أضيَعُها دَماً ، وأذَلُّها أهلاً .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : فَأَينَ أذهَبُ يا أخي ؟ قالَ : اِنزِل مَكَّةَ ، فَإِنِ اطمَأَنَّتِ بِكَ الدّارُ بِها فَسَبيلُ ذلِكَ ، وإن نَبَت‏۱بِكَ لَحِقتَ بِالرِّمالِ وشَعَفِ‏۲ الجِبالِ ، وخَرَجتَ مِن بَلَدٍ إلى‏ بَلَدٍ ، حَتّى‏ تَنظُرَ ما يَصيرُ أمرُ النّاسِ إلَيهِ ، فَإِنَّكَ أصوَبُ ما تَكونُ رَأياً حينَ تَستَقبِلُ الأَمرَ استِقبالاً .
فَقالَ : يا أخي ! قَد نَصَحتَ وأشفَقتَ ، وأرجو أن يَكونَ رَأيُكَ سَديداً مُوَفَّقاً .۳

۵۷۷.تاريخ الطبري عن أبي مخنف‏- في ذِكرِ خُروجِ الإِمامِ مِنَ المَدينَةِ -:وأمَّا الحُسَينُ عليه السلام ، فَإِنَّهُ خَرَجَ بِبَنيهِ وإخوَتِهِ ، وبَني أخيهِ وجُلِّ أهلِ بَيتِهِ ، إلّا مُحَمَّدَ بنَ الحَنَفِيَّةِ ، فَإِنَّهُ قالَ لَهُ : يا أخي ، أنتَ أحَبُّ النّاسِ إلَيَّ ، وأعَزُّهُم عَلَيَّ ، ولَستُ أدَّخِرُ النَّصيحَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الخَلقِ أحقَّ بِها مِنكَ .
تَنَحَّ بِتَبِعَتِكَ‏۴ عَن يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ وعَنِ الأَمصارِ مَا استَطَعتَ ، ثُمَّ ابعَث رُسُلَكَ إلَى النّاسِ فَادعُهُم إلى‏ نَفسِكَ ، فَإِن بايَعوا لَكَ حَمِدتَ اللَّهَ عَلى‏ ذلِكَ ، وإن أجمَعَ النّاسُ عَلى‏ غَيرِكَ لَم يَنقُصِ اللَّهُ بِذلِكَ دينَكَ ولا عَقلَكَ ، ولا يَذهَبُ بِهِ مُروءَتُكَ ولا فَضلُكَ .
إنّي أخافُ أن تَدخُلَ مِصراً مِن هذِهِ الأَمصارِ ، وَتأتِيَ جَماعَةً مِنَ النّاسِ ، فَيَختَلِفونَ بَينَهُم ، فَمِنهُم طائِفَةٌ مَعَكَ واُخرى‏ عَلَيكَ ، فَيَقتَتِلونَ فَتَكونُ لِأَوَّلِ الأَسِنَّةِ ، فَإِذا خَيرُ هذِهِ الاُمَّةِ كُلِّها نَفساً وأباً واُمّاً ، أضيَعُها دَماً ، وأذَلُّها أهلاً .
قالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : فَإِنّي ذاهِبٌ يا أخي ، قالَ : فَانزِل مَكَّةَ ، فَإِنِ اطمَأَنَّت بِكَ الدّارُ فَسَبيلُ ذلِكَ ، وإن نَبَت بِكَ ، لَحِقتَ بِالرِّمالِ وشَعَفِ الجِبالِ ، وخَرَجتَ مِن بَلَدٍ إلى‏ بَلَدٍ ، حَتّى‏ تَنظُرَ إلى‏ ما يَصيرُ أمرُ النّاسِ ، وتَعرِفَ عِندَ ذلِكَ الرَّأيَ ، فَإِنَّكَ أصوَبُ ما تَكونُ رَأياً وأحزَمُهُ عَمَلاً حينَ تَستَقبِلُ الاُمورَ استِقبالاً ، ولا تَكونُ الاُمورُ عَلَيكَ أبداً أشكَلَ مِنها حينَ تَستَدبِرُهَا استِدباراً .

1.نَبَتْ بي تلك الأرض : أي لم أجد بها قراراً (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۰۲ «نبا») .

2.الشَّعَفَةُ : رأس الجبل ، والجمع شَعَف (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۸۱ «شعف») .

3.الإرشاد : ج ۲ ص ۳۴ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۲۶ .

4.في الكامل في التاريخ : «تنحَّ ببَيعَتِكَ» .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
478

الكوفَةَ ، فَقالَ لي : ماتَرى‏ أهلَ الكوفَةِ صانِعينَ ؟ فَإِنَّ مَعي جَمَلاً مِن كُتُبِهِم ؟ قُلتُ :
يَخذُلونَكَ ، فَلا تَذهَب ، فَإِنَّكَ تَأتي قَوماً قُلوبُهُم مَعَكَ ، وأيديهم عَلَيكَ . فَلَم يُطِعني!۱

راجع : ص 454 (أبو محمّد الواقدي وزرارة بن جلح) وص‏522 (الفصل السابع / لقاء الفرزدق في الصفاح) وص‏70 (الفصل الثالث / تقييم سفر الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق وثورة الكوفة) .

6 / 20

مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّةِ ۲

۵۷۶.الإرشاد- في ذِكرِ خُروجِ الإِمامِ مِنَ المَدينَةِ -: فَخَرَجَ مِن تَحتِ لَيلَتِهِ - وهِيَ لَيلَةُ الأَحَدِ لِيَومَينِ بَقِيا مِن رَجَبٍ - مُتَوَجِّهاً نَحوَ مَكَّةَ ، ومَعَهُ بَنوهُ وإخوَتُهُ ، وبَنو أخيهِ وجُلُّ أهلِ بَيتِهِ ، إلّا مُحَمَّدَ بنَ الحَنَفِيَّةِ ، فَإِنَّهُ لَمّا عَلِمَ عَزمَهُ عَلَى الخُروجِ عَنِ المَدينَةِ لَم يَدرِ أينَ يَتَوَجَّهُ .
فَقالَ لَهُ : يا أخي ! أنتَ أحَبُّ النّاس إلَيَّ ، وأعَزُّهُم عَلَيَّ ، ولَستُ أدَّخِرُ النَّصيحَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الخَلقِ إلّا لَكَ ، وأنتَ أحَقُّ بِها ، تَنَحَّ بِبَيعَتِكَ عَن يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ وعَنِ الأَمصارِ مَا استَطَعتَ ، ثُمَّ ابعَث رُسُلَكَ إلَى النّاسِ فَادعُهُم إلى‏ نَفسِكَ ، فَإِن تابَعَكَ النّاسُ وبايَعوا لَكَ حَمِدتَ اللَّهَ عَلى‏ ذلِكَ ، وإن أجمَعَ النّاسُ عَلى‏ غَيرِكَ ، لَم يَنقُصِ اللَّهُ بِذلِكَ دينَكَ ولا عَقلَكَ ، ولا تَذهَبُ بِهِ مُروءَتُكَ ولا فَضلُك .

1.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۷۷ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۱۰ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۴ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۴ نحوه .

2.راجع : ص ۲۷۶ (الفصل الثاني / اقتراح ابن الحنفيّة).

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922394
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به