متفرّدات المصادر الضعيفة ، لكونها مثيرة للمشاعر وشجيّة وتبعث الحرارة في مجالس العزاء، فإنّ الاستناد إلى تلك الموسوعة سوف يفيدهم - على الأقل - في تفكيك النصوص الأصليّة التي جاءت في المصادر القديمة، عن الأخبار التي لا وجود لها في المصادر الأصليّة ؛ كي لا يرتكبوا الحرام المسلّم والذي ورد النهي الأكيد عنه في الآية الكريمة : «وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ»۱ في نسبة كلامٍ لأهل البيت عليهم السلام لم يصدر عنهم لأجل أمرٍ مستحبّ .
نماذج من متفرّدات المصادر المتأخّرة
نشير الآن - على سبيل المثال - إلى عدد من الأخبار التي اشتهرت في المصادر المتأخّرة أو على ألسنة منشدي المراثي، ولا نجد لها أثراً في المصادر الأصليّة :
1. فتوى شريح القاضي بقتل الإمام الحسين عليه السلام
بيّنت المصادر المعتبرة دور شريح القاضي في اعتقال هاني بن عروة وشهادته؛۲ ولكن ما اشتهر من فتواه بقتل الإمام الحسين عليه السلام، لا نجده إلّا في المصادر المتأخّرة (مثل: تذكرة الشهداء۳ الذي اُلّف في القرن الرابع عشر) .
2. العطف على بنت مسلم
جاء في كتاب المنتخب للطريحي ضمن رواية بلوغ خبر شهادة مسلم عليه السلام إلى الإمام الحسين عليه السلام في طريق الكوفة ، قال :
وكان لمسلم بنت عمرها إحدى عشرة سنة مع الحسين عليه السلام، فلمّا قام الحسين من مجلسه جاء إلى الخيمة فعزّز البنت وقرّبها من منزله، فحسّت البنت بالشرّ؛ لأنّه عليه السلام كان قد مسح على رأسها وناصيتها كما يفعل بالأيتام ، فقالت : يا عمّ ! ما رأيتك قبل هذا اليوم تفعل بي مثل ذلك ، أظنّ أنّه قد استشهد والدي ؟ فلم يتمالك الحسين عليه السلام من البكاء، وقال : يا ابنتي، أنا أبوك وبناتي أخواتك... .۴