ولا تَحفِر لهُ مَهواةً ، فَكَم مِن حافِرٍ لِغَيرِهِ حَفراً وَقَعَ فيهِ ، وكَم مِن مُؤَمِّلٍ أمَلاً لَم يُؤتَ أمَلَهُ . وخُذ بِحَظِّكَ مِن تِلاوَةِ القُرآنِ ونَشرِ السُّنَّةِ ، وعَلَيكَ بِالصِّيامِ وَالقِيامِ ، لا تَشغَلكَ عَنهُما مَلاهِي الدُّنيا وأباطيلُها ، فَإِنَّ كُلَّ ما شُغِلتَ بِهِ عَنِ اللَّهِ يَضُرُّ ويَفنى ، وكُلَّ مَا اشتَغَلتَ بِهِ مِن أسبابِ الآخِرَةِ يَنفَعُ ويَبقى ، وَالسَّلامُ .۱
۵۸۷.الفتوح : كِتابُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ قَد أقبَلَ مِنَ الشّامِ إلى أهلِ المَدينَةِ عَلَى البَريدِ ، مِن قُرَيشٍ وغَيرِهِم مِن بَني هاشِمٍ ، وفيهِ هذِهِ الأَبياتُ :
يا أيُّهَا الرّاكِبُ الغادي لِطِيَّتِهِعَلى عُذافِرَةٍ في سَيرِهِ قُحَمُ
أبلِغ قُرَيشاً عَلى نَأيِ المَزارِ بِهابَيني وبَينَ الحُسَينِ اللَّهُ وَالرِّحِمُ
ومَوقِفٌ بِفِناءِ البَيتِ يُنشِدُهُعَهدَ الإِلهِ وما توفى بِهِ الذِّمَمُ
غَنيتُمُ قَومَكُم فَخراً بِاُمِّكِمُاُمٌّ لَعَمري حَصانٌ بَرَّةٌ كَرَمُ
هِيَ الَّتي لا يُداني فَضلَها أحَدٌبِنتُ الرَّسولِ وخَيرُ النّاسِ قَد عَلِموا
وفَضلُها لَكُم فَضلٌ وغَيرُكُمُمِن يَومِكُم لَهُم في فَضلِها قَسَمُ
إنّي لَأَعلَمُ حَقّاً غَيرُ ما كَذِبٍوَالطَّرفُ يَصدُقُ أحياناً ويَقتَصِمُ
أن سَوفَ يُدرِكُكُم ما تَدَّعونَ بِهاقَتلى تَهاداكُمُ العُقبانُ وَالرَّخَمُ
يا قَومَنا لا تَشُبُّوا الحَربَ إذ سَكَنَتتَمَسَّكوا بِحِبالِ الخَيرِ وَاعتَصِموا
قَد غَرَّتِ الحَربُ مَن قَد كانَ قَبلَكُمُمِنَ القُرونِ وقَد بادَت بِهَا الاُمَمُ
فَأَنصِفوا قَومَكُم لا تَهلِكوا بَذَخاًفَرُبَّ ذي بَذَخٍ زَلَّت بِهِ القَدَمُ
قالَ : فَنَظَرَ أهلُ المَدينَةِ إلى هذِهِ الأَبياتِ ، ثُمَّ وَجَّهوا بِها وبِالكِتابِ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَلَمّا نَظَرَ فيهِ عَلِمَ أنَّهُ كِتابُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ .
فَكَتَبَ الحُسَينُ عليه السلام الجَوابَ : بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ «وَ إِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّى عَمَلِى وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيؤُنَ مِمَّا أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِىءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ »۲وَالسَّلامُ .۳