489
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

7 / 3

حِوارُ الإِمامِ عليه السلام مَعَ عَبدِ اللَّهِ بنِ عَبّاسٍ‏

۵۹۲.تاريخ الطبري عن عقبة بن سمعان : إنَّ حُسَيناً عليه السلام لَمّا أجمَعَ المَسيرَ إلَى الكوفَةِ ، أتاهُ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَبّاسٍ فَقالَ : يَا بنَ عَمِّ ! إنَّكَ قَد أرجَفَ‏۱النّاسُ أنَّكَ سائِرٌ إلَى العِراقِ ، فَبَيِّن لي ما أنتَ صانِعٌ ؟
قالَ : إنّي قَد أجمَعتُ المَسيرَ في أحَدِ يَومَيَّ هذَينِ ، إن شاءَ اللَّهُ تَعالى‏ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : فَإِنّي اُعيذُكَ بِاللَّهِ مِن ذلِكَ ، أخبِرني - رَحِمَكَ اللَّهُ - أَتسيرُ إلى‏ قَومٍ قَد قَتَلوا أميرَهُم ، وضَبَطوا بِلادَهُم ، ونَفَوا عَدُوَّهُم ؟ فَإِن كانوا قَد فَعَلوا ذلِكَ فَسِر إلَيهِم ، وإن كانوا إنَّما دَعَوكَ إلَيهِم وأميرُهم عَلَيهِم ، قاهِرٌ لَهُم ، وعُمّالُهُ تَجبي بِلادَهُم ، فَإِنَّهُم إنَّما دَعَوكَ إلَى الحَربِ وَالقِتالِ ، ولا آمَنُ عَلَيكَ أن يَغُرّوكَ ويَكذِبوكَ ويُخالِفوكَ ويَخذُلوكَ ، وأن يُستَنفَروا إلَيكَ ، فَيكونوا أشَدَّ النّاسِ عَلَيكَ .
فَقالَ لَهُ حُسَينٌ عليه السلام : وإنّي أستَخيرُ اللَّهَ وأنظُرُ ما يَكونُ ، قالَ : فَخَرَجَ ابنُ عَبّاسٍ مِن عِندِهِ ، وأتاهُ ابنُ الزُّبَيرِ فَحَدَّثَهُ ساعَةً ، ثُمَّ قالَ : ما أدري ما تَركُنا هؤُلاءِ القَومَ وكَفُّنا عَنهُم ، ونَحنُ أبناءُ المُهاجِرينَ ، ووُلاةُ هذَا الأَمرِ دُونَهُم ، خَبِّرني ماتُريدُ أن تَصنَعَ ؟
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وَاللَّهِ لَقَد حَدَّثتُ نَفسي بِإِتيانِ الكوفَةِ ، ولَقَد كَتَبَ إلَيَّ شيعَتي بِها وأشرافُ أهلِها ، وأستَخيرُ اللَّهَ . فَقالَ لَهُ ابنُ الزُّبَيرِ : أما لَو كانَ لي بِها مِثلُ شيعَتِكَ ما عَدَلتُ بِها .
قالَ : ثُمَّ إنَّهُ خَشِيَ أن يَتَّهِمَهُ فَقالَ : أما إنَّكَ لَو أقَمتَ بِالحِجازِ ، ثُمَّ أرَدتَ هذَا الأَمرَ هاهُنا ، ما خولِفَ عَلَيكَ إن شاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ قامَ فَخَرَجَ مِن عِندِهِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : ها إنَّ هذا لَيسَ شَي‏ءٌ يُؤتاهُ مِنَ الدُّنيا أحَبَّ إلَيهِ مِن أن أخرُجَ مِنَ الحِجازِ إلَى العِراقِ ، وقَد عَلِمَ أنَّهُ لَيسَ لَهُ مِنَ الأَمرِ مَعي شَي‏ءٌ ، وأنَّ النّاسَ لَم يَعدِلوهُ بي ، فَوَدَّ أنّي خَرَجتُ مِنها لِتَخلُوَ لَهُ .
قالَ : فَلَمّا كانَ مِنَ العَشِيِّ - أو مِنَ الغَدِ - أتَى الحُسَينَ عليه السلام عَبدُ اللَّهِ بنُ العَبّاسِ ، فَقالَ : يَا بنَ عَمِّ ، إنّي أتَصَبَّرُ ولا أصبِرُ ، إنّي أتَخَوَّفُ عَلَيكَ في هذَا الوَجهِ الهَلاكَ وَالاِستِئصالَ ، إنَّ أهلَ

1.أرجف القوم : أكثروا من الأخبار السيّئة واختلاق الأقوال الكاذبة (المصباح المنير : ص ۲۲۰ «رجف») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
488

يُقاتِلَهُ إن قَدَرَ عَلَيهِ ، فَخَرَجَ الحُسَينُ عليه السلام يَومَ التَّروِيَةِ .۱

۵۹۰.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن الفرزدق : لَقيتُ حُسَيناً عليه السلام ، فَقُلتُ : بِأَبي أنتَ ! لَو أقَمتَ حَتّى‏ يَصدُرَ النّاسُ لَرَجَوتُ أن يَتَقَصَّفَ‏۲ أهلُ المَوسِمِ مَعَكَ ، فَقالَ : لَم آمَنهُم يا أبا فِراسٍ .۳

۵۹۱.الإرشاد : لَمّا أرادَ الحُسَينُ عليه السلام التَّوَجُّهَ إلَى العِراقِ ، طافَ بِالبَيتِ وسَعى‏ بَينَ الصَّفا وَالمَروَةِ ، وأحَلَّ مِن إحرامِهِ وجَعَلَها عُمرَةً ؛ لِأَنَّهُ لَم يَتَمَكَّن مِن تَمامِ الحَجِّ ؛ مَخافَةَ أن يُقبَضَ عَلَيهِ بِمَكَّةَ فَيُنفَذَ إلى‏ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، فَخَرَجَ عليه السلام مُبادِراً بِأَهلِهِ ووُلدِهِ ومَنِ انضَمَّ إلَيهِ مِن شيعَتِهِ ، ولَم يَكُن خَبَرُ مُسلِمٍ قَد بَلَغَهُ ؛ لِخُروجِهِ يَومَ خُروجِهِ عَلى‏ ما ذَكَرناهُ .
فَرُوِيَ عَنِ الفَرَزدَقِ الشّاعِرِ أنَّهُ قالَ : حَجَجتُ بِاُمّي في سَنَةِ سِتّينَ ، فَبَينا أنَا أسوقُ بَعيرَها حينَ دَخَلتُ الحَرَمَ ، إذ لَقيتُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام خارِجاً مِن مَكَّةَ ، مَعَهُ أسيافُهُ وتِراسُهُ .۴
فَقُلتُ : لِمَن هذا القِطارُ۵ ؟ فَقيلَ : لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَتَيتُهُ فَسَلَّمتُ عَلَيهِ ، وقُلتُ لَهُ : أعطاكَ اللَّهُ سُؤلَكَ وأَمَلَكَ فيما تُحِبُّ ، بِأَبي أنتَ واُمّي يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! ما أعجَلَكَ عَنِ الحَجِّ ؟
فَقالَ : لَو لَم أعجَل لَاُخِذتُ .۶

1.الملهوف (إعداد عبد الزهراء عثمان محمّد) : ص ۵۸ .

2.يَتَقَصَّفُ عليه الناس : أي يزدحمون (النهاية : ج ۴ ص ۷۳ «قصف») .

3.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۵۵ ح ۴۳۸ .

4.التُّرس من السلاح : المتوقّى بها ، الجمع تِراس (تاج العروس : ج ۸ ص ۲۱۵ «ترس») .

5.القِطارُ : قِطارُ الإبل (الصحاح : ج ۲ ص ۷۹۶ «قطر») .

6.الإرشاد : ج ۲ ص ۶۷ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۵ ، مثير الأحزان : ص ۳۸ و ص ۴۰ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۶۳ و ص ۳۶۵ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970334
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به