509
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

في موسم الحجّ :
إنّه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنّه عليه السلام هرب من المدينة - خوفاً من القتل - إلى مكّة ، وكذا خرج من مكّة بعدما غلب على ظنّه أنّهم يريدون غيلته وقتله ، حتّى لم يتيسّر له - فداه نفسي وأبي واُمّي وولدي - أن يتمّ حجّه ، فتحلّل وخرج منها خائفاً يترقّب ، وقد كانوا لعنهم اللَّه ضيّقوا عليه جميع الأقطار ، ولم يتركوا له موضعاً للفرار .
ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة أنّ يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم وولّاه أمر الموسم وأمّره على الحاجّ كلّهم ، وكان قد أوصاه بقبض الحسين عليه السلام سرّاً ، وإن لم يتمكّن منه بقتله غيلة ، ثم إنّه دسّ مع الحاجّ في تلك السنة ثلاثين رجلاً من شياطين بني اُمية ، وأمرهم بقتل الحسين عليه السلام على أيّ حالٍ اتّفقَ ، فلمّا علم الحسين عليه السلام بذلك حلّ من إحرام الحجّ ، وجعلها عمرةً مفردةً .۱
ولكنّ هذا الكلام لا يمكن الأخذ به للأسباب التالية :
أوّلاً : إنّ رواية معاوية بن عمّار ، وكذلك إبراهيم بن عمير اليماني - المعتبرتان من حيث السند - تدلّان بوضوح على أنّ عمرة الإمام الحسين عليه السلام كانت عمرة مفردة لا عمرة تمتّع ، وعلى هذا فإنّ الإمام عليه السلام لم يكن محرماً أساساً عند خروجه من مكّة ، ولم يكن يواجه مشكلة من هذه الناحية ، ويفيد نصّ رواية معاوية بن عمار بأنّه سأل الإمام الصادق عليه السلام :
من أين افترق المتمتّع والمعتمر ؟ فقال :
إنَّ المُتَمَتِّعَ مُرتَبِطٌ بِالحَجِّ ، وَالمُعتَمِرُ إذا فَرَغَ مِنها ذَهَبَ حَيثُ شاءَ ، وقَدِ اعتَمَرَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام في ذِي الحِجَّةِ ثُمَّ راحَ يَومَ التَّروِيَةِ إلَى العِراقِ ، وَالنّاسُ يَروحونَ إلى‏ مِنى‏ ، ولا بَأسَ بِالعُمرَةِ في ذي الحِجَّةِ لِمَن لا يُريدُ الحَجَّ .۲
ثانياً : لا يصحّ من الناحية الفقهية تغيير إحرام الحجّ إلى العمرة ، والشخص المحرم بإحرام الحجّ يخرج من الإحرام بالتضحية إذا ما منعه شي‏ء منه .۳ ولا يتغيّر حجّه إلى العمرة ، ولذلك

1.بحار الأنوار : ج‏۴۵ ص ۹۹ .

2.الكافي : ج ۴ ص ۵۳۵ ح ۴ ، تهذيب الأحكام : ج ۵ ص ۴۳۷ ح ۱۵۱۹ وراجع : ص ۴۳۶ ح ۱۵۱۶ والكافي : ج ۴ ص ۵۳۵ ح ۳ .

3.راجع : تهذيب الأحكام : ج ۱۲ ص ۳۴۹ وتقريرات الحجّ للگلپايگاني : ج ۱ ص ۵۸ و كتاب الحجّ للداماد : ج ۱ ص ۳۳۳ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
508

ملاحظة تاريخية وفقهية حول خروج الإمام من مكة

وفيما يتعلّق بخروج الإمام من مكّة في العشرة الاُولى من ذي الحجّة ، هناك ملاحظة تاريخية واُخرى فقهيّة تسترعيان الاهتمام بهما :

1 . الملاحظة التاريخية

يبدو أنّ خروج الإمام الحسين عليه السلام في العشرة الاُولى من ذي الحجّة متّفق عليه بين المؤرّخين ، ولكنّ هناك اختلافاً بشأن التاريخ الدقيق لخروج الإمام عليه السلام ، فقد رويت أيّام مختلفة لخروجه ، وهي : اليوم الثالث‏۱ ، اليوم السابع‏۲ ، اليوم الثامن‏۳ واليوم التاسع‏۴ من شهر ذي الحجّة ، ولكنّ الأشهَر والأصحّ أنّ الإمام خرج من مكّة في يوم التروية ؛ أي الثامن من ذي الحجّة ، والرواية الصحيحة التي نقلها معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام‏۵تؤيّد هذا الرأي .

2 . الملاحظة الفقهية

اشتهر أنّ الإمام الحسين عليه السلام غيّر في يوم التروية حَجّه إلى العمرة وخرج من مكّة ، ويبدو أنّ المصدر الرئيس لهذه الشهرة هو ما ذكره بعض أرباب المقاتل وأصحاب السير ، ۶ ومن جملتهم العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه ، حيث قال في بيان سبب خروج الإمام من المدينة إلى مكّة ، ومن مكّة

1.راجع : ص ۵۰۷ ح ۶۳۰ و ۶۳۱ .

2.الكافي : ج‏۴ ص‏۵۳۵ ح‏۳ ، تذكرة الخواصّ : ص‏۲۴۰ وراجع: هذا الكتاب : ص‏۵۰۵ ح‏۶۲۴.

3.راجع : ص ۵۰۵ ح ۶۲۵ و ص ۵۰۷ ح ۶۳۰ .

4.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۷۱ وراجع : هذا الكتاب : ص ۵۰۶ ح ۶۲۹ .

5.راجع : ص ۵۰۵ ح ۶۲۶ .

6.في الإرشاد : لمّا أراد الحسين عليه السلام التوجّه إلى العراق ، طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، وأحلّ من إحرامه وجعلها عمرة ؛ لأنّه لم يتمكّن من تمام الحجّ (راجع : الإرشاد : ج ۲ ص ۶۷ و إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۵ و روضة الواعظين : ص ۱۹۶ و مثير الأحزان : ص ۳۸ و ص ۴۰) .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1969907
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به