الطَّوافِ ، وهُوَ مَعَ ابنِ شُبُرمَةَ ، قالَ : أخبَرَني أبي ، قالَ : خَرَجنا حُجّاجاً فَلَمّا كُنّا بِالصِّفاحِ ، إذا نَحنُ بِرَكبٍ عَلَيهِمُ اليَلامِقُ۱ومَعَهُمُ الدَّرَقُ۲ ، فَلَمّا دَنَوتُ مِنهُم إذا أنَا بِحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقُلتُ : أي أبا عَبدِ اللَّهِ! قالَ : يا فَرَزدَقُ ما وَراءَكَ ؟ قالَ : أنتَ أحَبُّ النّاسِ ، وَالقَضاءُ فِي السَّماءِ ، وَالسُّيوفُ مَعَ بَني اُمَيَّةَ .
قالَ : ثُمَّ دَخَلنا مَكَّةَ ، فَلَمّا كُنّا بِمِنىً قُلتُ لَهُ : لَو أتَينا عَبدَ اللَّهِ بنَ عَمروٍ فَسَأَلناهُ عَن حُسَينٍ وعَن مَخرَجِهِ . فَأَتَينا مَنزِلَهُ بِمِنىً ، فَإِذا نَحنُ بِصِبيَةٍ لَهُ سودٍ مُوَلَّدينَ يَلعَبونَ ، قُلنا : أينَ أبوكُم ؟ قالوا : فِي الفُسطاطِ يَتَوَضَّأُ .
فَلَم نَلبَث أن خَرَجَ عَلَينا مِن فُسطاطِهِ ، فَسَأَلناهُ عَن حُسَينٍ عليه السلام فَقالَ : أما إنَّهُ لا يَحيكُ فيهِ السِّلاحُ ، قالَ : فَقُلتُ لَهُ : تَقولُ هذا فيهِ ، وأنتَ الَّذي قاتَلتَهُ وأباهُ ! فَسَبَّني وسَبَبتُهُ .
ثُمَّ خَرَجنا حَتّى أتَينا ماءً لَنا يُقالُ لَهُ «تعشار» ، فَجَعَلَ لا يَمُرُّ بِنا أحَدٌ إلّا سَأَلناهُ عَن حُسَينٍ عليه السلام ، حَتى مَرَّ بِنا رَكبٌ فَنادَيناهُم : ما فَعَلَ حُسَينُ بنُ عَلِيٍّ ؟
قالوا : قُتِلَ . فَقُلتُ : فَعَلَ اللَّهُ بِعَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرٍو وفَعَلَ .
قالَ سُفيانُ : ذَهَبَ الفَرَزدَقُ إلى غَيرِ المَعنى - أو قالَ : الوَجهِ - إنَّما قالَ : لا يَحيكُ فيهِ السِّلاحُ ولا يَضُرُّهُ القَتلُ مَعَ ما قَد سَبَقَ لَهُ .۳
۶۶۴.الإرشاد عن الفرزدق : حَجَجتُ بِاُمّي في سَنَةِ سِتّينَ ، فَبَينا أنَا أسوقُ بَعيرَها حينَ دَخَلتُ الحَرَمَ إذ لَقيتُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام خارِجاً مِن مَكَّةَ ، مَعَهُ أسيافُهُ وتِراسُهُ .
فَقُلتُ : لِمَن هذَا القِطارُ ؟ فَقيلَ : لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَتَيتُهُ فَسَلَّمتُ عَلَيهِ وقُلتُ لَهُ : أعطاكَ اللَّهُ سُؤلَكَ ، وأمَّلَكَ فيما تُحِبُّ ، بِأَبي أنتَ واُمّي يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! ما أعجَلَكَ عَنِ الحَجِّ ؟
فَقالَ : لَو لَم أعجَل لَاُخِذتُ ، ثُمَّ قالَ لي : مَن أنتَ ؟ قُلتُ : اُمُرؤٌ مِنَ العَرَبِ ، فَلا وَاللَّهِ ما
1.اليَلْمَقْ : القباء - فارسي - (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۹۱ «يَلْمَق») .
2.الدَّرَقُ : ضرب من الترسة ، الواحدة دَرَقَة تتَّخذ من الجلد (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۹۵ «درق») .
3.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۵۲ الرقم ۴۳۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۲ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۲ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۱۲ كلاهما نحوه وراجع : أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۷۶ وسير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۲۹۸ .