543
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

زادُكَ وجَهازُكَ ومُتعَةٌ لِعِيالِكَ ، فَقالَ : مِن أينَ لي بِراحِلَةٍ ؛ فَإِنَّ راحِلَتي قَد أنضَيتُها۱ ؟ قالَ : هذِهِ راحِلَةٌ فَاركَبها بِرَحلِها .
ثُمَّ خَرَجَ فَاستَقبَلَهُ بِزُبالَةَ ، لِأَربَعِ لَيالٍ ، فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ ، وبَلَّغَهُ الرِّسالَةَ .
فَقالَ لَهُ حُسَينٌ عليه السلام : كُلُّ ما حُمَ‏۲ نازِلٌ ، وعِندَ اللَّهِ نَحتَسِبُ أنفُسَنا وفَسادَ اُمَّتِنا .۳

۶۹۰.الأخبار الطوال : لَمّا رَحَلَ الحُسَينُ عليه السلام مِن زَرودَ تَلَقّاهُ رَجُلٌ مِن بَني أسَدٍ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الخَبَرِ ، فَقالَ : لَم أخرُج مِنَ الكوفَةِ حَتّى‏ قُتِلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ وهانِئُ بنُ عُروَةَ ، ورَأَيتُ الصِّبيانَ يَجُرّونَ بِأَرجُلِهِما . فَقالَ : «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» !۴عِندَ اللَّهِ نَحتَسِبُ أنفُسَنا .
فَقالَ لَهُ : أنشُدُكَ اللَّهَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ في نَفسِكَ ، وأنفُسِ أهلِ بَيتِكَ هؤُلاءِ الَّذينَ نَراهُم مَعَكَ ، اِنصَرِف إلى‏ مَوضِعِكَ ودَعِ المَسيرَ إلَى الكوفَةِ ، فَوَاللَّهِ ما لَكَ بِها ناصِرٌ .
فَقالَ بَنو عَقيلٍ - وكانوا مَعَهُ - : ما لَنا فِي العَيشِ بَعدَ أخينا مُسلِمٍ حاجَةٌ ، ولَسنا بِراجِعينَ حَتّى‏ نَموتَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَما خَيرٌ فِي العَيشِ بَعدَ هؤُلاءِ . وسارَ ، فَلَمّا وافى‏ زُبالَةَ وافاهُ بِها رَسولُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وعُمَرَ بنِ سَعدٍ بِما كانَ سَأَلَهُ مُسلِمٌ أن يَكتُبَ بِهِ إلَيهِ مِن أمرِهِ ، وخِذلانِ أهلِ الكوفَةِ إيّاهُ ، بَعدَ أن بايَعوهُ ، وقَد كانَ مُسلِمٌ سَأَلَ مُحَمَّدَ بنَ الأَشعَثِ ذلِكَ .
فَلَمّا قَرَأَ الكِتابَ استَيقَنَ بِصِحَّةِ الخَبَرِ ، وأفظَعَهُ قَتلُ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وهانِئِ بنِ عُروَةَ ، ثُمَّ أخبَرَهُ الرَّسولُ بِقَتلِ قَيسِ بنِ مُسهِرٍ رَسولِهِ الَّذي وَجَّهَهُ مِن بَطنِ الرُّمَّةِ .
وقَد كانَ صَحِبَهُ قَومٌ مِن مَنازِلِ الطَّريقِ ، فَلَمّا سَمِعوا خَبَرَ مُسلِمٍ ، وقَد كانوا ظَنّوا أنَّهُ يَقدَمُ عَلى‏ أنصارٍ وعَضُدٍ ، تَفَرَّقوا عَنهُ ، ولَم يَبقَ مَعَهُ إلّا خاصَّتُهُ .۵

1.ينضيه : أي يهزله ويجعله نضواً . والنِّضو : الدابّة التي أهزلتها الأسفار ، وأذهبت لحمها (النهاية : ج ۵ ص ۷۲ «نضا») .

2.حُمَّ : قُدِّرَ (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۰۴ «حمم») .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۴ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۳ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۱ كلاهما نحوه وراجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۴۲ و بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۳ .

4.البقرة : ۱۵۶ .

5.الأخبار الطوال : ص ۲۴۷ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۲۱ وراجع : المحن : ص ۱۴۶ والإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۱۱ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
542

ثَأرَنا ، أو نَذوقَ ما ذاقَ .
فَأَقبَلَ عَلَينَا الحُسَينُ عليه السلام وقالَ : لا خَيرَ فِي العَيشِ بَعدَ هؤُلاءِ . فَعَلِمنا أنَّهُ قَد عَزَمَ رَأيَهُ عَلَى المَسيرِ ، فَقُلنا لَهُ : خارَ اللَّهُ لَكَ ! فَقالَ : رَحِمَكُمَا اللَّهُ !
فَقالَ لَهُ أصحابُهُ : إنَّكَ وَاللَّهِ ما أنتَ مِثلَ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، ولَو قَدِمتَ الكوفَةَ لَكانَ النّاسُ إلَيكَ أسرَعَ . فَسَكَتَ ثُمَّ انتَظَرَ حَتّى‏ إذا كانَ السَّحَرُ قالَ لِفِتيانِهِ وغِلمانِهِ : أكثِروا مِنَ الماءِ . فَاستَقَوا وأكثَروا ثُمَّ ارتَحَلوا ، فَسارَ حَتَّى انتَهى‏ إلى‏ زُبالَةَ۱ .۲

۶۸۹.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن قدامة بن سعيد بن زائدة بن قدامة الثقفي‏- في ذِكرِ ماجَرى‏ عَلى‏ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وأسرِهِ عَلى‏ يَدِ مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ -: ثُمَّ أقبَلَ [مُسلِمٌ ]عَلى‏ مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ فَقالَ : يا عَبدَ اللَّهِ ، إنّي أراكَ وَاللَّهِ سَتَعجِزُ عَن أماني ، فَهَل عِندَكَ خَيرٌ ؟ تَستَطيعُ أن تَبعَثَ مِن عِندِكَ رَجُلاً عَلى‏ لِساني يُبَلِّغُ حُسَيناً - فَإِنّي لا أراهُ إلّا قَد خَرَجَ إلَيكُمُ اليَومَ مُقبِلاً ، أو هُوَ يَخرُجُ‏۳غَداً هُوَ وأهلُ بَيتِهِ ، وإنَّ ماتَرى‏ مِن جَزَعي لِذلِكَ - فَيَقولُ : إنَّ ابنَ عَقيلٍ بَعَثَني إلَيكَ ، وهُوَ في أيدِي القَومِ أسيرٌ ، لا يَرى‏ أن تَمشِيَ حَتّى‏ تُقتَلَ ، وهُوَ يَقولُ : اِرجِع بِأَهلِ بَيتِكَ ، ولا يَغُرُّكَ أهلُ الكوفَةِ ؛ فَإِنَّهُم أصحابُ أبيكَ الَّذي كانَ يَتَمَنّى‏ فِراقَهُم بِالمَوتِ أوِ القَتلِ ؛ إنَّ أهلَ الكوفَةِ قَد كَذَّبوكَ وكَذَّبوني ، ولَيسَ لِمُكَذَّبٍ رَأيٌ ؛ فَقالَ ابنُ الأَشعَثِ : وَاللَّهِ لَأَفعَلَنَّ ، ولَاُعلِمَنَّ ابنَ زِيادٍ أنّي قَد أمَّنتُكَ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَني جَعفَرُ بنُ حُذَيفَةَ الطائِيُّ - وقَد عَرَفَ سَعيدُ بنُ شَيبانَ الحَديثَ - قالَ : دَعا مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ إياسَ بنَ العَثِلِ الطائِيَّ مِن بَني مالِكِ بنِ عَمرِو بنِ ثُمامَةَ - وكانَ شاعِراً - وكانَ لِمُحَمَّدٍ زَوّاراً .
فَقالَ لَهُ : اِلقَ حُسَيناً فَأَبلِغهُ هذَا الكِتابَ ، وكَتَبَ فيهِ الَّذي أمَرَهُ ابنُ عَقيلٍ ، وقالَ لَهُ : هذا

1.زُبَالَة : منزل معروف بطريق مكّة من الكوفة (معجم البلدان : ج ۳ ص ۱۲۹) وراجع : الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .

2.الإرشاد : ج ۲ ص ۷۳ ، روضة الواعظين : ص ۱۹۷ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۲ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۹۷ عن عبد اللَّه بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديّين ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۸ نحوه وراجع : إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۷، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۹، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۱۱ .

3.في المصدر : «خَرَجَ» ، والصواب ما أثبتناه .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970964
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به