زادُكَ وجَهازُكَ ومُتعَةٌ لِعِيالِكَ ، فَقالَ : مِن أينَ لي بِراحِلَةٍ ؛ فَإِنَّ راحِلَتي قَد أنضَيتُها۱ ؟ قالَ : هذِهِ راحِلَةٌ فَاركَبها بِرَحلِها .
ثُمَّ خَرَجَ فَاستَقبَلَهُ بِزُبالَةَ ، لِأَربَعِ لَيالٍ ، فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ ، وبَلَّغَهُ الرِّسالَةَ .
فَقالَ لَهُ حُسَينٌ عليه السلام : كُلُّ ما حُمَ۲ نازِلٌ ، وعِندَ اللَّهِ نَحتَسِبُ أنفُسَنا وفَسادَ اُمَّتِنا .۳
۶۹۰.الأخبار الطوال : لَمّا رَحَلَ الحُسَينُ عليه السلام مِن زَرودَ تَلَقّاهُ رَجُلٌ مِن بَني أسَدٍ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الخَبَرِ ، فَقالَ : لَم أخرُج مِنَ الكوفَةِ حَتّى قُتِلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ وهانِئُ بنُ عُروَةَ ، ورَأَيتُ الصِّبيانَ يَجُرّونَ بِأَرجُلِهِما . فَقالَ : «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» !۴عِندَ اللَّهِ نَحتَسِبُ أنفُسَنا .
فَقالَ لَهُ : أنشُدُكَ اللَّهَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ في نَفسِكَ ، وأنفُسِ أهلِ بَيتِكَ هؤُلاءِ الَّذينَ نَراهُم مَعَكَ ، اِنصَرِف إلى مَوضِعِكَ ودَعِ المَسيرَ إلَى الكوفَةِ ، فَوَاللَّهِ ما لَكَ بِها ناصِرٌ .
فَقالَ بَنو عَقيلٍ - وكانوا مَعَهُ - : ما لَنا فِي العَيشِ بَعدَ أخينا مُسلِمٍ حاجَةٌ ، ولَسنا بِراجِعينَ حَتّى نَموتَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَما خَيرٌ فِي العَيشِ بَعدَ هؤُلاءِ . وسارَ ، فَلَمّا وافى زُبالَةَ وافاهُ بِها رَسولُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وعُمَرَ بنِ سَعدٍ بِما كانَ سَأَلَهُ مُسلِمٌ أن يَكتُبَ بِهِ إلَيهِ مِن أمرِهِ ، وخِذلانِ أهلِ الكوفَةِ إيّاهُ ، بَعدَ أن بايَعوهُ ، وقَد كانَ مُسلِمٌ سَأَلَ مُحَمَّدَ بنَ الأَشعَثِ ذلِكَ .
فَلَمّا قَرَأَ الكِتابَ استَيقَنَ بِصِحَّةِ الخَبَرِ ، وأفظَعَهُ قَتلُ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وهانِئِ بنِ عُروَةَ ، ثُمَّ أخبَرَهُ الرَّسولُ بِقَتلِ قَيسِ بنِ مُسهِرٍ رَسولِهِ الَّذي وَجَّهَهُ مِن بَطنِ الرُّمَّةِ .
وقَد كانَ صَحِبَهُ قَومٌ مِن مَنازِلِ الطَّريقِ ، فَلَمّا سَمِعوا خَبَرَ مُسلِمٍ ، وقَد كانوا ظَنّوا أنَّهُ يَقدَمُ عَلى أنصارٍ وعَضُدٍ ، تَفَرَّقوا عَنهُ ، ولَم يَبقَ مَعَهُ إلّا خاصَّتُهُ .۵
1.ينضيه : أي يهزله ويجعله نضواً . والنِّضو : الدابّة التي أهزلتها الأسفار ، وأذهبت لحمها (النهاية : ج ۵ ص ۷۲ «نضا») .
2.حُمَّ : قُدِّرَ (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۰۴ «حمم») .
3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۴ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۳ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۱ كلاهما نحوه وراجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۴۲ و بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۳ .
4.البقرة : ۱۵۶ .
5.الأخبار الطوال : ص ۲۴۷ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۲۱ وراجع : المحن : ص ۱۴۶ والإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۱۱ .